23 ديسمبر، 2024 5:06 ص

في عاشوراء … هل نُحييّ ذكرى الطف أم ثورة الإصلاح ؟

في عاشوراء … هل نُحييّ ذكرى الطف أم ثورة الإصلاح ؟

ها قد أقبل شهر محرم الدم والشهادة والثورة على الظلم والطغيان والفساد وأقبلت معه الإعدادات والترتيبات من قبل المسلمين في كل العالم وخصوصاً في العراق, حيث يتسابق المسلمون في إعداد المواكب والتكيات والهيئات الخدمية والإعداد لإقامة مجالس العزاء, ويتسابق أصحاب المواكب على الترتيب مع أفضل قراء المنابر والخطباء ممن يملكون الصوت الشجي والرادود الحسيني صاحب الحنجرة القوية من أجل إحياء ذكرى معركة الطف الخالدة مع رفع شعار ” الحسين عَبرَة وعِبرَة ” وهنا يأتي سؤال يفرض نفسه هو : ما هو الجديد في الأمر ؟ ففي كل سنة مرت علينا يحصل هذا التسابق من قبل ملايين الناس بين صاحب موكب وبين معزي والحال الذي يعيشه العراقيون من سيء إلى أسوأ دون أي تحسن ولو على أبسط المستويات ولم يحصل شيء سوى البكاء وإحياء ذكرى الطف ومقتل الإمام الحسين ” عليه السلام ” حيث تم تطبيق جزء واحد من الشعار وهو العَبرة !!…

لكن الجزء الآخر من الشعار وهو ” العِبرة ” والتي تعني التأسي بالحسين ” عليه السلام ” وأخذ العبرة من ثورته في محاربة الفساد بكل أشكاله من أجل إصلاح حال الأمة لم نجد له أي تطبيق, بل الأدهى من ذلك نجد هناك العديد من الذين يسمون أنفسهم ( حسينيون ) هم ممن يدعمون الفساد ورموزه ويؤسسون له وبأموالهم السحت يؤسسون المواكب ويبنون الحسينيات !! فهل هذه هي العبرة التي أخذت من ثورة الإصلاح الحسيني ؟ فواقع الحال يؤكد بأن إحياء ذكرى عاشوراء في العراق هو إحياء لمعركة وقعت منذ مئات السنين قتل فيها سبط النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” مع عياله وركز أغلب الإعلام الحسيني العراقي على هذا الجانب فقط, فكان إحياء لذكرى واقعة الطف ولعملية القتل والسبي التي حصلت في تلك الواقعة وليس إحياء للدروس والعبر التي سُطرت في هذه الملحمة التاريخية…

وعلى ضوء ما تقدم هنا نطرح ما طرحه أحد ألمع وأبرز رجال الدين في التحقيق التاريخي والديني من أسئلة وإستفهامات وذلك بقوله {{… قال الإمام الحسين ((عليه السلام)) { .. إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإِصلاح في امة جدي (( صلى الله عليه وآله وسلم )) ،أريد أن آمر بالمعروف وانهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي ابن أبي طالب ((عليهما السلام))، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين،…} والآن لنسأل أنفسنا : هل نحن حسينيون ؟ هل نحن محمدّيون؟ هل نحن مسلمون رساليون؟ ولنسأل أنفسنا :هل نحن في جهل وظلام وغرور وغباء وضلال؟ أو نحن في وعي وفطنة وذكاء وعلم ونور وهداية وإيمان؟ إذن لنكن صادقين في نيل رضا الإله رب العالمين وجنة النعيم ، ولنكن صادقين في حب الحسين وجدّه الأمين ((عليهما وآلهما الصلاة والسلام والتكريم)) بالإتباع والعمل وفق وطبق الغاية والهدف الذي خرج لتحقيقه الحسين ((عليه السلام )) وضحّى من أجله بصحبه وعياله ونفسه ، انه الإصلاح ، الإصلاح في امة جدِّ الحسين الرسول الكريم ((عليه وآله الصلاة والسلام)).

وهنا لابد من أن نتوجه لأنفسنا بالسؤال ، هل أننا جعلنا الشعائر الحسينية المواكب والمجالس والمحاضرات واللطم والزنجيل والتطبير والمشي والمسير إلى كربلاء والمقدسات هل جعلنا ذلك ومارسناه وطبقناه على نحو العادة والعادة فقط وليس لأنه عبادة وتعظيم لشعائر الله تعالى وتحصين الفكر والنفس من الانحراف والوقوع في الفساد والإفساد فلا نكون في إصلاح ولا من أهل الصلاح والإصلاح، فلا نكون مع الحسين الشهيد ولا مع جدّه الصادق الأمين ((عليهما الصلاة والسلام )).

إذن لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية نثبت فيها ومنها وعليها صدقاً وعدلاً الحب والولاء والطاعة والامتثال والانقياد للحسين (عليه السلام) ورسالته ورسالة جدّه الصادق الأمين ((عليه وعلى آله الصلاة والسلام)) في تحقيق السير السليم الصحيح الصالح في إيجاد الصلاح والإصلاح ونزول رحمة الله ونعمه على العباد ما داموا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينالهم رضا الله وخيره في الدنيا ودار القرار….}}.

ونحن هنا لا ندعو إلى ترك الشعائر الحسينية في العزاء وإحياء هذه الذكرى المفجعة لكن ندعو إلى أن يكون إحياء ذكرى عاشوراء هو إحياءً لكل جوانبها وأن يُطبق شعار ” العَبرة والعِبرة ” بصورة تامة وليس بتطبيق واحدة وترك الأخرى.