8 أبريل، 2024 5:35 ص
Search
Close this search box.

في ظل الفساد ونهب المال العام

Facebook
Twitter
LinkedIn

نافذة بيع العملة —– غير موجودة في كل دول العالم باستثناء العراق
وجه رئيس الادعاء العام، القاضي موفق محمود محمد صالح، محكمة تحقيق الرصافة بـاجراء تحقيق اصولي بشأن قضية نافذة بيع العملة في البنك المركزي,,ويأتي هذا التوجيه، بعد طلب نيابي تقدم به عضو اللجنة المالية النيابية، محمد صاحب الدراجي، الى الادعاء يتضمن شكوى قضائية ومطالبة بفتح تحقيق حول النافذة- وتضمنت الوثيقة الصادرة من مجلس القضاء الاعلى، رئاسة الادعاء العام، توجيه محكمة تحقيق الرصافة المختصة بقضايا النزاهة وغسيل الاموال والجريمة الاقتصادية باجراء التحقيق الاصولي بشأن كتاب صادر من مكتب عضو مجلس النواب محمد صاحب الدراجي بشأن مزاد العملة واعلامنا باجراءاتكم القانونية المتخذة في القضية بالسرعة الممكنة
وقال الدراجي إنه حفاظا على الاقتصاد العراقي، وبعد خمسة أعوام من المحاولات الحثيثة تنفيذياً وتشريعياً ورقابياً لوقف نزيف العملة، لم اجد غير القضاء كملجأ أخير، مبينا “تقدمتُ بشكوى ضد الهدر الحاصل في نافذة بيع العملة ونقص الإيرادات,, واكد الدراجي “لا أستهدف احدا ولا أجامل احدا، ولا غاية لي سوى ايقاف تهريب العملة الصعبةتحويلها من البنك المركزي إلى وزارة المالية-كما أكدت اللجنة المالية في مجلس النواب ضرورة إعادة النظر بمزاد العملة، فيما دعت إلى تحويله لوزارة المالية
ودعت اللجنة المالية البرلمانية على لسان عدد من أعضائها إلى إعادة النظر بموضوع مزاد العملة، وقال عضو اللجنة أحمد الصفار في تصريح للوكالة الرسمية العراقية إن مسألة نافذة العملة للبنك المركزي غير موجودة في كل دول العالم باستثناء العراق – مزاد العملة أصبح عائق كبير امام تحرر الاقتصاد العراقي ومجرد واجهة لتمويل عمليات تهريب العملة خصوصا في العام الحالي بعد أن تراجعت الإيرادات من النفط الخام بشكل كبير- المزاد يقوم ببيع أرقام كبيرة من الدولارات يوميا تفوق حاجة الاقتصاد العراقي ولا يعود منها كبضائع إلا بنسب لا تتجاوز ال٤٠ أو ٥٠ في المئة في أفضل الأحوال والباقي يذهب لدول الجوار خصوصا تركيا وإيران!! ويبيع المصرف الدولار الأميركي بسعر 1182 دينارا مقابل كل دولار، لكن سعر الصرف في الأسواق العراقية يبلغ نحو 1250 دينار لكل دولار، وتستفيد شركات الصرافة من فرق العملة,, البنك المركزي يبيع نحو 200 مليون دولار يوميا من العملة، وهي أكبر بكثير من استهلاك السوق العراقية أو حاجتها إليها, هناك فعليا فارقا بحدود 30 مليار دولار بين حجم الحوالات إلى الخارج وبين قيمة البضائع الداخلة مما يدل على أن مزاد العملة لا يقوم بواجبه الصحيح لتوفير أموال لغرض الاستيراد, ناهيك ان النظام المالي الحالي غير مرتبط بحوالات البنك المركزي بهيئة الكمارك لمعرفة إن كانت الأموال المحولة إلى الخارج عن طريق المزاد تدخل إلى العراق على شكل بضائع!!
وكانت هيئة النزاهة العراقية قد كشفت أواخر العام الماضي، تفاصيل قضايا جزائية متعلقة بملف “مزاد العملة” التي تتولى التحقيق فيها، وتحدثت عن “ثلاثة حيل” مختلفة استخدمتها مصارف حكومية، بينها استخدام حسابات اشخاص من دون علمهم وإيداع صكوك لآخرين لا يمتلكون رصيدا- وبحسب هيئة النزاهة فإن القضايا شملت مصارف أهلية وحكومية، ادعى بعضها استيراده لبضائع داخل العراق لكنه “لم يدخل أي مادة إلى العراق منذ عام 2004″، بحسب بيان الهيئة- كما ان الهيئة قد أصدرت بياناً في 11 ديسمبر (كانون الأول) عام 2019 يتحدث عن تفاصيل القضايا الجزائية المتعلقة بملف “مزاد العملة”، حيث قالت إن “من تلك القضايا حالات فساد كبرى في عمل أحد المصارف الأهلية ومؤشرات لحالات تهريب العملة الأجنبية خارج العراق؛ عبر قيام المصرف بشراء العملة الأجنبية لمصلحة شركات بزعم استيراد بضائع، لافتة إلى أنه لدى التحري والتدقيق تبين أن “تلك الشركات لم تقم بإدخال بضائع للعراق منذ عام 2004″وأوضحت أن “القضايا شملت قيام بعض المصارف الحكومية والأهلية بالتزوير ودخول مزاد بيع العملة بأسماء شركات وأصحاب حسابات خاصة دون علمهم، وتقديم فواتير استيراد مزورة، فضلاً عن إقدامها على مخالفة تعليمات البنك المركزي عند الدخول في المزاد وفق أحكام المادة الـ 3 من قانون غسل الأموال رقم 93 لسنة 2004
وتتمحور الفكرة الأساسية لمزاد العملة حول “بيع الدولار إلى المصارف الأهلية وشركات التحويل المالي لإدارة عملية استيراد البضائع” وتصل مبيعاته من الدولار يومياً إلى حدود 180 مليون دولار، لكن شبهات عدة تطال شخصيات سياسية نافذة بالوقوف وراء تلك المصارف لإدارة عمليات فساد.وكانت وزارة الخزانة قد أدرجت مصارف عراقية – تتعامل مع المزاد – في لائحة العقوبات في أكثر من مناسبة – ويؤكد مختصون ان مزاد العملة بشكله الحالي يخدم مصارف كثيرة تابعة لجهات مؤثرة ويعطيها أرباحا مهمة تستطيع معها مواجهة انقطاع التمويل عنها خصوصا وأن فروقات البيع كبيرة بين البنك والمصارف,ويشددون على ضرورة أن يعاد النظر بهذه النافذة وتحويل الموضوع لوزارة المالية، لوجود إرباك وتداخل بين العمل للبنك المركزي والإيرادات المتحققة من العائدات النفطية-وفتح مكتب للضريبة الجمركية داخل البنك وإتمام جباية الضريبة مباشرة من المستفيدين من نافذة العملة، كون المبالغ تدفع مقابل أوراق ثبوتية لاستيرادات فعلية، إذ يتم تحويل الضريبة مباشرة، لكانت تحققت للحكومة مبالغ جيدة من الإيرادات
وعلى الرغم من أن منتقدي المزاد (النافذة) يقولون إنه حول البنك المركزي إلى “شركة صرافة”، وهو ما يعترف به البنك المركزي في ورقة أصدرها عام 2019 بشأن المزاد، حينما قارن بين حلول مقترحة لتطوير عمل المزاد وتقليل أضراره,, ويعترف البنك في الورقة إن المزاد يستهلك جهدا ووقتا كان يفترض أن يصرفه البنك في دعم السوق العراقية وأداء دوره الحقيقي، لكن الورقة قالت أيضا إن من غير الممكن إلغاء المزاد تماما، لأن هذا سيتسبب بتضخم كبير في السوق العراقية، وأيضا فإن من غير الممكن تحويله لعهدة وزارة المالية أو سوق الأوراق المالية العراقي بسبب “قلة الخبرة وقيود المصرف الفيدرالي الأميركي بحسب الورقة
أن مزاد العملة الأجنبية صناعة أمريكية بريمرية للمحتلين طبقت بالتحديد عام 2004 من قبل البنك المركزي العراقي ، والذي يعتبر شكلاً جديداً من أشكال الفساد الأقتصادي المرتبط بحبلهِ السري مع عملية غسيل الأموال في العراق ، فمزاد العملة في العراق أصبحت وسيلة لتهريب الأموال من العراق فقد تمّ هدر 312 مليار دولار من 2004 –لحد 2014 وهي عائدات النفط العراقي الآيل للنفاذ في 2040 والذي ضخهُ البنك المركزي العراقي إلى الأسواق وتمّ تحويلهُ ألى الخارج وهو رقم لا يستهان به حين يعاني الأقتصاد العراقي شللا بسبب أستنزاف الحرب الداعشية وأنخفاظ سعر البرميل من النفط الخام والألتجاء إلى الأستدانة من البنوك الدولية ورهن مستقبل الأجيال القادمة بالضمانات السيادية والرضوخ للشروط التعسفية للصندوق النقد الدولي-
وتقول الخبيرة المختصة بالاقتصاد سلام سميسم إن “مزاد العملة بات واجهة لاستنزاف الدولار من العراق وفرصة تحقيق أرباح من مال فاسد لصالح جهات سياسية متنفذة تمتلك نفوذاً على مصارف محلية, وتضيف “ضوابط نافذة العملة لا تتوفر فيها درجات الشفافية اللازمة لمتابعة حاجة البلد الفعلية للاستيراد، وهذا يثير تساؤلات كبيرة عن مصداقية فتح الاعتمادات المتعلقة بالاستيرادات من خلال وزارة التجارة، ولماذا لا تقوم الجهات الرقابية بتتبع تلك العمليات”، مردفة، “لا نعرف بالضبط ما هو دور دائرة غسيل الأموال في البنك المركزي في متابعة تلك القضايا, وتشير سميسم إلى أن أحد أسباب الإشكالية يتلخص بأنه “لا يمكن استثناء القيادات المصرفية داخل البنك المركزي وغيرها من اعتبارات المحاصصة
منذ أن بدأت تتضح بوصلة حراك رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بات تركيزه على قضايا الاقتصاد جلياً، حيث يضع نصب عينيه أربع ملفات رئيسية وهي: ضبط المنافذ الحدودية ومحاربة الفساد وتفكيك نفوذ الفصائل المسلحة على المنافذ المالية وتدعيم الصناعة المحلية. لكن الطريق نحو تلك الملفات يمر بالضرورة من بوابة البنك المركزي وتحديداً، ما يُسمى مزاد العملة، لذلك سيكون الكاظمي بحاجة إلى مساعدة محافظ “المركزي”. لكن بوادر إحراز تقدم في هذا الملف، لم تتضح حتى الآن، مع حديث أعضاء في اللجنة المالية في البرلمان العراقي عن “استغلال” البنك المركزي لصلاحياته بوصفه “هيئة مستقلة” في عدم التعاطي مع الإشكالات التي تقوم السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بإثارتها
وفشلتْ محاولات العديد من السياسيين المخلصين – وهم قلّة – في ألغاء مزاد العملة الذي يطبقهُ البنك المركزي العراقي بعد ما بلغت 180 مليون دولار في اليوم ولكن محاولاتهم باءت بالفشل لتقاطعهم بمافيات الفساد المنظمة المدعومة بالميليشيات والأحزاب المسلحة والمرتبطة بشبكات التهريب في الداخل والخارج ، وأن البنك المركزي يعلن أن التدقيق في الفواتير ليس من أختصاص البنك وأنما من أختصاص دائرة الجريمة الأقتصادية التابعة لوزارة الداخلية ، وأن هذه الطفيليات المالية ما كانت ترقى إلى أمبراطوريات مالية لولا للمناخ الفاسد العراقي للفترة ما بعد 2003 ، ولم يكن لهُ وجود منذ تأسيس الدولة العراقية في 1921 حتى 9 نيسان 2003 الذي شهدهُ العراق بعد الأحتلال الأمريكي لهُ ، وعلى ضوء هذا الفساد ونهب المال العام لم يكن مستغربا أن يصنف العراق لعامين متتاليين في صدارة الدول الأكثر فساداً وظهرت تداعياتها المرضية على الكيان العراقي الهزيل أصلا .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب