-1-
الخط المستقيم :هو الخط الخالي من الإعوجاج والالتواء .
والانسان المستقيم : هو صاحب المسار المستقيم، والسلوك المعتدل، البعيد عن الزَيغِ والانحراف .
وعلى هذا فالاستقامة هي أكبرُ علامةٍ على الصحة والسلامة
ومن هنا :
قال الامام الشهيد أية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر – رضوان الله عليه في العدالة { إنّها بمعنى الاستقامة .
وهذه الاستقامة تستند الى طبيعة ثابتةٍ في الانسان المستقيم …
وكلما كانت المسؤولية أكبر وأوسع وأجلّ خطراً كانت العدالة في من يتحملها بحاجة الى رسوخ أشدّ وأكمل في طبيعة الاستقامة لكي يُعصم بها من المزالق }
الفتاوى الواضحة ص132 / ط مركز الابحاث
والدراسات التخصصية للشهيد الصدر
-2-
قال تعالى مُخاطِباً سيّدَ الرسل والانبياء (ص) :
{ فاستقِم كما أُمرتَ } هود / 112
والمروي عن ابن عباس :
” ما نزل على رسول الله (ص) أية كانت أشد عليه ولا أشقّ من قوله تعالى :
( فاستقم كما أُمرت )
ولذلك قال لأصحابه حين قالوا له :
أسَرَعَ اليك الشيبُ يا رسولَ الله :
” شيّبتني هود “
-3-
ويقول الشاعر :
حنانَيْكَ فاعرفْ أيَّ نهجيْكَ تَنْهَج
طريقان شتّى مستقيمٌ وأعوجُ
انهما طريقان مختلفان متضادان …
فأين السليم من السقيم ؟
وأين الأصيل من الدخيل ؟
والمهم :
انّ الاستقامة هي خيار الأبرار الذين {لا خوفٌ عليهم ولاهم يحزنون} .
-4-
إنّ الارهاب هو احدى النتائج المروعة لنبذ الاستقامة ، لانه وليدُ الغُلوّ والتطرف، وهما نقيضا الاستقامة والاعتدال .
وقد أصبح الارهاب اليوم خطراً عالمياً يهدّد الامن والسلم الدوليين .
وما داعش وأخواتها من الرضاعة الاّ الامثلة البارزة على حجم التوحش والسقوط الفظيع بعد أن أصبحت الاستقامة غائبةً عن الساحة ..!!
-5-
ان الاستقامة مطلوبة على كُلّ المستويات :
مطلوبة على المستوى الشخصي ،
ومطلوبة على المستوى الاجتماعي مِنْ قِبَلِ الجماعات البشرية الممتدة عبر أرجاء المعمورة
ومطلوبة على المستوى الدولي
ولكننا – للاسف الشديد – قلّ أنْ نظفر بها في مظان الحاجة اليها …
انّ منطق القوة هو الغالب ، بينما لابُدَّ أنْ تَكونَ قوّةُ المنطق هي الغالبة..!!
-6-
قال كاتب عربي :
” انه قرأ مقالاً في مجلة لكاتب عربي شهير قال فيه :
انه – اي الكاتب – حين كان عضواً في البعثة العلمية بانكلترا اشتبك في نقاش حاد مع انكليزية مثقفة حول الاسلام والمسيحية فقالت الانكليزية – مُتحديةً جميع المسلمين بشخص الكاتب المسلم :
أني ألخص مبادئ المسيحية كلها بكلمة واحدة ،
وهي المحبة ،
فهل تستطيع أنت – أيها المسلم – أنْ تأتي بكلمة تجمع مبادئ الاسلام ؟
فأجابها الكاتب المسلم :
أَجَلْ ،
انها كلمة التوحيد
قال الكاتب بعد ان نَقَلَ هذا الحوار :
لم يكن الجواب موفقا …
ثم قال :
لو وُجِّهَ اليّ هذا السؤال لأجبتُ :
ان هذه الكلمة هي الرحمة .
واستدل على صحة جوابه بالعديد من الآيات والروايات، مبتدئا ببسم الله الرحمن الرحيم الى قوله تعالى ” وما أرسلناك الاّ رحمة للعالمين “
وعلّق المرحوم الشيخ محمد جواد مغنية قائلا عن الكاتب: لم يكن موفقا في اختياره كلمة الرحمة لانه لم يزد شيئا على ما قالته الانكليزية حيث أخذ كلمة المحبة منها وترجمها الى كلمة الرحمة .
ولو كنت حاضراً … لأجبت بكلمة (الاستقامة)
انّها الكلمة الجامعة المانعة للاستقامة :
في العقيدة : بما فيها التوحيد والتنزيه عن الشبيه
وأيضا الاستقامة في :
الأعمال ،
والأخلاق :
والأحكام :
وجميع التعاليم بما فيها الرحمة والمحبة والتعاون .
إنّ الرحمة من مبادئ الاسلام وليست الاسلام بكامله، كما انّ التوحيد أصلٌ من أصوله ، لا أصوله بأجمعها
وبما انّ الاستقامة تجمع المحبة والرحمة والتوحيد وسائر الأصول الحقة والأعمال الخيرية والاخلاق الكريمة المستقيمة ،
وبما انها المقياس الصحيح للفضيلة والكمال الذي يبلغ بالانسان الى سعادة الدنيا والاخرة، لذلك كله أُمرِنا أنْ نكرّر في صلاتنا صباحَ مساءَ :
{ اهدنا الصراط المستقيم }
ولا شيء أدل على أنَّ الاستقامة هي الكُلّ في الكّل من قول أبليس اللعين:
” لاقعدن لهم صراطك المستقيم “
وجاء في الحديث الشريف :
” قال سفيان الثقفي :
يا رسول الله :
قل لي في الاسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدكَ قال رسول الله :
قُلْ :
آمنتُ بالله ثم استقم “
واختصاراً :
ان معنى الاستقامة ان نقف عند حدود الله ،
ولا ننحرف عن الحق الى الباطل ،
وعن الهداية الى الضلال ،
وان نسير بعقيدتنا وعاطفتنا وجميع أقوالنا وأفعالنا على الصراط المستقيم …”