في شهر رمضان المبارك يعتصرنا الألم على حال بلدنا وما آلت اليه امور الناس . نفتش بين الزوايا والأركان عن مسؤول فيه بذرة خير على البلد ولم نجد ! وتلك طامة كبرى . ذاك يفضحه جوليان اسانج وهذا يتفاخر بقربه الى ايران اكثر من قربه الى الله ولم نجد احداً قريب من الله وقريب من العراق فأستحال البلد الى خراب في خراب رغم مناشداتنا المتواصلة لكننا على مايبدو ننفخ في بالون مثقوب وكل حزب بمالديهم فرحون اما العراق فبعيش حالة اليتم الحقيقي وهو مهدد بالتقسيم والشرذمة بفعل سياسات مسؤولين لايعرفون معنى ادارة البلد وقد امتلأت قلوبهم وعقولهم احقاد على ابناء جلدتهم فمارسوا ويمارسون شتى انواع القمع والبطش لأذكاء الفتنة الطائفية بطرق نتنة يخططون لها وتنفذها مجاميع ساذجة أمية متخلفة لاتعرف لله حدود وأذا ما عرفنا ان القوة سلاح الجبناء فان اكثر بلد في العالم فيه مسؤولين جبناء هو العراق وكل واحد منهم شجاء علينا يمارس كل مالديه من سطوة وعنجهية بينما على الاعداء ماهو أِلا مسؤول جبان !
استوقفتني اليوم قصة للرائع الدكتور شاكر كتاب وهي من وحي الواقع تتحدث عن علاقة الراعي بالقطيع . وكان في حيثياتها ان الراعي غالباً مايتطاول على القطيع فينال منه ذبحاً بيعاً او لأشباع شهيته والقطيع مستسلم لأرادة الراعي دون مقاومة بل انه يسير خلف الراعي وكأنه يسير نحو المقصلة وتلك مفارقة لايعمد على تنفيذها سوى قطيع الأغنام . وعندما حاول خروف من القطيع التمرد وانهزم واجهته سيارة مسرعة فأردته قتيلا!
المعروف شرعا ان الراعي يهتم برعيته ولذا قال الرسول (ص) كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته . وليس من المعقول ان الراعي يبطش برعيته وأِلا تحول الى ذئب ومن واجبات الراعي ان يحمي القطيع من الذئاب فأن تحول الرعاة الى ذئاب اختل التوازن وسينتهي القطيع شر نهاية .
ير من المعلقين على هذه القصة شبهوا القطيع بحالنا ونحن نصمت امام عمليات ابادة نتعرض لها دون سبب معقول !
ومن حق اي شخص ان يعبر عن رأيه فهو ينطلق من معاناة عاشها ولمسها فيأتي رأيه متوافقاً مع تلك المعاناة ولا اظن ان في العراق اليوم خالي من المعاناة أِلا اذا كان تابعاً للراعي الذئب ليكون من قطيع الضباع التي تتناول رمم الذئاب وفضلاتها !
نحن في شهر رمضان المبارك وفيه الكثير من المفارقات فهو في كل دول العالم شهر للمحبة والود والراحة والتواصل بين الناس وتخفيف وطئة الفقر من بعض الناس ألا في العراق فهو شهر حوله البعض مع الأسف للكذب والنفاق والدجل . نذكر هنا حالة واحدة من حالات النفاق ! ففي زمن الدم قراطية وكجزء من بركات المال العام السائب افتتحت الكثير من الأذاعات والقنوات التلفزيونية الأرضية والفضائية والتي لاتعد ولاتحصى . واغلب تلك القنوات ان لم نقل جميعها تقدم برامج لأهانة الناس تحت شعار بركات رمضان فقناة تقدم برنامج اسمته الباقيات الصالحات وأخرى اسمته ارحموا من في الأرض واخرى فطوركم علينا وأخرى خيرات رمضان او بركات رمضان . وكل البرامج تلتقي بمواطنين حالهم دون خط الفقر ولا اعرف من اوصل هذه الجموع من الناس الى الفقر والحاجة والفاقة بينما المليارات من الدولارات تنفق سنوياً بين عوائل بعينها ومسؤولين جبناء لاهم لهم سوى النهب والسلب .
ثم ان من يقدم شيء للناس على سبيل المعروف عليه ان يخفيه وان لايعلن عنه لأن الأعلان عنه ماهو الا امتهان لكرامة الأنسان .
قال تعالى (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)وَقَوْله ” وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْر لَكُمْ ” فِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ إِسْرَار الصَّدَقَة أَفْضَل مِنْ إِظْهَارهَا لِأَنَّهُ أَبْعَد عَنْ الرِّيَاء.
لكننا منذ العام 2003 نعيش الرياء بعينه .
كل دول العالم تجاهد من اجل تقليل الفقر ونحن يزداد الفقر في بلدنا حتى وصل معدلات لايمكن تصورها . والمشكلة في ساسة البلد انهم يكذبون في كل شيء فهم عندما يتبجحون بحبهم للأمام علي بن ابي طالب عليه السلام نجدهم يعملون بالضد من سياسته حين قَالَ (عليه السلام): إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ أَقْوَاتَ الْفُقَرَاءِ فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ وَاللَّهُ تَعَالَى سَائِلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ.
فما بالك وان كل الساسة ليسوا بأغنياء انما اصبحوا اغنياء عندما استولوا على مقدرات الشعب ونهبوا خزينة الدولة وافرغوها لينتشر الفقر والجوع والفاقة . كفاكم خداع رغم ان الكثير يسير خلف كذبكم وخداعكم كالقطيع الذي يعرف انه يسير خلف جَلاّد لكن الله عز وجل لن يترك عباده يذبحون . سيأتي يوماً ينتصر فيه المظلوم على الظالم ولكن على المظلوم ان يصرخ ولايصمت ففي صراخه ثورة تهز اركان عروش السلاطين .
ساسة الزمن الرديء في العراق يعمدون الى توزيع ثروات البلد بينهم دون ان يضعوا للبلد وتطوره حساب وهم يقفون بالضد من اي قانون يتقاطع مع مصالحهم لذا نجدهم مصرين على تشريع قوانين تبدد المال العام وتجعلهم في اماكنهم ولم نسمع يوماً انهم قد اصدروا قانوناً واحداً فيه خدمة عامة فهم مصرين على ابقاء العراق متخلفاً وغير مستقر خوفاً من ان الأستقرار سيكشفهم اكثر مما كشف عنهم حتى الآن . لذا اعتقد ان حال البلد لن يتحسن طالما بقي هؤلاء جاثمين على صدور الشعب ومهما كان نظام الحكم برلمانياٍ او رئاسياٍ او حتى ملكياً.