23 ديسمبر، 2024 9:06 ص

في : سيناريو الحوار مع حكومة الأقليم .!

في : سيناريو الحوار مع حكومة الأقليم .!

قبلَ أن نخوضُ مع الخائضين ” إعلامياً ” في الحديث عن مداخلات ” الحوار ” , فلا بدّ من الأشارة حتى ولو بشكلٍ عابر , بأنّ احزاباً وقوى سياسية كردستانية ما برحت تطالب بأقالة او استقالة السيد نيجرفان البرزاني من رئاسة حكومة الأقليم ولا تعتبره ممثلاً عنهم , فمع مَن واية جهة كردية من المفترض اجراء الحوار .! إنها اشارة فحسب .!

الإشارة العابرة الأخرى , فبالرغم من استقالة السيد مسعود البرزاني من رئاسة الأقليم , فعدم موافقة حكومة السيد نيجرفان بألغاء نتيجة الأستفتاء , وعدم الموافقة على استبدال كلمة ” احترام ” قرار المحكمة الأتحادية بِ ” الألتزام ” بقرار المحكمة حول الغاء نتائج الأستفتاء , وبجانب الإبقاء على عائلة السيد البرزاني في التحكّم بالشأن السياسي واجهزة مخابرات الأقليم وقوات البيشمركة بالأضافة الى الموارد النفطية والمالية , فأنّ ظلّ الأستفتاء وانفاسه ما برحت قائمة .! وهذه الحالة من الصعب أن تدوم و تقوم لها قائمة .!

منذُ اعادة كركوك الى الحكومة الأتحادية في بغداد وما رافقها من تقدم القوات العراقية في بعض المناطق المتنازع عليها , والى غاية الآن , فالجانب الكردي – البرزاني قد ركّزَ باستخدام مفردة ” الحوار ” والمطالبة به لمئات المرات ولربما اكثر من ذلك وعلى لسان او السُن العديد من السادة القياديين الكرد , حتى بلغ اعادة وتكرار كلمة ” الحوار ” تبعث على الملل والكلل وكأنها عصا موسى ! وكأنّ مثل هذا الحوار سيحلّ ازمات الأقليم واحزابه ويجعله في جناتٍ من نعيم .!

والحوار المطلوب هو أمر وليس شرٌّ لابدّ منه في نهاية الأمر وليس بدايته ! , كما أنه كلمة حقٍّ يرادُ بها الباطلَ والحقّ معاً في هذا الظرف السياسي المعقّد .

وبقدرةِ قادر , وسواءً في الغد القريب او البعيد , او قبل وربما بعد الأنتخابات , فلنقل أنّ الجلسة الأولى المفترضة للحوار بين وفد الأقليم وحكومة المركز قد انعقدت بشكلٍ او بآخر ! , وجرت المصافحة بالأيدي ولربما تبودلت القبلات بحرارةٍ خافتة او بلا حرارة , ومع اضواءٍ مركّزة لوسائل الأعلام , وكانت اجواء هذه الجلسة وديّة واقرب الى البروتوكولية والشكلية الى حدٍّ ما , ثمّ لا بدّ من انعقاد جلسةٍ ثانية وثالثة ولربما اكثر , ولمْ يتوصل الطرفان فيها الى نتيجةٍ تُذكر او الى اشياءٍ محدودة , وهذا ما متوقّع سلفاً لدى كلا الجانبين .! فلا حكومة الأقليم ستقبل بتسليم المنافذ الحدودية الى الحكومة العراقية كما لا تسمح للجيش العراقي بالتقدم نحو تلك المعابر , فضلاً عن تحكّم الأقليم بتصدير او تهريب النفط العراقي علناً , وبغضّ النظر عن شروط بغداد الأخرى , فمن المحتّم ضمناً أنّ الحوار سيصل الى طريقٍ مسدود بل ومقفل .! وسيصعب معاودته إلاّ بعد حقبة او فترةٍ زمنية ليست بقصيرة , ولابدّ أن تشهد فيها تغيرات سياسيةٍ ما .

ما يفتح الشهية ! , او ما يدعو للتعجل هو محاولة التعرّف عن ايةٍ مفردةٍ جديدةٍ بديلةٍ عن ” الحوار” ستلجأ لها حكومة الأقليم .! وتجدر او لا تجدر الإشارة بعدم وجود مفردة ” حوار ” في اللغة الكردية , وستعيرون عنها بِ DIALOGUE الأنكليزية ” وسبق لنا ذكرها في تغريدةٍ في تويتر ” .

استمرارية تكرار واعادة المطالبة بالحوار من جانب الأقليم لها اهدافاً مزدوجة او اكثر من ذلك , فمن جهة فيراد منها إلقاء الكرة في ملعب الحكومة المركزية وكأنها المسؤولة عن عدم دفع رواتب موظفي الأقليم طوال الشهور الماضية , بينما واردات النفط الذي جرى تصديره من كركوك خلال السنوات القليلة الماضية تعادل ضعفي ونصف رواتب الموظفين هناك وفق احصائياتٍ رسمية ودقيقة وموثّقة .

الجانب الآخر للأهداف المزدوجة هذه , فأن ما تصبو وترنو له قيادة الأقليم هو حرف انظار المعارضة الجماهيرية الكردستانية وخصوصاً الأحزاب السياسية الرئيسية وإبعادها عن اربيل , وتحويل رؤاها بأتجاه بغداد كمسبب للأزمة , والتظاهر بشرعية حكومة البرزاني وحرصها على مصالح شعب كردستان , وهذا ما بات مكشوفاً اكثر من اللازم .!

الخلاصة المستخلصة من هذا الحديث , هي لا أملَ ” في الأفق ” او المدى المنظور لأيّ حلّ جذري للوضع المتأزم مع حكومة كردستان , وما يجعل ذلك اشدّ تعقيدا هو مضاعفات التنافس الأمريكي – الأيراني على الساحة العراقية , والذي امتدت تأثيراته على دول الجوار الأخرى ” وهذا ما تستفيد منه حكومة البرزاني ” , وفي هذا الصدد فأنّ نقطتين جوهريتين لهما ما لهما من تأثيراتٍ ستراتيجية على إبقاء الوضع معلّقاً بين بغداد واربيل , فالشهور المتبقيّة للأنتخابات القادمة قد تتسبب بتكبيل سياسة او توجهات العبادي نحو حلٍّ ساخن مع القيادة البرزانية , والأخرى تتجسّد قي الضعف المدقع للدبلوماسية العراقية في التعاطي مع الأمريكان ومصالحهم في العراق مقابل تدخلهم السافر في الشأن الكردستاني – العراقي , وماذا يمكن أن نتوقّعه من ابراهيم الجعفري الذي ملأ وزارة الخارجية بحاشيته .!