20 ديسمبر، 2024 1:20 م

في سيكولوجيا موت أحمد الجلبي !!!

في سيكولوجيا موت أحمد الجلبي !!!

في يوم الثلاثاء المصادف 2015ـ 11 ـ 3 توفى النائب ورئيس المؤتمر الوطني الدكنور أحمد الجلبي, وقد أنتقل انتقالة هادئة مفاجئة من مادة حية مفعمة ونشطة الى مادة جامدة, وهو تحول تفرضه ديناميات العلاقة المتبادلة بين الحياة والموت مهما أختلفت الاسباب المصاحبة للوفاة وشدة وقعها في نفس من يحب أو يكره الدكنور الفقيد السيد الجلبي, تلك هي آلية الصراع بين غريزتي البقاء والموت او الدمار, وما يصاحبها من مشاعر مختلفة لمن يكون طرفا فيها أو وقودا آنيا لتلك الآلية العصية على الفهم ووقعها الشديد والمؤلم وخاصة لمن تركو لنا برحيلهم مواقف شجاعة وجريئة مهما جرى الاختلاف على فلسفتها ووضعها في أ ي خانة من باب الاجتهاد, “والموت هنا حقا ” في إطار تحول المادة من شكل الى آخر !!!.

ولكن ما لا نستطيع فهمه ذلك التوقيت السيئ في وفاته في ظروف الحاجة أليه في عراق يفتقد الى التكنوقراط والمهنية, في عراق تتآكله قوة الردة والافتراس الطائفي والاثني وتتقاسمه كغنائم بدون رحمة, في وقت كان فيه الجلبي نموذج للموازنة الدقيقة بين مختلف القوى المتصارعة من أجل الخلاص من مستنقع الطائفية والاثتية, حيث كان يلعب دور الرجل الهادئ والرزين في فهم مصالح الوطن والخلاص من الطائفية والبعث وقوى الارهاب !!!.

كان الدكتور الجلبي ليست عبقريا بخفايا السياسية الامريكية واثارها على الارض العراقية, بل كان رجلا براغماتيا يفهم السياسة بنتائجها العملية وبقدر فوائدها للحالات الملموسة, ولذلك عمل على الاستفادة القصوى من علاقته بأمريكى في اسقاط النظام الدكتاتوري الفاشي, من خلال فهمه أن السياسة مصالح وأن تقاطع تلك المصالح يفضي الى الخلاص من أعتى نظام مكروه ودموي عرفه العراق لعقود, ولكن ما كان لا يعرفه الجلبي هو أن الاسلام السياسي لا ينظر الى مستقبل البلاد كما كان يتمناه هو, بل ينظر الى أجندته الطائفية ـ السياسية التي تحمل في طياتها شرذمة الوطن وتفتيته وأرتاهنه للقوى الخارجية المطابقة له في الهوية الطائفية السياسية !!!.

كان سقوط نظام صدام حسين حلما من أحلام اليقظة والنوم لدى العراقيين وكان الدكتور الجلبي أحد من أراد تحويل هذا الحلم الى واقع عملي ملموس, فنذر حياته أسوة ببقية المناظلين من شعبنا وقواه المخلصة للخلاص من الدكتاتورية الفاشية, ولكن كما يقال فأن النار تخلف رماد, ولم يبقى من الحلم ألا سرابا يحوله الاسلام السياسي الى فتات من الخراب الشامل والدمار وتهديد السيادة الوطنية !!!.

كان البديل لسقوط نظام صدام حسين كما يفترض ان يكون هو دولة الحق والعدل والسلام, ولكن حقائق الميدان خالفت تطلعات الدكتور الجلبي, فكان البديل ” دولة ” الطائفية والاثنية الشوفينية, يحتل فيها البعث عبر خلط الاوراق وثقافته

العفنة وأندساسه في ثنايا الدولة ومؤسساتها مكانا مفصليا, فهو داعشيا في أرض المعارك, وقائدا أداريا متحايلا في مفاصل الادارة العامة, وهو الحريص على الوطن عبر إعلامه الاصفر والذي يخلط الاوراق بين النظال المطلبي والنفاق المطلبي. كان المرحوم الدكتور أحمد الجلبي محقا أسوة بتطلعات شعبنا في تشدده وعدم تهاونه في إجتثاث البعث !!!.

كان رحيل السيد الجلبي خسارة للعراق في ظروف صعبة جدا تحتاج الى المزيد من المناورة الذكية والى التنازلات المشروعة من أجل الحصول على مكاسب أكثر تفيد العراق وشعبه وسيادته. وكان السيد الجلبي مناور هادئ وذو صبر أستثنائي. له كل الود والذكرى الطيبة ولأهله وذويه الصبر والسلوان, ولازلت أيها الجلبي حيا ترزق بيننا !!!.

أحدث المقالات

أحدث المقالات