زكاة العلم نشره ورثاء العلماء تداول أفكارهم، سبيلا للصلاح والمسار القويم.. خالدون بالسير على هدى وعيهم بسراط الدنيا المؤدي الى آخرة عرض جنتها السماوات والارض؛ لذا أجمع الناعون أن أستاذ التاريخ د. جاسب الموسوي، يمتاز برهافة إحساسه إجتماعيا وقوته علميا، وأنه ذا مواقف تأملية في التعبير عن رفضه للفساد، خلال حكمي النظامين.. السابق واللاحق.. محذرا من آفة الطائفية، وعنف المعارضة إذا إبتعدت عن الحوار.
وفي خضم هدوء تعبيره، لم يألُ جهدا في تعرية الضلال وتأشير الفساد والحث على الصواب، بمنهجية معتدلة لا ضرر فيها، وهي تدعو الى النزاهة من دون إستفزاز، إقتداءً بحكم التاريخ ومواعظه الخالدة.. إنه رجل يعمل بعلمه، كلما حان به الوقت الى مناسبة تتوهج فيها الكلمة.. ميدانياً.
إحتاز د. الموسوي علما غزيرا.. جزيل العطاء، وظفه سلوكا في الحياة، التي غادرها صباح الاحد 12 تموز 2020 جراء سكتة قلبية، متأثرا بفايروس كورونا.
ود. جاسب الموسوي، أستاذ التاريخ السياسي، وأحد من أبرز المؤرخين في العراق، تابع المثقفون آراءه وتبنوا أفكاره في كتاب “دواعش التأريخ” الذي تناول فيه الضلالات والبدع المتطفلة على الاسلام، محللا الأسس الفقهية التي خادع بها الارهابيون الرأي العام؛ كي ينضجوا “داعش” إنطلاقا من ثوابت فكرية قديمة.
فالموسوي.. رحمه الله.. عاش ومات مخلصا.. بالقول والفعل الواضح.. دفاعا عن النزاهة وتصحيح المفاهيم الخاطئة في التاريخ التي إستغلها دعاة الارهاب في الحث على العنف والباطل والقتل! مسهما في ترسيخ الحقائق ونشر الحكمة المثلى في الأحداث السالفة.. وبرحيله ترك فجوة في البحث التاريخي الرصين، نتمنى ان يشغلها طلبته.
إنه قامة معرفية من نضح مدينة “الثورة – الصدر حاليا” واجه الصداميين وهو صغير في قطاع 31 ألقوا القبض على العائلة وفر هو هاربا الى بيت الجيران؛ فخبأته أم عادل وربته مع أطفالها متكفلة بدراسته الحوزوية والاكاديمية، حتى حصل على الدكتوراه في التاريخ السياسي، وعمل استاذاً جامعيا ومحللا سياسياً.
جائحة “كورونا” قدر نتلقاه برضا في ما قضى الرب وإنا لله وإنا له راجعون.. حسبنا أن جاسب الموسوي، ترك إرثا معرفيا يخلده في ضمائرنا ويسهم في إرتقاء المجتمع.