23 ديسمبر، 2024 12:51 ص

في رثاء امبرتو ايكو في رثاء امبرتو ايكوفي رثاء امبرتو ايكو

في رثاء امبرتو ايكو في رثاء امبرتو ايكوفي رثاء امبرتو ايكو

اليوم رحل عن عالمنا الفيلسوف والروائي الايطالي امبرتو إيكو .
وبهذا تفقد ثقافة القرن العشرين زهرة لعطر الغموض في دهاليز الكلمات والكتب .
حزنت ، وتأكيد حزن ليس في دمعة من اجل الراهب ( أيكو ) بل استعيد مقالا كتبته قبل سنوات حين قرأت روايته المهمة ( أسم الوردة ):

(( حين كتب امبرتو إيكو روايته الشهرية ( أسم الوردة ) ، فهم العالم ثقافة الرؤية من خلال طلاسم المكان الذي تنام فيه الكتب بشتى معرفيتاها . وكان الكتاب يفسر قدرة الرائي على استخلاص البحث لإنتاج طريقة اخرى لتفسير العالم من أرث لم ينتبه اليه حتى اشهر تقاة المكاتب والمتاحف .

لهذا تأتي الوردة لتنقلنا الى ما يعتقده ايكو كشف المعرفيات الجديدة من خلال تجفير النص وحل لغزه وتحرره من تراكمات الأزمنة بعد ذلك . وذلك يحتاج الى مستويات لا تحصى من القراءة في داخل المتن وحواشيه وما يقابله ويجافيه ويرغبه .

أقارن أسم الوردة بإسم الطين . فاجد إنني التقي بهاجس الرواية لإيكو في المكان العراقي بنقطة واحدة فقط . هي لوح الطين . وبين الطين والوردة لاشيء غير الحياة وهي تولد وترينا الشكل المتغير للوجود . ومن رؤى هذه المتغيرات يكون للثقافة النصيب الكبير ، فهي ديمومة لوعي البشر ، وقدرتهم على تفسير الامر بطريقة متحضرة .

وعليه اجد اللوح والوردة في نقطة تاريخية واحدة فيما يتعلق بتاريخ الكون وازليته وماكان وسيكون على الاديم الارضي منذ هبوط آدم بمظلة التفاحة وحتى يومنا هذا .

كان اللوح يسجل عاطفة الانسان وهاجسه ، عبر تبادل الحدس والهاجس والفكرة والمشاهدة ، كان يصنع يومه بشتى أشتغالاته من خلال جدولة الفكرة ليصنع للقرية قانونها الجديد وللمدينة حياتها وللمعبد طقوسه ولخلوده الأساطير . لتكتشف إن المعرفية العراقية الاولى هي معرفة طينية ، فُخرت بذاكرة التأريخ من خلال شواء النار . ومع النار تتصلب الاشياء وتقوى وبالتالي تعمر طويلاً .

الوردة لها ذات ذاكرة الطين ولكنها تقترن بفصل تنبعث فيه لهذا لم يكن بمقدورها ان تحدث ثباتا في الذاكرة التاريخية للمكان الذي تلد فيه وكان على العاشق ان ينتظرها بعد تسعة اشهر لتولد من جديد وليقيم معها مودة قراءة أُخرى متغيرة عن عام مضى .

الطين عكس الوردة رغم إنه وسادتها وسريرها ولحظة الخطوة المندفعة إلى الأعلى إلا إنه واحدا من الشهادات الحية لوجود الحضارات وتراثها ، كما في مكتبة آشور بأنيبال . الذي تمنيت فيها تجوالا لأكتشف وردة البلاد التي تعيش الآن قدرا صعبا غير ذلك القدر الذي دونه سومري فقير بقوله : أنت صاحبة الورد وصاحبة الآلهة ، ولايمكن ان تحظى بلادا غيرك بمثل هذا الشرف

لهذا بقيت امنيتي قائمة لو إن احدا من كتاب العراق ومبدعيه سبق إيكو برؤاه وكتب كتابا بعنوان ( أسم الطين ).