لم اصدق ان من يتصل بي وهو ينتحب ممن أسمية (خالي ابو شهيب) وهو مربي جاموس مفعم بالصحة وبسطة في الجسم جراء هواء الهور المنعش وحليب الجاموس الدسم .أبو شهيب من اهالي كرمة بني سعيد. وتعمقت بيننا المودة. وصار يتحفني ب بالحليب والروبة كلما جاء للناصرية.. وليس غريبا علية فهو الاسدي الكريم من كرام بني خيكان.
أدماني بكاء الخال وقطع نياط قلبي وهو يطلب مني البحث عن دار له بعد نزوح 25 اسرة من مربي المواشي من كرمة بني سعيد شرقي المحافظة بسبب ازمة المياه وجفاف الاهوار.. تلك الاسر نزحت من مناطقها التي جفت فيها المياه وتوجهت بمواشيها من الجوامس الى مناطق اكثر وفرة بالمياه في مدينة الجبايش المجاورة او في مناطق اخرئ.
للاسف فأن ازمة المياه بدات تلقي بظلالها الثقيلة على المحافظة ولاسيما المناطق الواقعة جنوبيها حيث مناطق الاهوار والتي يعتمد سكانها بشكل كبير على المياه في تربية الجاموس .وبسبب هدة الازمة تناقص عدد رؤوس الجاموس في محافظة ذي قار ليبلغ نحو 80 الف راس معظمها في مدن ومناطق الاهوار جنوبي المحافظة.
وانا اقف على ضفاف الفرات ..لم اتمالك نفسي وبكيت طويلا ..حيث رافقني فريق اعلامي لنرى أين أصبح النهر العظيم … لقد توقف النهر عن الجريان كليا في مناطق جنوبي المحافظة بسبب تفاقم ازمة المياه وتدني معدل التصاريف وتجاوز المحافظات الاخرى على الحصص المقررة .
وبغداد تقف مكتوفة الايدي وغير قادرة على منع التجاوزات وحفظ الحصص .وحين اتصلت بمسؤول من ان نهر الفرات توقف عن الجريان كليا ولا تتحرك فيه سوى مياه الصرف الصحي ، وهو امر اشد تعقيدا حتى من ازمة نهر دجلة وسد اليسو التركي … اعتذرمني واغلق الهاتف.
ففي الوقت الذي تعاني فيه ذي قار من ازمة مياه خانقة ، فان الانباء تشير الى ان النجف تزرع محصول الشلب في اراضيها بمياه وافرة مستغلة التجاوز على حصة ذي قار .في الوقت نفسة فأن الطامة الكبرى ان مديرية الموارد المائية في ذي قار ابلغت مجلس المحافظة بانها لن تتحمل مسؤولية تشغيل مجمعات الماء في اواخر النواظم الذيلية مستقبلا لان الماء الواصل لها عبارة مياه بزل وصرف صحي وغير صالحة للاستخدام البشري وسيعرض ابناء هذه المناطق الى كارثة صحية حقيقية.
و عوارض تلك الازمة بدات تظهر فعليا على المواشي في مناطق هور الحمار حيث سجلت هناك عدد من حالات الاصابة والوفيات بين الجواميس .
والغريب أن مجلس المحافظة غير قادر على الزام دائرة الماء بتشغيل مجمعات المياه اذا كانت تؤدي الى حالات مرضية و هلاكات بالحيوانات ، وحمل وزارة الموارد المائية كامل المسؤولية كونها تجاهلت التجاوز على حصة المحافظة وعجزت عن معاقبة مدراء الموارد المائية المتجاوزين .
ازمة السكن تفاقمت ايضا في المناطق التي هجر اليها نازحوا شحة المياة.. وقررت اليوم القيام بجولة لايجاد دار الخال (ابو شهيب) بعد ان وجد مشتري لجواميسه. وسيهجر أرضة وديارة..فلقد اجدبت واقحطت اهوارنا الجميلة.