12 أبريل، 2024 9:53 ص
Search
Close this search box.

في ذكرى وفاتها…فاطمة الزهراء….والاسوة الحسنة

Facebook
Twitter
LinkedIn

في تاريخنا العربي والاسلامي توجد الكثيرمن المحطات المشرقة التي تتطلب منا التوقف عندها لاخذ العبر والدروس وأستلهام القيم والمبادئ السامية والاقتداء بها قولا وفعلا كونها تركت لنا بصمتها في تراث وظمير الامة ومن هذه المنارات المشرقة امراة نشأت في احضان النبوة وتراتيل الوحي حتى تسامت فوق ادميتنا فسماها نبي هذه الامة..(الحوراء الانسية)..كما في حديث ام المؤمنين عائشة (رض)..الذي رواه الطبراني في المعجم الكبير .
انها فاطمة بنت محمد (ص)..سليلة الرسالة ومهبط الوحي وحاملة ارثها الانساني والحضاري وام سبطا هذه الامة وريحانتا رسولها الكريم ..
ولدت السيدة فاطمة (ع) ..في اغلب الروايات السنة الخامسة للبعثة النبوية وما ان اصبح عمرها ستة اعوام حتى فقدت امها السيدة خديجة بنت خويلد في عام اطلق عليه النبي(ص)..عام الحزن لانه فقد فيه عضدين وركزيتين اساسيتين لدعوته هما زوجته خديجة وعمه ابي طالب ..حتى اصبحت بعد وفاة امها بالنسبة لرسول الله مصدرا للحب والمواساة التي افتقدهما بوفاة زوجته فلقبها (بأم أبيها) ..كما ذكر الطبراني في المعجم الكبير وابن عبد البر في الاستيعاب وابن الاثير في اسد الغابة .. وما اعظم هذه اللقب وهذا الوسام الذي منحته السماء لها لتصبح اما للنبوة وملاذاً لها ..
في عام ثلاثة عشر للبعثة هاجرت خلف ابيها النبي (ص) الى المدينة المنورة بصحبة علي بن ابي طالب وبعض الهاشميات و اطلق بعض المؤرخين على هذه الرحلة (بهجرة الفواطم )لانه كان معها فاطمة بنت اسد زوجة ابي طالب وام علي بن ابي طالب وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب وفاطمة بنت الحمزة بن عبد المطلب كما جاء في السيرة الحلبية ..وبعد الهجرة بعام تزوجها بطل العروبة والاسلام علي بن ابي طالب فولدت له الحسن والحسين وزينب الكبرى وفي روايات ام كلثوم ..عاشت السيدة فاطمة عمرها القصير زاهدة عابدة تجاوزت فيه حدود الزمان والمكان من خلال السر الذي اودعته في ذريتها المباركة ..فانتجت للامة رموزا بقيت على مدى الايام والسنين تشكل علامة مشرقة في جبينها ..الامام الحسن بكل علمه وصبره وحلمه وكرمه والامام الحسين اسطورة الشهادة التي سطرت على ارض كربلاء والتي اعادت لظمير الامة جذوة كانت قد خبت..وابنتها زينب بطلة كربلاء وصوتها المدوي عبر الزمان الرافض لكل اشكال الظلم والجور …
كان دار فاطمة الزهراء محط رحال جلال النبوة ومهبط الوحي ..يقف ابيها كل صباح على بابه مناديا ..السلام عليكم اهل البيت..(الصلاة الصلاة يرحمكم الله ).. كما جاء في تفسير القمي الجزء الثاني رواية الحسن بن علي ..ليؤكد للامة على قداسة هذا البيت واهله ..
على هذا النداء المبارك نداء السماء وصيرورتها الانسانية على هذه الارض كان تصلي فاطمة حاملة طهر الرسالة في كيانها ..باقرار السماء وشهادتها لها بهذا الطهر.. بقوله تعالى في سورة النساء (انما يريد الله ان يذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا)..
وبابها مستوقف الايتام والفقراء والمستضعفين ورجائهم الذي لاينقطع من هذا المنهل الثر ..حتى اختصها الله تعالى بسورة الانسان ..حين اَثرا هي وزوجها علي ابن ابي طالب على انفسيهما ان يفطرا على الماء والملح لثلاث ايام من اجل اطعام مسكين ويتيم واسير ..بقوله تعالى (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا)..كما ذكر السيوطي في الدر المنثور وأبن مردويه عن عبد الله ابن العباس ..وابن الاثير في اسد الغابة حديث فضة النوبية جارية فاطمة الزهراء..ان هذه السورة نزلت بحق علي وفاطمة .
لقبها ابيها النبي (ص)..بعدة ألقاب منها (البتول)..وقد فسر هذا الاسم ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري فقال ..(سميت فاطمة بالبتول لانها انقطعت عن نظرائها من النساء بالحسن والشرف)..وقال النووي في شرح صحيح مسلم (سميت فاطمة بالبتول لانقطاعها عن نساء زمانها دينا وفضلا ورغبة بالاخرة).
توفيت الزهراء في اشهر الروايات بعد رحيل الرسول الاعظم (ص)..بخمسة وتسعون يوما اي في السنة الحادية عشر للهجرة عن عمر ثمانية عشرعام ..لتترك لنا ارثا حضاريا وانسانيا نحن بأمس الحاجة اليه اليوم وسط هذا الكم الهائل من الثقافات المحيطة بنا والغزو الاعلامي المضاد الذي تتعرض اليه اخلاقنا وقيمنا وموروثنا الحضاري ..فهي دعوة لفتياتنا للتمسك ولو بجزء بسيط بهذه السيرة العطرة والاقتداء بها منهجا وسلوكا بغض النظر عن الانتماء العقائدي والمذهبي فهي الاسوة الحسنة التي دعت اليها السماء بقوله تعالى (ولكم في رسول الله أسوة حسنة)..وفاطمة الزهراء من مصاديق هذه الاية الكريمة كونها ربيبة الرسالة ومستودع علمها وحكمتها..وهي بضعة الرسول كما في الحديث النبوي الذي يرويه مسلم في صحيحة بالرقم (1903) ..(فاطمة بضعة مني) .. وهي سيدة نساء العالمين كما في حديث ام المؤمنين السيدة عائشة الذي نقله عنها البخاري ومسلم في صحيحيهما .. (اقبلت فاطمة فاجلسها النبي(ص) بقربه فأسر لها حديثا ثم قال اما ترضين ان تكوني سيدة نساء العامين) ..وان الاقتداء بفاطمة الزهراء (ع).. سوف يوفر لفتياتنا حصانة ذاتية تساعدهن في الوقوف بوجه تحديات هذا العصر لانهن المادة الاساس في صناعة الانسان وامهات الحاضر والمستقبل وكقول شاعر النيل حافظ ابراهيم ..الام مدرسة اذا اعدتها اعدت شعبا طيب الاعراق.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب