تصادف اليوم ، الخامس عشر من تشرين الثاني ، الذكرى ال ( ١٢٨) لميلاد عميد الأدب العربي ، الأديب والمفكر د. طه حسين ، الذي أقلع وحده في المركب الفكري الكبير وهو ينشد الحرية والعقلانية ، وتشهد كتبه على ذلك .
يعد طه حسين من أبرز الشخصيات في الحركة الفكرية المصرية ، ورجالات التنوير ورموز النهضة والحداثة والثقافة المعاصرة في العالم العربي .
توزعت اهتمامات طه حسين الثقافية ، وانصرف الى الانتاج الفكري ، وخاض معارك حضوره الثقافي ، وتميز بثقافته الذكية ورؤيته المعاصرة ، وقدرته على نقد فكر عصره ، وكتب في جميع صنوف الأدب ، وهو مبدع السيرة الذاتية في كتابه الشهير” الأيام ” .
قدم طه حسين للانسانية أفكاراً جديدة وتجديدية متميزة ومستنيرة ، فدعا الى وجوب النهضة الفكرية والأدبية وضرورة التجديد والتحرير والتغيير والاطلاع على ثقافات جديدة مما ادخله في معارضات شديدة مع رجال الدين المتعصبين المتشددين ، والسلفيين المتمسكين بالافكار التقليدية الرجعية المتزمتة .
وهو صاحب كتاب ” في الشعر الجاهلي ” المثير للجدل ، الذي كتبه وعمل فيه وفق مبدأ ديكارت ، وخلص فيه الى استنتاجاته الى أن الشعر الجاهلي الذي وصلنا منحول ، وكتب بعد الاسلام وليس قبله ، وأن الشعراء الجاهليين المشهورين أمثال عنترة العبسي وامرؤ القيس ما هم الا محض أساطير زائفة ولم يوجد لهم اي وجود تاريخي حقيقي ، فأثار زوبعة وموجة شديدة ضده ، وقاضاه الأزهر الى أن المحكمة برأته لعدم ثبوت موقفه الاساءة المتعمدة للدين والقرآن ، وقد أجرى بعض التعديلات على هذا الكتاب ، وحذف منه العبارات التي اخذت عليه ، وغير اسمه الى ” في الأدب الجاهلي ” .
وبقي طه حسين يثير عواصفه التجديدية طوال مسيرته التنويرية ، التي لم تفقد وهج والق جذوتها العقلانية ، ولم يتخل عن حلمه بمستقبل الثقافة وانحيازه الى معذبي الارض ، وحين أشغل وزيراً للمعارف وجدها فرصة مواتية لتطبيق شعاره الاثير ( التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن ) .
طه حسين سببقى يؤرق اعداءه ، حتى بعد وفاته ، بتراثه الخالد وآرائه النقدية ومنهجه الفكري العقلاني العلمي ، رمزاً من رموز حضارتنا العربية ، وثقافتنا المستنيرة .