قي الثامن والعشرون من شَهْر صفر في السنة الحادية عشر للهجرة الموافق 632 ميلادي ودعت الدنيا عظيماً من عظمائها سيداً وقائدا ورمزا وعنوانا” لكل البشرية مُحَمَّد ابن عبدالله صَل الله عليه وآله الذي لا يوجد على وجه الارض إنسانا” مِثْلُه هذا الانسان الذي بَقِي خالداً على مدار التاريخ والأجيال والعصور والدهور طوداً شامخا وجبلاً أشم وفارسا مغوار سيد العرب والعجم وقائد الأمم الذي ختم الله به أنبياءه وأعطاه إعجازا وفضلاً ومنزلةً وكرما وخلقا” وسمو نفس كبيرة ما لم يُعطى لأحد من قَبْلِه ولا بَعْدِه وفضله على سائر الخلق أجمعين من الأولين والآخرين مُحَمَّد (ص)
الذي سطر عبر سفْرِ حياته تأريخا” لم يحترزه احد سوى سيد الزهد والحكمة اخوه ووصيه وخليفته من بَعْدِه علي بن ابي طالب عليه السلام بشهادة النبيّ صلى عليه وآله ومن هو اصدق من رسول الله حديثاً حين قال عليّا مني بنزلة هارون من موسى الا أنهُ لا نبِّي من بَعْدِي “
مُحَمَّد ص الذي عاشَ يتيم الأبوين ،مجاهداً، صابراً، عابدا محتسبا، لم تأخذه في الله لومة لائم في سبيل إرشاد البشرية وهديها نَحْو طريق الإصلاح والخير والتعلُّم والثقافة والوعي والامر بالمعروف والنهي عن المُنكَر وإحقاق الحق وإقامة العدل والانصاف لقد قدم الرسول محمد صَل الله عليه واله كل ما يملكه في سَبِيل خدمة الامةً الاسلامية التي أراد لها ان تكون الامةً المتقدمة والمتحضرة على سائر الأمم كما عبر عن ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } الرسول الرسول الأعظم رحل عن الدُنيا بأجمل صورةً صورةً ليس لجمالها مثيل ولا نظير على وجه الأرض رحل وهو يتلفض انفاسه الطاهرة بحجر علي بن ابي طالب عليه السلام حتى عرجت روحه وانفاسه ونفسه الزاكية الى بارئها وخالقها تاركاً خلّفه إرثا وموروثا وفكرا ونهجا ورسالة لكل البشرية والانسانيًة ،ومن كان يصدق ان انسان مثل مُحَمَّد بهذا الوصف والخلق والعطاء والنُبل والعظمة والشموخ والجاه الكبير ينتهي به المطاف نحو الموت نعم الموت الذي لا مفر منه ولا مهرب وقد قال تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} الا ان وفاة النبي ص كان من أعظم المصائب التي ابتلية بها الامةً الاسلامية و المسلمون جميعاً حيث كان رحيله من أكبر المحن والمدلهمات، على الامةً الاسلامية والبشرية جمعاء،فسرعان مَّا عرجت روحه الطاهرة تمّت المؤامرة الخبيثه وبدأ عهْدُ الانقلاب على الأعقاب “بسقيفتهم الملعونة” التي اغتصبوا فِيهَا حَقِّ النبي (ص) في علي بني ابي طالب (ع)،
فتركوا نبيّهَم ثلاثة أيامٍ بلا دفنٍ، ولم يكتفوا بذلك بل هَجَموا على دار ابنتهِ وبضعتهِ السيدة الزهراء ع مُعلنين عدائهم في القربى بدلاً من المودّة فيها.! فبئس القوم الذين انقلبوا على أعقابهم وخاصموا أوصياء نبيّهم.! وتعساً لهُم لِمَا سوّلت لهُم أنْفُسهم بحق هذا الانسان العظيم المعطاء الَّذِي كان في حياته وبعد رحيله عن الدُنيا رحمة وهداية وفكر وعطاء لن ينفذ الى يومنا هذا وسوف يبقى عطاءه مستمر ما بَقِي الليل والنهار ، اما حياته فكَانت موقوتة بإتمام رسالته تلك الرسالة العظيمة الخالدة التي حاربه عليها البعيد والقريب وفعلوا به ما فعلوا وصنعوا به ما صنّعوا حتى قال روحي فداه (( ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت )) ومع كل ذلك التعب والعناء والصبر والجهاد لم يصدّر منُه الا ما هو جميل بحق من اساء اليه فقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء ، فلما بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة، ورأى بشائر النّصر ًفي نشر دينه وعلومه قد فاضت على كثير من بقاع الأرض وعلى جميع البشر دُون ان يسُتثنى احدا مِنْهُم. ، نزل قول الله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} فكانت هذه الآية دليلاً على أن حياته صلى الله عَلَيْه وآله في هذه الدنيا توشك أن تغرب شمسها في رحاب الموت تلك الشمس التي لا تحجبها الغيوم التي لطالما كانت ولا زالَت تُطل علينا بنورها الوهاج كل صباح ومساء سيدي يا ابا الزهراء فاطمة ايها المجد الذي تألق في سماء الانسانية يا عشيق محبيك ايها العملاق بأخلاقك التي قال في مدحها جبار السماوات والأرض وأنك لعلى خلق عظيم نِعْم والف نعم يا فارس الاخلاق ورمزها وشموخها لقد بحثت كثيراً لكي اجد ذَرَّة مما تحمله من خلق ونبل وانسانية ًفي مجتمعنا وعصرنا اليوم الذي نعيش فيه لم اجد نعم لم اجد ذلك لان الاخلاق التي كُنْت تحملها لم تتجسد الا في شخصك الكريم العظيم وأهل بيتك صلوات الله عليك و عليهم أجمعين اين الباحثين عن الخلود والجاه والعظمة والفخر والعز والكرامة ” في هذه الدُنيا الدنيئة من المسلمين او غير المسلمين اين هؤلاء الذين يُريدون اليعيش بعز وكرامة وحرية ليأتو و يتعلموا من هذا الرجل العملاق وأهل بَيْتِه الاطهار تلك المبادئ الانسانية السامية والخلق الرفيع وان يقتدوا بهم فهم سادة الكون وإمراء الأرض بهم فتح الله وبهم يختم خصوصاً هؤلاء الذين يحاربوننا باسم الإسلام ويذبحون الانسان باسم الدين والإسلام والدين والإسلام مِنْهُم ومن أفعالهم برآء لان الاسلام الذي جاء به النبي مُحَمَّد صلى الله عليه وآله ارفع واكبر من ان يقاس بهكذا همج رعاة ووحوش كواسر ،بل الاسلام الذي مثلة رسول الله وأهل بيته الإطهار ومن سار على نهجهم وخطاهم من اتباع القرآن والعترة الطاهرة الَتِي قال فيهما رسول ص ( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا )
إذن لا يكون هُنالك إستقرار ما لم تجتمع الامةً على تلك المائدتين لأنهما السبيل الوحيد للخلاص من الظلم والانحراف الفكري والاجتماعي ومن يفضّل الارتواء من غيّر فيض ال مُحَمَّد عليهم السلام فلن يرتوي ،كرامة وحرية العيش في الدنيا وسعادة وخلود الآخرة وليعتبر جميع من يعيش على سطح هذه الأرض بهذا الحدث العظيم الا وهو وفاة النبي ص وان يَضَع نصب عينيه دائما أنه لن يفلت من الموت أحد مهما كان شرفه وعلا قدره وذاع أمره فما مشى على ظهر الأرض أبر ولا أطهر منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومع ذلك مات، قال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}. فليتقى الله أولئك السادرون في غيهم المنهمكون في معاصيهم سيما الحكام والسلاطين والجبابرة والطغاة والمستبديًن وليستعدوا للموت وليأخذوا من هذا الحدث الكبير والذكرى الاليمة والفاجعة العظيمة درساً لهم فإنهم ميتون لا محال وعلى كل مسلم يؤمن بالنبي محمد ص وبما جاء به من عندالله عزوجل أن يعتبر بموته صلى الله عليه وسلم، وأن يتمسك بهديه، وأن يسلك سبيله، وأن يطيع أمره، وينتهي عما نهاه عنه وزجره، وأن يقتفي أثره، فإن الخير كل الخير في التمسك بطريقه المستقيم. وليحذر الغافلون عن لقاء الله تعالى فأن الموت قريب، وإن القبر هو أول منازل الآخرة، وإن يوم العرض على الله يوم عظيم رهيب، وان الحساب عسير، والموقف عصيب، وأن الجنة هي المستقر للمؤمنين والنار مُستقر الفجار.فليتخير كل انسان ما يريد، وليعمل له، ومن تعلق قلبه بربه، وأحسن الظن به بذل مهجته في سبيل مرضاته والحصول على جناته، ومن تعلق بغير الله، وأساء الظن بربه، ولم يبذل الجهد في تحصيل مرضاته، باء بالخسران العظيم، وبالعقاب الأليم، وبسكنى دار الهوان المبين. وختماما” نقدم خالص عزائنا الى بقية الله في ارضه وحجته على عباده وخلقه صاحب العصر والزمان الامام المهدي ارواحنا لتراب مقدمه الفدى ولجميع المسلمين والأحرار في العالم بذكرى وفاة الرسول الأعظم مُحَمَّد ابن عبدالله صلى الله عليه وعلى اهل بيته وصحبِه الاخيار الأبرار