27 ديسمبر، 2024 6:35 م

في ذكرى رحيل الصـــــدر 9/ المستقبل السعيد.

في ذكرى رحيل الصـــــدر 9/ المستقبل السعيد.

إن هذه الحياة لن توفر الفرصة الكافية للتكامل بعد بلوغ هذه المراحل العليا، ومن هنا لزم نقل البشرية إلى عالم آخر، تتوفر فيه فرصة الكمال الأعلى، لتستمر البشرية في تكاملها هناك. ومن هنا تزول البشرية عن وجه الأرض، لتذهب إلى عالمها الجديد، ويتم انتقالها إليه في [يوم القيامة] كـما سماه القرآن الكريم. وهو إحدى الحلقات الرئيسية في التخطيط الكوني العام. انتهى.. هذا ما كتبه الشهيد محمد الصدر (رض) في ج4 من الموسوعة، كتاب (اليوم الموعود).. في باب (فكرة إجمالية عن التفاصيل) الخاصة بالتخطيط العام الكوني. ويمكن فهم عدد من الامور اهمها:

اولا: حسب فهمي، ان موضوع (المستقبل السعيد) للبشرية لم يطرح بشكل متكامل، وموضوعي، الا من قبل الصدر، وخاصة في موسوعته.

ثانيا: ان اطروحة الصدر، ومفادها، تراكم التكامل، وصولا بالبشرية الى مرحلة (ادارة الكون) .. وذلك هو الانتقال المنطقي الحاصل (يوم القيامة).. اي ان البشرية ستتطور يوما بعد يوم، ويتعمق وعيها، وتتوسع معرفتها بخالقها، ومشروعه، وتخطيطه، وستكون مؤهلة لمرحلة (الخلافة).. لتتولى زمام ادارة الكون وما فيه من كواكب ومجرات.. مصداقا للقول الكريم: .. إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً.. من قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ..

ثالثا: ان اطروحة الصدر، تربط القضايا الدينية المتناثرة، وتجمعها في وحدة موضوعية، تتمحور حول (المشروع الالهي)… والذي اهتم الصدر جيدا بتفاصيله في كتاب (اليوم الموعود)..

رابعا: ان عنصر (الهدفية) او ما يصطلح عليه الصدر ب (الاستهداف).. وهي حركة الكون والبشرية نحو الافضل.. ونحو التكامل اللامحدود.. هذا كله، يجعل للفكر الديني منطقا، يمكن ان اصطلح عليه (بالمنطق الكوني الصدري).. ويجعل للفكر الديني، موضوعا موحدا، وذوق في الفهم، وطعما مستساغا، للمشروع عموما..

خامسا: ان اطروحة (الوصول الى السعادة) التي ثبت مفاهيمها الصدر في (اليوم الموعود) وبثها.. فضلا عن مناقشته للاطروحة الماركسية التي تشترك مع (الدين) في اطروحة المستقبل السعيد.. هي محاولة لفتح الذهن البشري على مسؤوليته وتكليفه تجاه هذا المشروع الكوني العظيم، الذي ينقل البشرية من (سعادة) الى سعادة اعمق..!

يقول الصدر: ان البشرية ليست إلا رحلة طويلة من رحلات الكون الكبرى، وظاهرة من ظواهره، وليس مستقبلها السعيد بكل تفاصيله سوى محاولة لتركيز الاغراض الكونية. أما انه كيف يكون ذلك، وما هي مقدماته، وما هي صفاته, وما هي نتائجه، فهذا ما يشرحه لك

[التخطيط الالهي العام لتكامل البشرية] في القسم الثالث من هذا الكتاب، بكل تفصيل.انتهى قوله.. ويقصد كتاب اليوم الموعود….وللحديث بقية.