17 نوفمبر، 2024 9:24 م
Search
Close this search box.

في ذكرى امام الصبر (ع)

في ذكرى امام الصبر (ع)

تمر في الخامس والعشرين من رجب من كل عام ذكرى شهادة امام الهدى والعروة الوثقى والحجة على اهل الدنيا الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع) , وهو واحد من اعاظم بيت النبوة , وقصة حياته وشهادته وما لقيه من طاغوت زمانه حفرت وجودها في ضمير الامة , فكانت قصة سجنه واستشهاده وعظيم مظلوميته تاتي بعد شهادة جده الامام الحسين (ع) لوعة واسى في قلوب مواليه وشيعته , فمات الامام الكاظم غريبا , وطرح جسده على احد جسور بغداد باستخفاف , كما استشهد جده الامام الحسين غريبا في كربلاء , وترك جسده مبضعا بحد السيوف على رمال الصحراء باستخفاف يحكي وحشية اعداء اهل البيت (ع) على مدى التاريخ .

لقد كان موسى بن جعفر (ع) منار علم وهدى لجميع المسلمين بما في ذلك اعداء اهل البيت , فكان يصل الجميع ويفيض عطاؤه , وجوده على الجميع حتى اشتهرت عطاياه بصرار موسى وضرب بها , فكان يصل مساكين ومعوزي المسلمين بهذه الصرار لسد فاقتهم . والى جانب جوده كان يجود بالعلم على المسلمين فواصل انعاش مدرسة اهل البيت التي اقام اركانها جده الباقر ونماها ابوه الصادق عليهما السلام , فكانت مدرسته وهي مدرسة ابائه اساس ما قام عليه التشيع وما تعارفت عليه الشيعة في الفقه والتفسير والكلام والحديث , خصوصا في العصر العباسي الاول الذي كان يموج بكل شاردة وواردة من الشبهات في الدين , ذكر المؤرخون ان النعمان بن ثابت ابا حنيفة قصد الامام الصادق (ع) في مسألة لكنه التقى بموسى بن جعفر وكان شابا فسأله على سبيل الامتحان اسئلة في الفقه فلما سمع جوابها عظم في عينه واكتفى قائلا ذرية بعضها من بعض .

لم يعدم الامام الكاظم كابائه الحساد والاعداء , ولم يغفل عنه هارون الرشيد , فكان يحيي البرمكي وزير الرشيد يترصد اخباره ويوصلها اليه ويزيد عليها حتى استمال علي بن اسماعيل بن الامام الصادق (ع) اليه , واخذ يعطيه المال ليزوده باخبار الامام الكاظم (ع) , فاستدعاه الى بغداد ولما علم الامام بعزم علي بن اسماعيل الذهاب الى بغداد اوجس في نفسه خيفة وحاول ان يثنيه فلم ينثن فقال له : الله الله في دمي وزوده بما يحتاج اليه من مال , فلما وصل علي الى بغداد دخل على الرشيد وقص عليه خبر موسى وانه ينافس الخليفة على سلطانه وتجبى له الاموال من جميع الجهات فزاد الرشيد غيظا واغدق على ذلك الواشي المال

حتى حج الرشيد في عامه فقبض على الامام وارسله مخفورا الى سجن البصرة وظل فيه سنة ثم نقل الى سجن الفضل الربيع ببغداد وظل فيه مدة طويلة , ثم الى سجن الفضل بن يحيي , وكان هذا الاخير وسع عليه قليلا في السجن فبلغ الرشيد ذلك فامر بجلد الفضل بن يحي مائة جلدة , وقال لمن حضر مجلسه ان الفضل عصاني وامرت بلعنه فالعنوه فلعنوه , وحاول يحيي بن خالد ان يخفف من نقمة الرشيد على ولده فقال للخليفة ان الفضل شاب فيه طيش وانا اكفيك امر موسى , ومازال يتلطف بالرشيد حتى رضي وقال لجلسائه : كنت امرت بلعن يحيى والان اطاعني وانا اتولاه فتولوه فقالوا : نتولى من توليت .

اما يحيى البرمكي وبالاشتراك مع السندي بن شاهك فقد امر بسم الامام (ع) في سجنه فمات من بعد ثلاثة ايام , وحملت جنازته الشريفة ووضعت على الجسر ببغداد ونودي عليها هذه جنازة موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة انه لن يموت ثم حملت الجنازة ودفنت في مقابر قريش , وشاء الله لذلك السجين المنسي في سجون الطغاة ان يصبح قبره منار هدى , ومقصد زوار , وباب حوائج لمسلمي الشرق والغرب .

ذكر الشيخ المفيد في الارشاد اثني عشر رواية تنص على امامة موسى بن جعفر (ع) كما ذكر طرفا من كراماته , وذكر ذلك ايضا الشيخ الطبرسي في اعلام الورى وغيرهما من اعلام الطائفة لكنهما لم يذكرا مدة سجنه غير ان الشيخ الطبرسي قال ان الامام استشهد وقد مضت من خلافة الرشيد خمس عشرة سنة وكان عمره الشريف خمسا وخمسين سنة ومدة امامته خمسا وثلاثين سنة .

أحدث المقالات