18 ديسمبر، 2024 5:55 م

في ذكرى استشهاد الزعيم القديس!- الذي رايته امس في المنام!

في ذكرى استشهاد الزعيم القديس!- الذي رايته امس في المنام!

“ثورة 14 تموز العراقية هي الثورة الوحيدة في العالم العربي”
مكسيم رودنسون
المصدر:
عبدالخالق حسين – 14 تموز 1958.. ثورة أم إنقلاب؟ (ahewar.org)

1—في ذكرى 8 شباط الاسود
2—لقد رايته امس في المنام شامخا باسما
3– ماقصة الجمعة والسبت والاربعاء في الشرق الاوسط!
4– قصيدة الزعيم
5—قالوا في الزعيم

(1)
مرت كالعادة ذكرى انقلاب شباط الدموي في 8 شباط 1963 بصمت, ومرت ذكرى استشهاد الزعيم القديس عبد الكريم قاسم يوم 9 شباط, بعد يوم من الانقلاب, بصمت كذلك!
وعندما تغفل الشعوب عن ذكر واستذكار قادتها العظماء, وتذهب بصورة مصطنعة لتاليه رجال اخرين لم يكن له اي دور في صناعة الحضارة او التاريخ او الامة او دفعها قدما للامام, فاننا بازاء حالة مريضة مزرية, حقا!
يختلف العراقيون عادة في تصنيف الزعيم قاسم, هل كان مسيئا ام محسنا, هل كان على صواب ام على خطا, هل فعل الخير ام الشر!؟
ولااعتقد انهم يختلفون انه كان زعيما اراد الحق وربما اخطاه, اراد الخير فانقلب عليه الشر, اراد الرفعة للعراق فتامر عليه الاعداء, اراد العزة فانتصرت الذلة.
واعتقد ان عامة الفقراء واليسار والوطنيين معه وان عامة البرجوازيين والقوميين العرب والاكراد ورجال الدين والسادة ضده! لاسباب لها علاقة بصراع الطبقات فكل طبقة تختار وتحب ممثلها!
ولااعتقد انه يختلفون في صفاته الشخصية في انه كان متدينا يصوم ويصلي ويحب الفقراء ويحب كل طوائف العراق, فقد كانت امه شيعيه وابوه سني! ويحب كل قوميات العراق المتاخية.
وانه كان لايدخن ولايشرب الخمر ولم يتزوج ولم يملك شيئا من حطام الدنيا.
تلك صفات يندر وجودها عند بشر بل ترقى لمستوى الانبياء والقديسين!
كان الرجل, هو اول زعيم عراقي يحكم العراق بعد اربعة قرون من الاحتلال الاجنبي, اي بعد سقوط بغداد بفعل تامر المتامرين التاريخيين! على يد المغول عام 1258.
مع ان الدولة العراقية الحديثة قد نشات عام 1921 بقيادة الملك الحجازي العظيم فيصل الاول وحققت استقلالها في 3 اكتوبر 1932, وبدات عصر النهوض والقوة وحققت انجازات كثيرة وكانت في مقدمة دول الشرق الاوسط والدول العربية في مجالات كثيرة.
جاءت ثورة 14 تموز 1958 نتيجة جملة من التراكمات والاخطاء والجرائم والاثرة والفساد (المحدود, ان قورن بدولة مابعد 2003!) وجاء في سياق التطور التاريخي بعد ثورة 23 يوليو 1952 المصرية وبدء عصر تغيير الانظمة الملكية الى جمهورية.
وحققت الثورة الكثير من الانجازات ودافعت بشدة عن مصالح العراق في مجال النفط وقوانين الاصلاح الزراعي وتحقيق الحرية السياسية ونصرة الفقراء, والاقتصاد والثقافة وغيره ولكن تلك الثورة كانت تفتقد للقيادة الحكيمة واعداد الجماهير للدفاع عن الثورة وكانت تفتقد الى ذراع امنية ضاربة كما كانت ثورة يوليو المصرية تمتلكها.
وعاني العراق من تامر الدول العربية والاجنبية المحيطة على حد سواء في موضوع مطالبة الزعيم بالكويت في حزيران 1961 واستقباله لبرزاني وعائلته من المنفى بعد اكرامهم فاذا بهم يرفعون السلاح في ايلول 1961.
لقد حقق النظام الملكي بعد مخاض عسير وحدة البلاد وامن حدودها بالتحالفات الاقليمية والعالمية مع بريطانيا, مما سمح بازدهار وتطور العراق وتبوء مركزه المرموق في العالم!
اعتقدت ثورة تموز ان الانسحاب من الاحلاف سيحقق الامن والاستقرار للعراق وان معاداة بريطانيا والغرب سيحقق النصر والتقدم للعراق ولكن ذلك كان وهما.
لقد غرق العراق في حروبه الاهلية وفي اعمال التامر الداخلي والاقليمي والانقلابات, وضاع الراس واصبحت السلطة ليست فقط مطلب الاحزاب والقيادات العسكرية بل حتى ان دولة مثل ايران في عهد الشاه نظمت انقلاب عبد الغني  الراوي عام 1969 لتاتي بنظام موالي لها في العراق!
يبدو الان بعد كل بحار الدم التي خضناها, وجبال المال الضائعة او المنهوبة, ان الاطاحة بالنظام الملكي كان خطئا وربما كان خطئا فادحا!
ولكن يكفي الزعيم عظمة انه كان يطمح بمستقبل اكثر اشراقا للعراق وفق طريقته, وانه كان عفيف اليد واللسان وان اليسار والفقراء يشعرون تجاهه بالاحترام والحب!
وكل ذلك تم مصادرته!
فقد اسكن فقراء الجنوب في مدينة الثورة ومن ثم جير الاسم لصدام وبعدها للصدر!
كان رجال الدين والاقطاع صنوان احدهما يستغل الفلاح والاخر يغرقه في الجهل ليقبل تلك المعادلة معادلة السيد والعبد!
والمفاجاة انه في عصر الديمقراطية! تحول عبيد الامس الى عبيد جدد بارادتهم! وبوسائل دنيئة!
وعادت طبقة الاقطاع والسادة التي كانت تتحكم بالارض والانسان الى السلطة مجددا! لتنتقم عن كل سنوات التهميش والقمع!
ومن ذلك اليوم الذي صنع فيه, الزعيم الجمهورية فقد تحول حكم البلاد الى ملعب لكل من هب ودب , كل يرغب بالفوز بطرق دنيئة وضيعة بعد ان كان هناك ملك واحد مطاع من قبل الجميع, وهو ملك يستحق الاحترام والطاعة بسبب نضال عائلته وانحدارها الصميمي من نسل النبي وليس المزيف ودورهم العظيم في الثورة العربية الكبرى التي حققت استقلال الشرق العربي وقد تفجرت في 10 حزيران عام 1916!
وقد خطط الاراذل ان يكون ذلك اليوم الاغر مناسبة لسقوط الموصل المدبر في 10 حزيران 2014!
كما خطط الاراذل لتكون 14 تموز تساوي صفر وفق المادة 140 من الدستور كما وصفها الكاتب القديم المختفي طالب الشطري!

(2)
لم اكن قد خططت للكتابة عن تلك المناسبة المولمة,في ذكرى استشهاد الزعيم القديس في 9 شباط ولكني رايته في المنام يوم امس وقد كان واقفا يرتدي بدلته العسكرية وكان باسما ووجهه مشرقا, كان ينظر لي ولم يتكلم باي شيء!
قلت  له ارايت كيف ادخلنا صدام للكويت وكيف ادى ذلك لخراب العراق والى مصرعه!
ارايت هولاء الذين جلبتهم لقيادة الوحدات الفعالة كيف تامروا عليك!
لم يرد علي بشيء وبقى مبتسما واقفا شامخا, وانتهى الحلم بسرعة!
لقد احترت في تفسير كل ذلك, فلم اعش انا سنوات الزعيم, ولم احلم به من قبل يوما!
فكيف حدث ذلك وماذا كان يريد, وهل نحن امام حدث ما!
لست ممن يومن بتفسيرات الاحلام ولكن هناك دائما مصادفات او ملامح او معاني للاحلام!
وليس شرطا ان يكون الحالم قد فكر بمن حلم به, فانا لم افكر ابدا ومنذ اعوام في الزعيم!

(3)
ماقصة الجمعة والسبت والاربعاء في الشرق الاوسط!
الجمعة يوم مقدس عند المسلمين والسبت عند اليهود والاربعاء عند الايزيديين!
قُتل الزعيم في يوم السبت 9 شباط 1963 عن عمر يناهز 48 عامًا.
وفي يوم 9 شباط في التاريخ, مات سيف الدولة الحمداني  ومراد الرابع، السلطان العثماني الثامن عشر و فيودور دوستويفسكي!
وقد قام بثورة 14 تموز  1958 وعمره 43 عاما.
ولد الزعيم يوم السبت 21 نوفمبر 1914 وتوفي يوم السبت!
في 21 نوفمبر في التاريخ  ولد فواتير وفيروز ايضا!
وقع الانقلاب يوم الجمعة 8 فبراير 1963.
أُعلنت دولة إسرائيل يوم الجمعة 14 مايو 1948.
بدأت الحرب في فلسطين يوم الأربعاء 5 مايو 1948
وانتهت يوم السبت 11 يونيو 1949
لقد وقعت ثورة 14 تموز 1958 في يوم أربعاء.
وفي 14 تموز في التاريخ!  عام 1789 سقط سجن الباستيل في فرنسا ويعد من أهم احداث الثورة الفرنسية .
وماتت اسمهان وعمر ابو ريشة والملك فليب الثاني.
وفي عام 1937 تم التوقيع على معاهدة الحدود المشتركة بين العراق وإيران.

خاض الزعيم حرب فلسطين وكان برتبة مقدم في الجيش في منطقة كفر قاسم واستمرت تلك الحرب اكثر من سنة كاملة.
وكانت الجماهير في عهده تهتف, كفر قاسم تناديك ياابن قاسم!.
لم يكن الجيش العراقي يضرب اسرائيل ثم يختبا بين المدنيين!
وحروبه مع اسرائيل هي من ادت لحله وتدميره وتدمير العراق وقيام دولة العتاكة ومزدوجي الجنسية!
كان داعما للعرب ولحركات التحرر وكان داعما لنضال الجزائر خلال فترة حرب التحرير وهناك شارع في الجزائر العاصمة باسمه!
كان الزعيم متديناً. يصوم ويصلي، ولم يشرب الخمر، ولم يدخن، ولم يتزوج، ولم يملك شيئاً من الدنيا، لا بيتاً ولا سيارة. وتبرع بباقي راتبه للفقراء والمحتاجين.
كان وطنيا مخلصا لايشق له غبار وكان نزيها بلا لبس ولا غموض! عفيف اللسان واليد.
اعاد عائلة برزاني وكرمهم واعتبرهم ثوار وعراقيين مخلصين!
ورغم كل ذلك كانت حركات القومية العربية والكردية والحركات الدينية والاوساط الدينية تناصبه العداء!
لقد كان قديساً، لكنه علماني تقدمي! سبق عصره, ولكنه لم يتملك دهاء الساسة كما كان من قبله عليا والحسن والحسين! فاضاع هولاء العراق ايما ضياع!
(4)

قصيدة الزعيم( عبد الكريم قاسم بروعة قصيدة)
في سلسلة قصائد لماء الذهب ، وقصائد ترقم على الماء:
شعر– رحيم الشاهر– عضو اتحاد ادباء ادباء العراق
انا اكتب، اذن انا كلكامش( مقولة الشاعر)
قصيدتي كريمة، لاحافية ، ولا مرتزقة( مقولة الشاعر)
إلى الزعيم عبد الكريم قاسم: هنا يُشاد قبرك وان ضيعته الأعوام!
حكمة القصيدة: كلما تنفس العراق زعماءه ، اختنق بعبرة( الساحلين والمسحولين)، ( مقولة الشاعر)

كم ادري انك للخلود زعيمُ! وقليلُ مثلك قاسمٌ وكريمُ!
من بعد تاريخٍ كتبتُ قصيدتي وحيُ القصيدةِ في مداك عظيمُ!
اني قرأتكَ في الكتاب فضيلةً  منك الفضيلةُ ترتقي وترومُ!
ها قد ولدتُ وأنت عني غائبٌ فوجدتُ انك في القلوب تقيمُ!
هم يمدحوكَ وأنت حي واهبُ وأنا مديحي للزعيم غريمُ!
قالوا بأنكَ أوحدٌ بزمانهِ قد مات في شنق العراق زعيمُ!
وجدوا الخزائن أُفرغتْ من جيبهِ فبجيبه حبُ الفقير نديمُ!
حرٌ كأنك (بالحسين) ع موسمٌ والحرُ في عجب العراق عديمُ!
ماكنتَ سنيا ولا شيعي الهوى بل انت من صلب العراق قويمُ!
قد غاب سرك في الظلام مكتماً! ونضالُ قبرك ماله ترميمُ!
مازال تلقين العراق على المدى : شنقُ الزعيم ( وسحبه) المشؤومُ!
قد ماتَ بعدك بانقلابِ مصيره هذا وذاك وسرهم مكتومُ!
رؤساؤنا خابوا بنا ، بقي العراق لوحده ماصانه التكريمُ!
مامر عصر والزعيم نحبه قد شيطنوه فحبه مرجومُ!
إني لأبحث عن رئيس تقاعدٍ يأبى العراق رئيسه معدومُ!
ذئب السياسة آكلٌ من زادنا! مازال يأكلُ والخرافُ تصومُ!
قالوا ببيتكَ راهبٌ متعبدٌ! وبكل عدل قاسمٌ وقسيمُ!

(5)
قالوا في الزعيم
ورد في المصدر:
عبدالخالق حسين – قالوا عن الزعيم عبدالكريم قاسم (ahewar.org)

كان للزعيم عبدالكريم قاسم الكثير من الصفات الحميدة وأفضلها من وجهة نظري أنه كان مهذباً جداً وذا إخلاق عالية وحضارية ولم أسمع منه كلمة نابية قط. وكان نصيراً للفقراء وذوي الدخل المحدود، يسعى لخدمتهم ورفع مستواهم المعيشي وقد عمل الكثير في هذا المجال من أجلهم فأنشأ لهم مشاريع خدمية وسكنية عديدة، لقد كان ذا نشأة عسكرية غير سياسية ولعل ذلك كان أحد أسباب عدم إستمرار حكمه زمناً طويلاً. .. وقد تألمت للمصير الذي انتهى إليه الزعيم عبدالكريم قاسم والمذابح والتصفيات التي جرت في صفوف الشيوعيين والوطنيين ولم يكن قائد ثورة 14 تموز (يوليو) يستحق ذلك المصير المؤلم بعد أن أسس النظام الجمهوري وحارب الإستعمار بصلابة وخدم الفقراء بصدق وسعى للارتقاء بمستوى العراق إلى مصاف الدول المتقدمة في جميع المجالات .
د. نزيهة الدليمي
وزيرة البلديات في حكومة ثورة 14 تموز، وقيادية سابقة في الحزب الشيوعي العراقي، في مقابلة معها في صحيفة الزمان اللندنية، العدد الصادر يوم 26/9/2001.
*- أُعطيتُ حين قدومي (إلى بغداد) مركزاً خطيراً. لقد واجهت قائد الثورة، فوجدته يختلف عن القادة العسكريين الذين يقومون بأمثال هذه الثورة، في كل بلد متأخر في العالم الآن، ووجدته في حيرة. إن أهداف القوم واحدة، فلماذا يختلفون ويقتل بعضهم بعضاً ؟ إن الرجل لا يفهم أن يستعمل العنف لتأديب من استعمل العنف هو مرة إن له فلسفة كفلسفتنا، ولا أدري من أين أتته؟ إذ أنه نشأ وتربى في وسط القوة التي لا تعرف غير القوة حلاً. لقد ملت إلى الرجل، ولكني أدركت أنه حمامة سلام في ثوب نسر، أو مسيحاً يحمل صليبه على كتفه. إن أعداءه في الخارج يسمونه دكتاتوراً. وهو لا يستطيع في نظري أن يحمي نفسه. أنه يترفع عن استعمال القوة حتى في الدفاع عن نفسه. أما الساسة الحاذقون المطلعون فيعتبرونه جاهلاً في السياسة، مفلساً من أساليب الحكم الصحيحة.
أما أعداؤه في الداخل فيروجون بأنه رجل مجنون، وأن الخير في التخلص منه. وهو يسمع كل ذلك دون أن يتأثر، إن جل همه منصرف إلى إلغاء أنظمة قديمة جائرة، وإبدالها بأخرى منصفة إنسانية حديثة. وهذا ما استهواني للبقاء معه. على الرغم من أني أعلم، أنا وكل أنصاره القلائل، بأننا سائرون إلى هاوية.
ذوالنون أيوب،
أديب عراقي في رواية عن الزعيم: وعلى الدنيا السلام، ص74-75
– قيل عن عبد الكريم انه كان شيوعياً ودكتاتوراً ودمويا واصلاحياً وخطراً ولغزاً… كيف جميعاً..؟!
كان لغزاً لأنه احب بلده وأخلص لشعبه.
كان خطراً لأنه أول رئيس عراقي لحكومة عراقية منذ الألف الثالث قبل الميلاد.
كان خطراً لأنه عمل جاهداً ليجنب بلدنا ما يدور فيه اليوم من مهزلة مزاد علني.
من يعرف نفسه جيداً من العراقيين يستطيع وبسهولة فهم عبد الكريم قاسم.
من يعرف طبيعة الشعب العراقي يفهم عبد الكريم قاسم.
لم يستطع أنصاف البشر حل هذا اللغز فقرروا القضاء عليه.
نعم كان خطراً عليهم فقتلوه وحُلَّ اللغز. كافح وناضل العراقيون آلاف السنين ليأتوا بقائد مثل عبدالكريم قاسم وحينما جاء، قتله الذين يناضلون من اجل عبوديتهم فصح فيهم قول الرصافي:
عبيد الأجانب هم ولكن على أبناء جلدتهم اسود
قُتل عبد الكريم قاسم وهو يبتسم بحنان !
ومنحنا بذلك خطيئة أزلية.
دلير مصطفى
مهندس كردي عراقي
مجلة الموسم، العدد 32، عام1997، ص 49.
*- إنه حان الوقت لنعيد لعبدالكريم قاسم إعتباره ونسمي الأشياء دونما أن نغفل ظروف ذلك الزمن ونوعية تحالافاته وعلاقاته.. كان عفيف اللسان نزيه الكف لم تذكر خطبه المسجلة كلمة شائنة في حق خصومه ولم تذكر دفاتره انه حقق جاهاً أو مالاً لنفسه أو لعائلته من وراء مناصبه.. مات كما لم يمت غيره من صناع تاريخ العراق، وحيداً دونما جاه أو قصور أو أطيان، أو حتى ملابس مدنية، ودونما أحزاب ومتحزبين ومليشيات، بل دونما زوجة أو وريث من صلبه.. بل سيذكر التاريخ إن الرجل الذي فجر الثورة وأسس الجمهورية وحالف الفقراء ووهب الوطن كل حياته لم يجد في أرض العراق الواسعة مترين من الأرض ليحتضنا جثته المثقوبة بالرصاص، وفضل رفاق الأمس في ظاهرة تكشف قلة الوفاء وسيطرة النوازع الإنتقامية، ان يرموا بالجسد في النهر ليكون طعاما للأسماك، حتى لا يعود العراقيون ذات يوم حينما يعود الوعي الغائب أو المغيب قسراً، إلى الترحم على رجل لم يبخل على أهله بشيء فبخل الأهل عليه بكل شيء بما في ذلك القبر!
عبدالله المدني
كاتب بحراني، (14 تموز وصورة قاسم)،
جريدة الحياة 14/7/1994.