23 ديسمبر، 2024 1:19 ص

في ذكرى اختطافها، تخريب بغداد ،، لمصلحة من!

في ذكرى اختطافها، تخريب بغداد ،، لمصلحة من!

إن كانت ماتمر علينا اليوم هي ذكرى سقوط بغداد الثاني كما يسميه التاريخ ا او احتلال وتدمير دولة العراق القوية كما يسميها فريق من الوطنيين او تحرير العراق كما يسميها فريق من المنتفعين حاضرا والمتضررين ماضيا ، وفريق مثلهم من المتعاونين مع قوى اجنبية ودول من العرب كانت تخطط بحقد وغل على جمجمة العرب.
وبغض النظر عن فريق وسط بين ذلك كان يسمي الحدث التاريخي والسياسي الخطير الذي وقع في مثل هذا اليوم تحريرا وانقاذا من دكتاتور اتعبهم وارهقهم استبدادا واقتصادا ، ثم استفاقوا بعد سنوات قليلة على عصابة منظمة تدير البلد نهبا وسلبا وعمالة وجرته الى اسفل سافلين تعليما وصحة وقانونا وبناء وخلقا ومكانة ، فغيروا قناعاتهم تبعا للواقع و بالدليل والتجربة وعادوا ليسموا هذا اليوم باسمه الحقيقي الذي يرون (يوم نكبة العراق الحديث),
بعيدا عن راي الفريقين وما بينهما يبرز تساؤل كبير لايمكن للمتجادلين من الفرق الثلاثة الحاضرة ان ينكروه او يهملوه ، هو “لماذا يتم تخريب منتظم لبغداد منذ يوم التاسع من نيسان 2003 الى اليوم”؟
هذا هو الفارق والفاصل والحد الذي نقف جميعنا والعالم اجمع من عدوه وصديقه، لنتحاكم ونحلل ونتفاهم ونتفاصل ونتجادل ونتناقش ونحكم على اساسه ، فلايمكن التجاوز الى خطوة اخرى او نقطة اخرى او مسالة اخرى نبتغي حلها او نفض اشكالها بواقعية وصدق ونتائج مرضية قبل ان ننتهي من هذا التساؤل الواضح الساطع الذي يختزل لك كل المتشابكات ، ان كانت القوى الداخلية على حق او باطل ، او كان السياسيون صدفويين ام حقيقيين ، او كانت المرجعية دينية ام دنيوية ، وحقيقة ان كانت اوربا انسانية ام انانية ، وان كانت الحكومات العربية مشتركة في الجريمة ام بريئة ام تحريضية ، وان كانت الدول الاقليمية المجاورة جميعها مجرمة بحق العراق ام تدخلاتها نسبية، وان كان فعلا هناك بعض الشخصيات التي مرت على السياسة والقرار والحكم الى غاية اليوم شريفة طامحة وطنية ام كلهم في سلة العمالة والسرقة والتبعية؟
كل هذا يحله ويفصله جواب واحد لسؤال واحد وبسيط لا تعقيد فيه ولا الغاز , هو:
“لماذا يتم تخريب بغداد منذ اول يوم للاحتلال او التحرير او السقوط او الانقاذ-الى يوم الناس هذا”!
لماذا ولارصيف صبغ ولاجسر في بغداد بني ولاشارع عبد ولا منشأة اقيمت ولامعمل اعيد ولا مدرسة انشئت ولاجامعة في بغداد طورت ولا مطار ظهر ولاحديقة زرعت !؟ كل الميزانيات الفلكية والموازنات الانفجارية والسنوات السلمية والحكومات السياسية والدينية والمدنية والتكنوقراطية، لماذا كل هذا ولم تبن في بغداد طابوقة واحدة لعشرين سنة؟
عشرون عاما من الاهمال التام والتخريب التتاري المقصود والهدم البربري المعلن والاصرار على ازالة كل معلم واقالة كل عالم وتصفية كل كفاءة وطرد كل معمر ، سؤال واحد يحسم كل جدلنا جميعا بفرقنا المختلفة المتناحرة ، ان كان الذين جاؤونا والذين بين ظهرانينا من متدينين ومرجعيين ومدنيين وعسكريين وحزببين ومنتخبين او معينين او مستقلين ، ان كانوا وطنيين او صادقين او مخلصين او حتى قليلا طامحين ،
فلماذا يتم تخريب بغداد باهمال واحتراف وتعمد واصرار حتى صارت قرية خربة بعدما كانت من بين اعظم واجمل واثقف وانظف عواصم العالم وارقاها من وقت غير بعيد ،
فلماذا الجد في اهمالها وتخريبها وهدمها واخراجها من كل تصنيف وادراجها في ذيل المدن وتحويلها الى بوار سادر ودمار ظاهر ، في كل شارع وكل منشأة وكل شبر ، حتى ان داخلها يظن ان الزمن قد توقف بها قبل مئة سنة بل كأن الزمن عاد بها الى قبل الف سنة بل ياليت ، وانما يرى نهرا حزينا يجري منكسرا بين اشلاء ابنية واشباح قصور واطلال جامعات واسمال بساتين .
فان كنت تريد ان تعرف هل كان هذا اليوم تحريرا ام احتلالا ام تدميرا ام انقاذا ، فاسال مجادلك اولا : “لماذا يتم تخريب بغداد طوال كل هذه السنوات،،ولمصلحة من!”