ربّما من غير المألوف أن نحيي ذكرى من لقي ربّه قبل قرون طويلة وهو “في الجنّة” منذ ذلك الحين وفق ما يُفترض بالطبع بينما نحن نجهل مصيرنا ! ؛ قائد من قادة ذلك الزمن في السلوك القويم “أولياء الله الصالحين” بالتطرّق لجوانب حياتنا الحاضرة “الكاظم” , في ذكراه حملت الكثير من العضة والعبر , وخير وسيلة لأحياء الذكرى قراءة الماضي , فهي عمليّة مقصودة من الخالق , فقراءة التأريخ إنّما لامتصاص ما ينفعنا منه , لذا هي بالنسبة إلينا عمليّة اقتداء بقرآن نبيّ من المرسلين وتأسّياً بأوّل رسالة “سماويّة” يكون افتتاح تعاليمها , بالإجبار والإكراه , لكلّ من هو مؤمن بها هو مُلزم لزماً إلهيّاً بها أوجب من الانتخابات ممارستها هو أن ( يقرأ ) , لذا قال سبحانه آمراً المسلمين ( اقرأ ) , ومن لم ينفّذ الأمر الإلهي هذا فقد عصي الله وسيلقى آثاماً وحساباً عسيراً في دنياه “وواقعنا غنيّ عن الوصف!” وفي آخرته , حيث من المحتمل جدّاً أن تكون النار بانتظاره , يعني بأمّيّة فهمه ما دار حوله تجرّه لما يدور حوله , وبالتالي يكون مستقبله خليط من ماضيه ومن حاضره ! , أكيد لن تغيب درجة خطورة مثل هذا العصيان عن بال المسلمين ! فلو غابت يسحبهم الماضي إليه وهو ما يحصل اليوم “وبتغطية فضائيّة واسعة” بدل أن يسحبوه هم لامتصاص ما يريدونه منه “لا هزّ رؤوس فقط!” , فما جدوى أنّك مسلماً ومقتنع بالانتماء هذا بينما تعصى أخطر وأوّل أوامره ! , إذ ليس ترك الخمر أو الاقلاع عن التدخين وعن باقي “المحرّمات” والنواهي كالمخدّرات وغيرها هي فقط فيها أمر , بل القراءة واجبة وأمراً إلهيّاً أوجب تطبيقه بل وأوجب من جميع ما أمر به الخالق صياماً أو صلاةً أو بقيّة شعائر , فهو يأتي في مقدّمة أوامر الخالق وأوّلها لا آخرها ! إذ لم يبدأ الله افتتاح تكليفه أخطر مهمّة يحملها إنسان ب”صمّ” أو “صلّ” أو اجعل لون جبهتك بلون العتمة وواسعة بأوسع من الجحر ! , كما لا ننسى “اقرأ” اعتراف إلهي أنّ للبشر تاريخ! ومستقبل سيكون هو الاخر تاريخ! لذا استوجب قراءة أصله على اعتبار أنّ الزمن كائن ومخلوق له بداياته ومستمرّ بالتمدّد يحملنا على ظهره !, فبهذا الأمر ( إقرأ ) افتتح به سبحانه دعوته للعالمين بإقرار وحدانيّة الله وحده وبتبليغ للعالمين من خاتم النبيين “وليس خاتماً للرسل أيضاً مثلما شاع!”..
فبحسب رأيي الشخصي وكنوع من مساهمة متواضعة منّي في “تجديد الخطاب الديني” كما يُقال , أن ننوّع في طرق إحياء “الذكرى” ليس بالخطابة وأبيات شعر مليئان بالمديح والرثاء كما جرت عليها العادة في مثل هذه المناسبات أو الهرولة والالتصاق بالشبابيك كبقايا حطام لجسدّ صاحبه اعتاد التواكل لا التوكّل , وليس من المنطق كذلك فقط “نهزّ رؤوسنا” عند الاستماع لتلاوة قرآن أو قراءته بينما سلوكيّاتنا غارقة في أتون الجاهليّة ! , فلنقرأ ( باسم ربّنا الّذي خلق) خلق التاريخ والموجودات وخلق المستقبل نفهم ذلك بتعليم عالي حضاري وراقي ومتقدّم ننفق عليه الجزء الأكبر من ميزانيّة دولتنا ونحيطه جلّ اهتمامنا كأعزّ ما موجود بين أيدينا على اعتبار أنّ التعلّم مخلوق هو الاخر سيحاسبنا أمام الله يوم القيامة خاصّةً إن كان صنف هذا المخلوق من صنف “التعليم العالي” ! , لأنّ اقرأ منها انطلق الرسول وانطلقت خيول المسلمين تبشّر بمستقبل عظيم للبشريّة جميعاً بسلوك جماعي مستقيم لا خيول أردوغان في اقتحام البلدان ! .. فمن بين أهمّ ما نقرأه في حاضرنا , إن رغبنا العضة منه , ومن موجوداته , نقرأ عن مخلوق حشري اسمه “القرادة” مثلما يطلق عليها بالفصحى من العربيّة , فقراءة وتدبّر هذا المخلوق مثلاً نستطيع فهم “المسؤوليّة” مثلاً !؟ والمسوليّة هو الآخر مخلوق ! منطق الوجود يفصح عن ذلك لذا يجب إيفاءه حقّه أمام الله لا أمام صناديق الانتخابات فقط ! إذ أنّ هذا المخلوق “المسؤوليّة” ما أن تخرج عن هدفها تصبح مركز امتصاص لدماء حاضر ومستقبل أفراد المجتمع ! , فالقرادة هذه مخلوق من مخلوقات الله بالطبع وليست نفايات بشريّة أو بقاياها وهي عضة مستدامة تعيش مع الزمن يتوالد طالما نحن نتوالد , أي يتوالد معنا ! , ومن الطرائف وكما يقال , وهو مؤكّد بكلّ تأكيد , فلو قرأنا بإمعان , أنّ الانسان خلاصة جميع سلوكيّات المخلوقات بأنواعها ؛ البرّيّة أو البر ـ مائيّة أو المائيّة فقط وكلّ من يعيش تحت الشمس أو وسط العتمة أو داخل ثقوبها أو داخل جحورها , إذ الانسان يحمل صفاتها جميعاً ومنها صفات هذا الكائن حشرة “القرادة” .. وهذه الحشرة مشاع عنها بيننا , رغم اعتياشها على امتصاص دماء الحيوانات بما فيهنّ الانسان , أنّ سكنها الدائم هو بين فروة جلد الكلب وباقي وبر وشعر جلود الحيوانات بعد أن فقدت الاحساس بمسؤوليّة تنويع مصادر رزقها وبعد أن فقدت “الثقة بنفسها” فلم تستطع التأقلم في خدمة المجموع من مراكز مسؤوليّة أخرى ومتعدّدة وكالآخرين , إذ ليس شرطاً أنّك تبقى على هرم السلطة تمارس مسؤوليّاتك فقد تكون وسط خطوط مسؤوليّات لو رفعتها سقطت الدولة ! الدول الديمقراطيّة الّتي ديمقراطيّتها منافسة لديمقراطيّتنا , أو أفضل قليلاً ! , حملة الدكتوراه يفضّل فيها ممارسة اختصاصاته في رياض الأطفال ! عامل القمامة مثلاً لو اختفى من قاموس خطوط المسؤوليّة “الخلفيّة” تسقط الدولة ! إذ المسؤوليّة لا تعني أعلى الهرم فقط ! لذلك ولغيره فقد جائت تسمية هذا المخلوق “القرادة أو الگرادة أو ذبّانة الچلب” لذا فبغضّ النظر عن شكل هذا المخلوق ومواصفته فهو يعيش على امتصاص دماء الآخرين وبشكل مباشر ومن دون شعور ولو مقدار ذرّة بأهمّيّة دمائهم ! وهنا تكمن العضة أو المعضلة من قراءتنا لهذا الكائن ! فهو يبدو لنا وكأنّه “غير مصدّق” عثر على مصدر رزق ليس من السهل بتقديره العثور فرصة أخرى مثلها! لذا نراه يتشبّث بمخالبه وبقوارضه بجلد الضحيّة , فترى الضحيّة وقد اصفرّ لونها وتهدّلت ملامحها وانكشفت عوراتها وسقط شعرها واضمحلّ جسدها وبانت عضامها ونحفت وهزلت وأصبحت عرضة لأتفه العوارض بإمكانها تلقيها فراش المرض , لا يحميها سياج يمنع تدفّق الكائنات المفترسة و لذا فبإمكان كائن بحجم نملة إيذائها ! , فمن أعراض من يصاب ب”لصقها” على جلده الشلل النصفي ! والنصف الآخر في طريقه للشلل ثمّ الموت إن لم يسارع من حولها اقتلاعه من على جلدها خاصّةً وقد استقرّ في بال المخلوق أنّ الصدفة هي وحدها من قذفت به على جلدها والصدفة لن تتكرّر بحسب قانون الفيزياء ! , لذا نرى التصاقه فوري قد لا تستطيع الضحيّة اقتلاعه ولا حتّى المرغلة بشدّة على الأرض تزيحه إلاّ بمساعدة آخرين .