أو من خلال الإبستمولوجيا
سواء من خلال ماركس أم نيتشة
هو عصر يحاول أن يفلت من
هيغل…
ميشال فوكو
*نهاية الفلسفة كوظيفة…
لايمثل الفيلسوف الضمير الفاسد لعصره ،إلاّ.. لأنه يفضح الفاسدين الذين يضخون على الاحياء هواءً مستعملا رثا..ذلك لأن هذا الفيلسوف يعي جيدا ،ان ..(التاريخ بكليته هو التفنيد التجريبي لمقولة النظام الكوني للقيم المزعومة/ص5/ نيتشة/ زرادشت/ عن الالمانية علي مصباح/ دار الجمل/ ط1/2007) وحين يقول نيتشة ذلك التوصيف عن الفيلسوف..فهو لايستثني نفسه (..حقيقتي فظيعة،ذلك أن الكذب هو الذي ظل يدعى حقيقة حتى الآن..) حين يشعر الانسان ،إنتباذه عن فردوسه
يطوّقه الأغتراب والتشيوء، في هذه اللحظة تشع الفلسفة نورا يتوافق مع الفكر الإنساني….ف(عندما يفهم الفكر العالم بأن يتعرف على نفسه فيه،يشعر كأنه في بيته،ان الهدف من الفلسفة هو ان تفهم الواقع وتجعله مقبولا/ص44هيغل/ سلسلة أعلام الفكر العالمي)..لكن هناك من يلحق الفلسفة بسلسلة من النهايات أوالميتات بدءاً بنهاية التاريخ الذي أعلنهُ هيغل أوموت المطلق الذي أعلنه نيتشة في 1882أو موت الانسان الذي رأه روجيه غارودي في البنيوية ،وقبلهم رأى داروين في…
(البشر مجرّد جزء عابر من الصلة بين كائنات الاميبا وبعض التحولات المستقبلية/ص 162/ جون كارول)وهناك موت المؤلف الذي أعلنه الناقد البنيوي
الفرنسي رولان بارت..في حين يعلن فرنسيس كريك الحائز على جائزة نوبل في البيالوجي( الروح: تجمع للخلايا العصبية/ص166/جون كارول) لكن الندوة التي جرت عام 2003 حول الثقافة من منظور دارويني والتي تجلى فيها صراع فكري بين علماء كمبريدج ان الثقافة بوصفها عملية مطردة متراكمة في تنوع خلاق عبر التاريخ في الزمان والمكان ليس هناك مايوصف بأنه نهاية تاريخ أو نهاية آيدلوجيا أو فلسفة أو فكري علمي..وتحديدا مع ثورة الاتصالات،تراجع دور الفيلسوف الموسوعي ومعه تراجع البحث عن الجوهر والغائية،وحل التخصص ومنهج البحث الحديث، وسادت الفلسفات الوضعية التي شنت هجوما شرسا ضد الميتافيزيقيا..هذه المتغيرات المجتمعية والتي لها مؤثريتها في البنية الفكرية ،تجعلنا لانتساءل (ما هي فاعلية الفيلسوف الآن؟)..بل نحاول صوغا مغايرا..ما الفلسفة الموائمة لعصرنا؟ أو ماهي الشروط الواجب توفرها الآن تحديدا في الفيلسوف؟..هل نحصر مهمة الفيلسوف في المفهمة؟كما حدد دولوز مهمته كفيلسوف،دولوز الذي قال عنه الفيلسوف فوكو بمناسبة صدور كتابين لجيل دولوز هما الاختلاف والتكرار ومنطق المعنى(في يوم ما قد يصبح هذا العصر دولوزيا)..أم يبشّر الفيلسوف بسيادة معولمة،ويدعونا الى الاستسلام لها..لماذا أختفى نموذج سارتر الفيلسوف الجماهيري، المشارك بشخصه في انتفاضة آيار 1968؟ وهنا أتساءل هل سارتر النسخة الفرنسية من النسخة الالمانية، أعني الفيلسوف (فيختة)..التي جعل الفلسفة لافتة للنضال السياسي ،بأيدي الشباب الالماني ،ضد نابليون….إذن كيف تم الحجر على الفلسفة ؟من جعل الفلسفة تطبخ احترافيتها في الجامعات،و تحذف التاريخ والسياسة وانظمة (الكموفوروميا)السلوك النفسية والمجتمعية..؟
———————————————————————
*يعلن فريدريك نيتشة (الفيلسوف يمثل الضمير الفاسد لعصره)
(2)
اليسار الهيغلي
تحقيبيا كان تيارالهيغلين الشباب مقبولا..اعني بذلك حكم الهيغليين الشباب على الامور الحقيقية التي لم تسكتمل شروطها ،حكما منطلقا من المثال الأعلى النظري..وسبب تقبلنا لها ان هيغل نفسه في 13/10/1806
رأى نهاية التاريخ جسدت روح الثورة الفرنسية،بشخص نابليون بونابرت..ولقد كلفته هذه الرؤية فقدان وظيفته كأستاذ جامعي..!! والتساؤل هنا ان هيغل نفسه يضع
للتاريخ نهاية مجسدة مكتملة الابعاد..أما بداية التاريخ فليس لها حتى حدود جغرافية بالنسبة لهيغل؟..والسبب الآخر لتسامحنا مع الهيغليين الشباب..إننا نترفق بهم بذريعة التحقيب..أما الآن فالمسافة ليست هينة بين بداية القرن التاسع عشر والقرن الحادي والعشرين..ولانقصد المسافة بطولها بل بمكتساباتها العلمية والتقنية..ومَن يحيّ هذه الهيغيلية التي أستنفذت كل مقوماتها لابد ان يكون خارج التغطية…أو تقمصته حالة من وعي زائف..ليس هيغل محض فيلسوف عابر،بل في العقل الهيغلي أكتملت الميتافيزيقيا الغربية..بسماتها الكليانية ،لم يجمّع هيغل فلسفته كقطع غيار من سواه
ما قام به وعلى حد قول هيغل شخصيا (هو ترابط عضوي منذ بداية نشأت الفلسفة صعودا الى قمتها الميتافيزيقة)..نعم لاإضافة ميتافيزيقية بعد هيغل وحسب هيدغر(بعد هيغل دخلت الفلسفة في المطاف النهائي والأخير)..وهناك من يتصدى لهذا الاعلان عن نهاية الميتافيزيقيا ويعتبره (تخريفا مثيرا للضجر/ص28/ دلوز/ سياسات الرغبة) وقد يكون الاعلان عن النهاية،سببه إتساع قبضة علوم: اللغة والانثربولوجي والسيكلوجيا..وهنا يأتي جيل دولوز ليحرر الفلسفة ويعيدها الى نهجها وأسئلتها التي لانفاد لها.
(3)
في العقل الهيغلي تكون السيادة للموضوعي فالعقل والعقل وحده يحكم العالم وتاريخ العالم.. وفي هذا العقل الهيغلي يتموضع الإنسان كتوسيل لإنماء المطلق والكلي وكلاهما يتجسدان في الدولة والمجتمع المدني وهناك مَن رأى في هذا المنطق الهيغلي،ان الإنسان هنا يفكّر به ومن خلاله لسواه..اي ان الانسان مشروط بالسخرة لخدمة سواه مثل الدولة والمجتمع المدني وان هذا الامر سيحدث التشيؤ والاغتراب في الذات الانسانية التي تفتقد قوة إنتاج ذاتها.
(4)
هيغل أو الانتقال من الذهن الى العقل..
أستوعب هيغل الأرث الفلسفي،لكنه لم يكرر أنتاجه بل أجرى عليه فاعلية التمثيل الغذائي..أستوعب أفلاطون وأرسطو وصولا الى ديكارت وكانط لينتج لنا بعدها العقل الهيغلي، الذي تفارق عن سواه من خلال مفهوم الديالكتيك..
(5)
كيف يكون التخلص من هيغل..؟
كل الذين ارادوا الفرار من سطوة هيغل ،أدركوا ان العقل الهيغلي عقلا محكما ولايمكن احداث فجوة فيه،بل عليهم الاستفادة منه من خلال(تحويره) كما فعل عقل البروليتاريا: كارل ماركس..حين أنتزع الروح من الديالكتيك الهيغلي وزرع الفكر المؤدي الى قوى الأنتاج ..
بأستثناء ماركس.. حين نقلب فلسفة أرسطو على رأسها ،فسوف لن نحصل على أكثر من فلسفة توما الأكويني..فيستحيل قول أرسطو(اللذة ترافق العمل كما ترافق القوة الشباب) الى( الفضيلة ترافق عدم النشاط كما يرافق ألتهاب المفاصل الشيخوخة/ ص61/ حسب ريجيس دوبريه) بأستثناء ماركس كل الفلاسفة الذين اعلنوا الفرار من سطوة هيغل أستعملوا الجمالي والفني وسيلة للفرار ورفعوا الذاتية راية ً،وهم ينغمرون في الوجود اليومي برهفهم الفردي كله: كيركيغارد/ نيتشه/ شوبنهور/ برغسون..وهنا يتشقق السؤال التالي : هل الفرار من موضوعية العقل الهيغلي، حقا بمثابة العودة الى الاشياء في بكارتها..وسيكون لكل فيلسوف
عودته الى شيئه هو:
* برغسون ينغمر بالحدوس والطاقة الخلاّقة ..وهناك من يرى ان برغسون من أكبر المساهمين في عودة الروح الى القرن العشرين من خلال أستعادة الميتافيزيقا عرشها في زمن العلم الوضعي
*نيتشه :يعلن أرادة القوة..
* كيركيغارد يفلسف توحده فنيا،ومع صعود الفلسفة الوجودية في القرن العشرين ستجعل من كيركغادر الاب الروحي لها..
*شوبنهور: ميتافيزيقيا الجميل ..
*جورج باتاي: فيلسوف أتصالية : الرغبة والموت كما ترى قراءتنا
* جيل دولوز : إيقاظ مفهوم نائم
* جورج غادامير: أشتغلت فلسفته على أتصالية: التأويل والحقيقية..التي توصلنا الى أهمية اللغة وهذه تجعلنا أزاء النص..وسوف يستدعي النص أفق القارىء..
*ميشال فوكو .. الاركيولوجيا خريطته لتنموية السلوك المتصلة بالجينالوجيا المنفتحة على ارادة القوة لدى نيتشة..وسيكون أقرب الفلاسفة في السلوك وشعرنة المنكتب،الى نيتشه ليس فوكو بل الفيلسوف(سيوران)..الذي يشعرن نصوص الفلسفة بنسبة عالية ..
(6)
ضمن الحقل الفلسفي،هناك توجهان لقراءة التاريخ،حسب (بورديو) :
*التاريخ الفلسفي للفلسفة
*التاريخ التاريخي للفلسفة..
القراءة الاولى تتناول البراهين العقلية ضمن الحقل الفلسفي..وهكذا تكون قراءة جوانية للمنجز..
القراءة الثانية تتناول الفلسفة من خارجها،وتشترط على قارىء الفلسفة
البدء من الجذور الفلسفية،لتوضيحها وشرحها،وهنا تكون القراءة بعرض
فلسفي للمسار الفلسفي في العالم…
هيغل..في كتابه(دروس حول تاريخ الفلسفة)..يشتغل على القراءة الاولى وكفيلسوف فأن قراءته أحدثت إنعطافا في تناول سيرورة تاريخ الفلسفة ،من خلال تفعيل اتصال بين الكم والكيف الفلسفي اي كل مرحلة تضيف طمغتها وهي تتجاوز التي قبلها فلسفيا وتجعل الباب مفتوحا للفلسفة التي تليها،لكنه مثلما وضع للتاريخ نهاية نابليونية،فقد أعتبر هيغل فلسفته الهيغلية هي مسك ختام الفلسفة الميتافيزيقية،وهو في فلسفته يدعو الى الاستفادة من كل المنجز الفلسفي السابق..وهنا يتجسد الانعطاف الهيغلي في تاريخ الفلسفة..فالمؤرخ للمذاهب الفلسفية،قبل هيغل كان يرى كل اضافة فلسفية،هي عملية نفي للفلسفة التي سبقتها،وهكذا جعل الإتصال الفلسفي يعتمد على النقض والازاحة للفلسفة التي سبقتها….لكن ماركس يرى ان كل الفلاسفة أشتغلوا على تفسير الكون..اي ان كل فيلسوف يقدم إضافة أو أختلافا في وجهة النظر،وعلى أهمية فاعلية التفسير،يبقى تفسيرا لايؤدي الى المتغير المنتظر على يد الفيلسوف.. إذن المهم بالنسبة لماركس، هو تجاوز التفسير الى التغيير..
(7)
إتصالية الفهم/ التفسير
على أهمية مكانة الفيلسوف غادامير ،فأن جهوده في الفصل بين الفهم والتفسير،وجعلهما في أتصالية تضاد،باءت بالفشل ..والسبب ان غادامير
لم يقتنع بفاعلية الإتصال بين الهرمينوتيك والإبستمولوجي، وأن المنهجين
يتفاعلان أتصاليا فيما بينهما..وسنلاحظ لدى الفيلسوف جورج دلتاي عناية
مركزة على الجانب الإبستمولوجي ،دون الألتفات للجانب الانطولوجي ،وحين يتساءل دلتاي :(كيف تفهم الذات الموضوع؟) يفنّد الفيلسوف بول ريكو السؤال موضحا( ..الذات مرتبطة بالوجود بل ان وضعيتها ووجودها ولقاءها مع ذاتها هو اسبق من لقائها بالمواضيع../ص70/ريكور) كما سيؤكد ذلك الفيلسوف (بول ريكور) في كتابه(من النص الى الفعل)…ان الفلاسفة وهم يشتغلون على تفسير العالم أعطوا أتصاليات جديدة من خلال إنتاجهم لمفاهيم جديدة..ومن أجل معرفة أتصالية الفهم/ التفسير ،حين نقرأها سياقيا سنصل الى محورين جدليين بمزدوج قيمي :
*محور القراءة والتأويل
*محور النص أو الخطاب
(8)
الفهم الهيغلي..
حتى نفهم الفهم الهيغلي سنحاول الانتقال من المجرد الى المحسوس ويكون ذلك عبر استعمال النموذج..لنأخذ مثلا توصيف فلسفة هيغل بالمثالية..يرى هيغل ذاته ان هذه المفردة(المثالية) تحدث اشكالا ولبسا في التعامل مع منجزه الفلسفية،فهو أولا يحذرنا من أستعمالها وفق التضاد بين الواقعي/ المثالي..فالواقع هو ماهو كائن أما المثالي فهو مايجب ان يكون وهو يقف على النقيض من الوجوب الفلسفي ،والذي يمثله على المستوى الفلسفي، الفيلسوف فيخته،الذي أثّلَ فلسفته ُعلى الحدس العقلي التي تؤكد على الشعور الخالص للذات،هذا الشعور الذي سيوصلنا ان المطلق نتاج
إتصالية: الذات/ الموضوع.. في حين رأى هيغل ذاتا فردية في الإنسان وطالبنا بالتمييز بين عقلانية الذات وبين جسده البيولوجي ولايمكن الوصول الى (الوعي بالذات أو وعي الذات لذاتها ) إلاّ عبر آخروية، ينظر الإنسان الى ذاته نظرته لسواه اي لآخر والنظر هنا له اهمية الجدل الشرطي،ذلك لأن(بعض أنواع التفاعلات تنبىء الناس بحقيقتهم وبما هو على وجه اليقين مخالف لحقيقتهم/ص10/ الاجساد الثقافية)..من جانب ثان ان حركة الوعي وفق هيغل حركة معاكسة عبر فاعلية فردية ،تقدر على المجابهة كما تقدر على التفكيك/230/من النسق الى الذات) أما على المستوى الفني فيتمثل بممثلي الرومانسية في عهده،ويتجسد ذلك في(حنين نوفاليس) و(سخرية فريدريك شليغل)
(9)
ماركس وحدهُ… مَن أوقف خاصية الديالكتيكية الروحانية الهيغيلية على قد ميها ،وجعلها تسير بفاعلية تطور القوى المنتجة، وليست بفاعلية العقل المحض …
كما يتراىء لهيغل..والأخير في كتابه (دروس حول تاريخ الفلسفة) رأى في الفلسفة تجليات العقل المحض وهي اي الفلسفة،لاتلتقي بنفسها عبر وحدة الفكر إلا وفق هذا التجلي، وهكذا لايكون العقل الهيغلي حكمة تحقق غاياتها في العالم،بل هو عناية لاحقة بهذه الحكمة، وهي عناية منسجمة مع ذاتها، وهكذا يروحن هيغل الديالكتيك جاعلا من المطلق حركة ومن حركته تتدفق سيرورة تاريخانية لاتاريخية، فالتاريخانية تشتغل على الحتم الذي لافرار منه،في حين السيرورة التاريخية، تشتغل على التسيير الذاتي ولاتدعي الحتم..وبالطريقة هذه تزيح فلسفة هيغل البرزخ بين موضوعة العلم وموضوعة الايمان،فكلاهما،يتذاوتان في شكل يوصلنا لمعرفة المطلق.من هنا يتضح لنا ان العقل الهيغلي،يغترف من التاريخ ليستعمله وسيلة توضيحية،لأطروحاته،عبر حزمة من المتناقضات منتقلا من المنغلق الى المفتوح :من الموجود بذاته الى الموجود لذاته..من أنغلاق البذرة الى تشققها وظهورها من باطن الارض ونموها نباتا وقانون التناقض الهيغلي هو شرط أساس اذ لاوجود لنمو غير متناقض والتناقض الهيغلي : فاعلية تجسير للوحدة التي ستحدد نهاية التاريخ..
لكن الديالكتيك الماركسي،ينقض الديالكتيك الهيغلي،من خلال تخليصه من الروحنه،والإستعاضة عنها بالقوى المنتجة،لذا فسيرورة المجتمع البشري
ستكون في ديمومة،ضمن سياقها التاريخي،وهكذا سيتسع المجتمع البشري
الى مجتمعات بشرية..
(10)
المنطق الهيغلي،يشتغل على الحتم التاريخي،أي على التاريخانية فبموجب مبدأ الجوهر الذاتي وفق المنطق الهيغلي(مامن شيء يستطيع أن يقفز متجاوزا زمنه)..وهذا المنطق خلاصة (السببية التكوينية) التي تنزع الى تصنيع برزخ بين الجوهر وشروط وجود الظاهرة ،والأمر وفق الديالكتيك الماركسي،يعني :عزل البنية التحتية للمجتمع عن البنيان الفوقي، أي عزل البنية الاساسية بنية الاقتصاد عن البنى الاجتماعية الاخرى، مثل البنية الرئيسة اي البنية السياسية وبنى الفكر،من ايدلوجية وحقوقية وثقافية..وهنا أتساءل كيف يفعّل هيغل عزلا بين تراتبيات البنى المجتمعية؟..هل الفلسفة،كالأدب حتى تحتمل السخرية؟! من أين لهيغل ذلك وهو
يوظف السخرية ذاتها كبرهان فلسفي..وحسب قوله..(إذا ما كنت أمارس السخرية بهذا التواضع والتدلل،فأن سخريتي ستكون في خدمة برهان محدد،على اعتبار أن جدية المفهوم،حاضرة لدي في كل لحظة../ص204/ عن الحق في لفلسفة/ديريدا)…
بخصوص المنظور التاريخاني ، ترى قراءتنا الاتصالية،ان ثمة أتصالية أندماجية ويمكن حصرها بالشكل التالي :
(11)
أندماج الواقعي بالقيمي
*أندماج نسقي :..النسق المتوالي بالنسق التدريجي
ويرى هيغل في ذلك نموذجا راقيا من الموضوعية التي يقرأها هيغل :(فكريا) أما ماركس فسوف يقرأها : (أجتماعيا)…لكن هناك من يرفض قراءتي هيغل وماركس ويضيف رفضا ثالثا اليهما،الرافض هو الفيلسوف بول ريكو،أنه (يرفض فكرة الروح المطلق لهيغل،وكذلك التفسير المادي الاقتصادي للتاريخ والمعرفة،وحتى فكرة غادامير عن فعل التاريخ وتحكمه في وعينا بشكل مطلق بقيت فكرة غير مثمرة/ص147 ريكو)
(أ)
سنركز بإيجازعلى إتصاليات هيغل الفلسفية :
هيغل/ أرسطو
أرسطو لم يكن من الذين ينجذبون للجدل، فالجدل لديه هو فضاء الاحتمالات المتعددة ،وهو منطق السوفسطائين..في حين يرى هيغل في السوفسطائين،فلاسفة من طراز خاص،وبجهودهم تأثلت مرحلة التفكير الحر الذاتي، التي أستنبتت : المطلق كذات..وحين نتوقف قليلا عند السوفسطائين نرى ان هؤلاء عبر الجدل أجترحوا ،فنا يمكن ان نطلق عليه..فن أكتشاف التناقض الفكري،وسعوا الى تفكيكه بطريقتهم متوجهين الى معالجته بالحل أو الاعلان بأستحالة ذلك..بالنسبة لهيغل فقد رأى في الجدل في بعديه الخاص /العام..فالجدل الهيغلي قانون الفكر البشري،كما قانون سيرورة الوجود او يسمى ب (ديالكتيك الطبيعة)..والجدل يشترط الثنائية: الوجود/ العدم..وان هذه السيرورة هي عجلة تطور المجتمع والعالم..وهذه الصيرورة بالنسبة لهيغل تشكل جوهر فلسفته..وهي تتعدى الزمني لتحتوي اللازمني أيضا..من كل هذا وحسب معرفتنا المتواضعة بالفكر الارسطي..ان ثمة
أتصالية بين هيغل وأرسطو وتتجوهر هذه الأتصالية في مفهوم قنونة الفكر والوجود،التي يشتغل عليها الأثنان: أرسطو/ هيغل والاتصالية هي
*الكلي المتحقق في الفردي،والذي يتجسد في ان الخاص يتمييز اذ يتحدد
* مفهوم تطور الوجود والذي يجسده هيغل في (علاقة ماهو بذاته مع ماهو لذاته) يقابله لدى أرسطو (ماهو بالقوة وماهو بالفعل..)
*إتصالية التجربة/ العقل: وهذه الاتصالية تعلن ان مايستقر في العقل..قد وصل من خلال الحواس..
(ب)
هربرت ماركوزة..حاول اعادة الروح لمفاهيم ذلك التيار الهيغيلي ..
وذلك من خلال كتابه( الماركسية السوفيتية) وهو يتناول الحكم السوفيتي
من 1952 الى 1956 وكان الاصح ان يسمي كتابه الماركسية في عهد ستالين..
*السياسي من خلال الإنساني
إذا كان الفلاسفة،قد أنشغلوا بتفسير العالم ،فأنهم شيدوا مفهمات عديدة تناولت العالم من زوايا متنوعة،إذ لابد للتراكم الكمي للتفسير من ان يوّلد مفهوما مغايرا للمفاهيم السابقة وهكذا (أنحصر أهتمام الفلسفة الكلاسيكية في البحث عن أفضل نظام لحكم البشر،وفي هذا الأطار جاءت جهود أفلاطون وأرسطو والفارابي،ولكن مع التحقق التاريخي للحداثة تغير موضوع أهتمام الفلسفة السياسية لينصب على البحث في الأسس التي يقوم عليها المجال السياسي كظاهرة إنسانية)..