18 ديسمبر، 2024 8:44 م

في حضرة المفوضية العليا لحقوق الإنسان .. الوائلي يدلي بشهادته

في حضرة المفوضية العليا لحقوق الإنسان .. الوائلي يدلي بشهادته

المواطن العراقي بالعموم والبصري بالخصوص يفتقد هو وعائلته معظم مقومات الحياة البشرية وخدماتها فهو أقرب مايكون إلى كائن (ميت لكنه يتنفس) منه إلى كائن ينتمي إلى حضيرة الإنسانية يتمتع كغيره بأبسط مستلزمات الحياة مقارنة بالذين يعيشون في بطون أفريقيا وبين غابات الأمازون وهذا الأمر ليس من باب الإحباط أو الإنكسار أو فقدان الأمل بل هي الحقيقة الحاضرة في جميع المجالات ، فالإنسان الذي لايجد ماء يشربه ويرتوي منه هل يمكن أن نقول عنه كائن حي يعيش في القرن الحادي والعشرين في بلد حباه الله بكل الخيرات ؟ إلا أن تكون اليد التي تحكمه ومتسلطة عليه مغلولة وتبطش بلا وازع من خلق رفيع أو ضمير حي …
الحيرة التي يعيشها المواطن والأنين الصامت الذي ينتابه والعمر الذي يتخطاه بلا أمل يشفعه والأبواب المؤصدة أمامه بالتأكيد تنخر في أعصابه وتشتت فكره وتجعل حياته دوامة بلا إستقرار ولم يكن هذا الأمر عارض طرأ عليه حيناً من الزمن بل هي متوالية منذ أمد بعيد وسنين عجاف رافقت حياة معظم العراقيين ولازالت مواكبة لهم إلى أن تصل بهم إلى مثواهم الأخير .
المجتمع الذي يطلب الماء ليشربه ولا يجده إلا بشق الأنفس هذا مجتمع يرزح بالتأكيد تحت ظل حكومة فاسدة فاشلة غاشمة ظالمة مستهترة لحد الثمالة ولايمكن أن تكون حكومة ترعى حقوق الحيوان فضلاً عن الإنسان وتهاونها في هذا الأمر وحده يرقى أن يكون جريمة بحق الإنسانية ويندرج ضمن جرائم الإبادة الجماعية التي يعاقب عليها القانون الدولي ، وما على المجتمع حينئذ إما أن يحفر قبره بيده وينتظر أجله أو أن ينتفض مطالباً بحقوقه ، وهذا ماحدث في مدينة البصرة حين أقدم شبابها على الخروج بتظاهرات مطلبية سلمية لايتوسمون بحكومة ترتقي بهم لتجعلهم في مصاف المواطن السويسري أو الفنلندي ولا حتى المواطن السوداني بل يطالبون بالحفاظ على حياتهم من الأمراض المتحققة واشباح الموت التي تلاحقهم هم وعوائلهم جراء إنعدام الماء الصالح للشرب في ظل غياب كافة الخدمات الأخرى . في قبال هذا التحرك الجماهيري برزت إلى الساحة أيادي الحكومة اللعينة بعناوين شتى لتسويف المطالب وتقويض الحراك وإقتناص نخب الشباب ليودعوهم السجون وينهالوا عليهم بالضرب الموجع وربما المميت لتجعل منهم عبرة للآخرين وماهم عن حكم هدام والبعث المقيت ببعيد ..
الوائلي عباس من عائلة محترمة ومرموقة في المجتمع متأصل في جل إبنائها الأخلاق الحميدة والمبادئ السامية والإلتزام الديني والوطني ولم يكن هذا البرعم فيها شاباً مرفهاً غنياً بطراً خرج ليعيث في الأرض فساداً بل محروماً حد النخاع تبخرت كل أمانيه بعد التخرج وذهبت أدراج الرياح وإقتصرت على ديمومة بصيص أمل الحفاظ على حياته وحياة عائلته التي يرابط معها في حيرة وقلق من اليوم الذي هم فيه ومن الغد كيف سيعيشونه وكيف سيمر عليهم وكيف سيتخطونه بلا معاناة تتضاعف وهو بلا عمل ولا مصدر عيش محترم ولديه زوجة وأطفال وإخوة وأخوات ووالديه ، في ظل الحرمان وشظف العيش وسوء الخدمات وإنعدام ماء الشرب خرج مع من خرجوا ووقف مع من وقفوا وطالب مع من طالبوا ولكن القدر مكن له على غيلة ليقتاده إلى زنزانة مظلمة وتنهال عليه أدوات التعذيب لتضع بصماتها على تقاسيم جسمه المنهك من قبل خدم السلطة والرتب المتحزبة والمدافعين عن الحكومة الغاشمة ، وتتوالى الأسئلة على مسامعه ليعترف!! على ماذا يعترف لايدري!! المضحك المبكي!!! الأسئلة كانت بمجملها.. إعترف من هي الدولة التي تمدكم بالأموال؟ كم إستلمتم من أموال وإلى أي مخابرات تنتمون؟ من هي خليتكم؟ من هو المسؤول عن التنظيم ؟ والأدهى من كل هذا وذاك توجه له تهمة العمل على قلب نظام الحكم في العراق!!!
بعد التي واللتيا وأيام من الإعتقال بلا سبب مقنع حتى للذين إعتقلوه وبعد التعذيب الجسدي والنفسي لهذا المواطن البسيط خرج الوائلي من زنزانته محبطاً منكسراً لم يجد أمامه أحداً ليشكي له الحال فالجاني هو الحاكم ومحامي الدفاع بيد القاضي والمشتكى عليه بيده القرار .
يقال والعهدة على القائل أن مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان ترصد الإنتهاكات وتدون أقوال المعتدى عليهم جراء التظاهرات السلمية ، أضعف الإيمان الوائلي دون أقواله ليشهد في حضرة المفوضية …..