23 ديسمبر، 2024 9:36 ص

في تكريت..سقطت الاقنعة وازداد المستقبل قتامة

في تكريت..سقطت الاقنعة وازداد المستقبل قتامة

جاء خبر استعادة القوات العراقية لمدينة تكريت فاترا, لانه لم يكن الاول , فقد تكرر هذا الاعلان اكثر من مرة, وكل مرة كانت شاهدة على فشل سليماني ايران, وسليماني العراق (هادي العامري) من تحقيق وعودهم بدخول تكريت دون مساعدة امريكية, وهو ما لم يحصل حتى تدخل الطيران الامريكي وغير موازين المعركة, باعتراف الامريكان انفسهم, فكان ان صمتت الجعجعة الايرانية التي صدعت رؤسنا لاسابيع, ولم يبق من الطحين الا ما تلقفته يد المليشيات من سرقة وحرق لبيوت اهالي تكريت التي هجروها, فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار.

 

الامريكيون ارادوا اثبات فشل الايرانيين ومن معهم من قوات الحشد الشعبي فتركوهم يجربوا حظهم مرار وتكرار, الامر الذي احرج هذه القوات كثيرا وسقط القناع عن القوة الايرانية المزعومة وظهر حجم البالون الايراني, فكيف لبضع مئات من المقاتلين ان يصمدوا امام عشرات الالاف من القوات النظامية والميليشيات بما تمتلكه من عدة وعتاد؟!! الامر الذي دعاها الى الانسحاب تحت لافتة عدم الرغبة بالمشاركة الى جانب قوات التحالف الغربي الذي تقوده واشنطن, لتتدخل الالة الامريكية, باستخدام “قنابل ارتجاجية” قادرة على  تفجير العبوات التي قيل ان تنظيم داعش زرعها في محيط المدينة.

 

التدخل الامريكي كان له اهمية بالغة ليس في حسم المعركة فحسب, بل لاعطاء اشارة واضحة ان واشنطن لازالت الحلقة الاقوى بالمعادلة العراقية, وهي القادرة على لجم التدخل الايراني لو ارادت ذلك, وهنا سقط القناع الثاني.

 

فرحة استعادة تكريت افسدتها المشاهد المخزية لعمليات النهب للمنازل والمحلات ثم حرقها , كتلك التي حدثت بعيد سقوط بغداد مما اصطلح عليه العراقيون حينها بتسمية “الحواسم”, وهذا يعطي صورة حقيقة لطبيعة تلك المليشيات التي سقط قناعها ايضا وتداعت جميع شعاراتها الوطنية المزيفة, وفي الحقيقة فان اجراس الخطر بدات تدق مرة اخرى لاهالي الانبار ونينوى, وهم يرون ما حل باخوانهم اهالي تكريت, فالتكارتة لاهم عادوا الى بيوتهم سالمين, ولاهم ظلوا غانمين وسلموا على ممتلكاتهم .

 

معركة تكريت اسفرت عن حقيقة مرة اخرى, هو ان الحكومة ورئيسها حيدر العبادي ما عادوا يملكون من امور الميدان العسكري الا النزر اليسير, وان كان هذا الامر قد عرف قبل ذلك, لكن معارك تكريت اوضحت بما لايدع مجالا للشك ان المليشيات قد شبّت على الطوق ولم تعد خاضعة لاي قانون, وما المح اليه وزير الدفاع وما تعرض له محافظ صلاح الدين ورئيس مجلسها في تكريت خير دليل على ذلك.

 

اكثر ما يخشاه اهالي المناطق الغربية ان تبقى مناطقهم ساحات حرب مستمرة لتصفية الحسابات, او غنائم توزع هنا وهناك, وآخر صرعات الوطنية ما يطالب به البعض اليوم من تحويل ملكية القصور الرئاسية في تكريت الى الوقف الشيعي, في حلقة جديدة من سقوط الاقنعة الذي قد نشهد فصولا قادمة منه, سيما ونحن نعيش في بلاد العجائب والمصائب.