في خصوصية الوضع السياسي العراقي والتي تجذّرتْ بمآسيها منذ الإحتلال , فقد امسى الحديث عن مكافحة الفساد وكأنه تعزيزٌ للفساد بلباسٍ آخر .التعكّز على مفردة ” تكنوقراط ” , هو ليس سوى تلاعبٌ بالمفردات والألفاظِ لزيادةِ ومضاعفةِ رأس مالِ الفساد , حتى لو لم يكن مقصوداً , وذلك بسببِ ارتفاعِ نسبةِ الغباء .! , وكان من المفترضِ إعتبار ” التكنوقراطي ” وِفقَ الحالة السياسية الفاسدة : بأنه إمرؤٌ مستقل سياسيا ’ او لا ينتمي لإحزاب السلطة الحاكمة ولا من المنتفعين والنفعيين والوصوليين لها ونحوها , وأنْ لايكون ملوّثاً بفيروس المال الحرام عِبرَ شهادةٍ موثّقة من ضباط التحريات الجنائية المقالين منذُ عهد ” عبد الكريم قاسم والى فجر التاسع من نيسان 2003 , ويُستثنى منهم السادةُ الموتى .. بُغية التخفيف النسبي المتواضع من حالة الفساد المستشري والمستفحل والمتفجّر ” ليس لدى معظم الساسة المتحكمين بمقدرات البلد , فحسب ” , بل في فئات او قطاعاتٍ مرتفعة وشاهقة في عموم وليس كلّ ” المجتمع ” , ويسبقهم بذلك الكثيرون من تجّار القطاع الخاص في ميادين الغش والتزوير والرشى وما الى ذلك .! , ودونما خوضٍ ولا استرسالٍ في تفاصيل المسببات النظرية والتحليلية والعلمية لهذا الإنتشار لعدوى الإفساد والفساد الحكومي والسياسي , فالمسالةُ او المعضلةُ ليست بتغييرِ زمرة وزراء ” من هذه الكتلة او تلك , وجلب بدائل ٍ لهم من ذات ” المهزلة ” , ولا بتغييرِ مئات او عشرات وكلاء الوزراء ” الذي لم تشهده الدولة العراقية منذ تأسيها بهذا العدد الجائع ” , كما ايضاً ليس بتقليصِ او تغيير آلاف المدراء العامين الذين يفوق عددهم لنظرائهم في الدول العظمى , فعدا ضرورة الإستعانة بمؤسساتِ تدقيقٍ رقابية دولية للكشفِ عن المستور! , فهنالك ضرورة مُلحّة بتفكيك دوائرٍ ومؤسساتٍ بعينها ” سواءً في بغداد او في محافظاتٍ ما ” وتغيير كافة موظفيها والعاملين بها بدءاً من رؤساء تلك الدوائر وانتهاءً بصغار الموظفين والسوّاق والعمال . المهمة الأخرى الأصعب من كلّ ذلك < ومن المحال تنفيذها .! > , هي اعادة تنظيم الجيش والشرطة وإخراج كلّ العناصر المنتمية لأحزاب السلطة , وبناء قوات مسلحة مستقلة على غرار الجيش المصري , وبالرغمِ من إستحالة بلوغ هذه الحالة المحالة , إلاّ انها كلمة حق يتوجب قولها في زمنِ الحقّ الضائع او المضيّع .!