9 أبريل، 2024 5:27 ص
Search
Close this search box.

في تشريعات إقليم بارزان وجلال ؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

القسم الخامس
*- لم يكن لدى مجاميع الحركة الكردية المسلحة الرؤية الواضحة الموحدة والمتفق عليها فيما بينهم على شكل الحدود ، بسبب التفاوت بين مناطق سكنهم وحدود المنطقة السياسية والإدارية العامة لهم ، وبراهين وقائع الأحداث بسقوط الدولة العثمانية عقب الحرب العالمية الأولى ، وجعل العراق تحت الإنتداب أو الإحتلال البريطاني ، لم تساعد على إكتمال صورة خارطة العراق الجغرافية التي كانت في طور التكوين ، وعليه حاولت تركيا إستمالة محمود الحفيد (1881-1956) إلى جانبها ، رغبة منها في إلحاق ولاية الموصل إلى الجمهورية التركية الحديثة ، وكان التركيز على محمود الحفيد بسبب المكانة الدينية المرموقة لأسرة الحفيد في صفوف الأكراد . إلا أن الحفيد كانت له تطلعات قومية ، فقام بالإتصال بالإنكليز ووعدهم بالسيطرة على الحامية التركية التي كانت ما تزال باقية في السليمانية ، لقاء منحه إمتيازات في إدارة شؤون المدينة ، وتشكيل حكومة كردية برئاسته على أن تكون تحت ظل الإنتداب البريطاني . ونتيجة لهذا التعهد دخلت القوات البريطانية إلى السليمانية وتم تعين محمود الحفيد حاكما على السليمانية بشرط تعين ضابط بريطاني كمستشار له . وبدأ العمل في تشكيل الحكومة الكردية التي وعد الإنكليز محمود الحفيد بها طبقا لمعاهدة سيفر ، حيث جاء في المادة (64) منها ، إذا حدث خلال سنة من تصديق هذه الإتفاقية ، أن تقدم الكرد القاطنون في المنطقة التي حددتها المادة (62) إلى عصبة الأمم قائلين : أن غالبية سكان هذه المنطقة ينشدون الإستقلال عن تركيا ، وفي حالة إعتراف عصبة الأمم أن هؤلاء السكان أكفاء للعيش في حياة مستقلة وتوصيتها بمنحهم الإستقلال ، فإن تركيا تتعهد بقبول هذه التوصية وتتخلى عن كل حق في هذه المنطقة . وستكون الإجراءات التفصيلية لتخلي تركيا عن هذه الحقوق موضوعا لإتفاقية منفصلة تعقد بين كبار الحلفاء وبين تركيا . وإذا ما تم تخلي تركيا عن هذه الحقوق فإن الحلفاء لن يثيروا أي إعتراض ضد قيام أكراد ولاية الموصل ( بالإنضمام الإختياري إلى هذه الدولة الكردية ) ، والمقصود بها هنا حكومة الحفيد . لكن البريطانيين تنكروا لبنود معاهدة سيفر ، مما حدى بالحفيد إلى إعلان الثورة على الحكم البريطاني وقام بالسيطرة على مدينة السليمانية في 21/5/1919 ، وطرد القوات البريطانية المتواجدة في المدينة وتمكن من أسر عدد من الضباط الإنكليز ، وأعلن تشكيل دولة كردية وأعلن نفسه ملكا عليها وإتخذ له علما خاصا بدولته . عندها حشد البريطانيون قوة عسكرية كبيرة مدعومة بالطائرات الحربية ، وتمكنت من إلحاق الهزيمة بقوات محمود الحفيد ، وتم إعتقاله مع صهره‌ شیخ محمد غریب ونفيهما إلى الهند ، وبقوا فيها منفيان حتى عام 1922، ولكن البريطانيين إضطروا إلى إعادته إلى السليمانية مرة أخرى ، بسبب الإضطرابات السياسية التي أعقبت نفيه ، وبعد رجوعه قام الحفيد مرة ثانية بطرد الإنكليز من السليمانية في 11/6/1923 ، ومرة أخرى تمكن البريطانيون أثناء حكومة ياسين الهاشمي من إعادة السليمانية إلى المملكة العراقية الحديثة ، التي لم تكن لحد تلك اللحظة تضم ولاية الموصل ، حيث تم ضمها إلى حدود المملكة العراقية في شباط 1925 بناء على توصية من عصبة الأمم . ثم أحدث توقيع نوري السعيد معاهدة 30/8/1930 إحتجاجا واسعا من قبل الأكراد ، ومظاهرات ضد المعاهدة وضد حكومة نوري السعيد ، فقام محمود الحفيد للمرة الثالثة بتحشيد أتباعه وطرد الإنكليز من منطقة نفوذه ، وأضاف عليها بمذكرة إلى المندوب السامي البريطاني يطالبه بإنشاء دولة كردية في منطقة كردستان ، تمتد من زاخو وحتى خانقين . وللمرة الثالثة تمكن الإنكليز وقوات الحكومة العراقية من إلحاق الهزيمة به ، فقام الحفيد بتسليم نفسه في 13/5/1931 وتم إبعاده إلى مدينة السماوة ثم نقل إلى مدينة الناصرية ، وأخيرا تم نقله إلى قصبة عانه ثم سمحت له الحكومة بالإقامة في بغداد ، وقررت مصادرة كافة أملاكه في السليمانية .
*- لقد تزامنت حركة محمود الحفيد في السليمانية مع حركة كردية أخرى في منطقة بارزان بقيادة أحمد بارزاني (1892-1969) الأخ الأكبر لمصطفى بارزاني ، وكما قال المؤرخ العراقي عبد الرزاق الحسني ، فإنه كانت هناك تقارير عن إتصالات بين أحمد بارزاني والفرنسيين في سوريا من أجل الحصول على الدعم ونيل الإستقلال ، ولكن فرنسا فضلت إثارة حالة عدم الإستقرار في العراق لكي تضمن إستمرار وضع سوريا تحت إنتدابها ، ولم يثبت صحة تعاون بارزان مع الفرنسيين . وفي نيسان1931 رفع أحمد البارزاني طلبا إلى عصبة الأمم حول منح الأكراد الحكم الذاتي . وفي كانون الثاني 1932 شن الجيش العراقي مدعوما بسلاح الجو البريطاني هجوما واسعا على منطقة بارزان ، وتم نفي أحمد البارزاني إلى السليمانية ، ثم إلى جنوب العراق ، ولكن الحركة إستمرت بقيادة مصطفى البارزاني الأخ الأصغر لأحمد البارزاني ، الذي إستطاع أن يعود إلى منطقة بارزان عبر الأراضي الإيرانية في 28/7/1943 . وفي 2/10/1943 إندلعت الشرارة الأولى لحركة مصطفى البارزاني ، وكانت مطالب البارزاني ( تشكيل ولاية كردية تضم كركوك ، أربيل ، السليمانية ، زاخو ، دهوك ، العمادية ، سنجار ، خانقين ، مندلي . وإعتبار اللغة الكردية لغة رسمية في تلك الولاية . وتعيين نائب وزير كردي في جميع الوزارات العراقية ) . وقد تمت سلسلة من الإجتماعات بين مصطفى البارزاني ونوري السعيد ووصي العرش عبد الإله والسفير البريطاني في بغداد ، وأظهر نوري السعيد إستعدادا لتنفيذ مقترحات البارزاني ، إلا أنه قوبل بمعارضة شديدة من وزرائه وأعضاء مجلس النواب ، وبدأت إشاعات بالإنتشار بأن نوري السعيد من أصل كردي وإنه تزوج من كردية وتحت هذه الضغوط إضطر السعيد إلى تقديم إستقالته . وفشل الحوار ، وبدأت مشاكل التمرد والعصيان المسلح ، فصدر قانون العفو العام عن البارزانيين رقم (18) لسنة 1945- القاضي بأن ( للملك أن يعلن العفو العام عن البارزانيين ومن إشترك معهم عما أرتكبوه من الجرائم إلى تأريخ 22/2/1944 ، بإستثناء الجرائم المرتكبة من قبل منتسبي قوات الدولة المسلحة والموظفين المعاقب عليها حسب القوانين الخاصة التابعين لها . ولا يشمل هذا العفو الحقوق الشخصية المنبعثة من الجرائم المذكورة ) . ثم عاد القتال مرة أخرى في 13/8/1945 ، حيث شنت القوات العراقية والقوة الجوية البريطانية هجوما على معاقل مصطفى البارزاني ، وبعد معارك عنيفة قام البارزاني مع (1000) ألف من أتباعه بالإنسحاب إلى إيران ومن ثم إلى الإتحاد السوفيتي .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب