القسم الخامس عشر
أيها الأخوة الأكراد ، ليس لدينا ما نهديه إليكم سوى تذكيركم بما ورد في الفقرة (8) من القسم الثاني ، والفقرة (ج) من القسم الخامس من قانون تحرير العراق ، ذات المضمون المخادع والمتلاعب بحقيقة الأحداث والمواقف وتشويه صورتها ، وقد يكون من المناسب نقل بعض أسطر من مذكرات الفريق طاهر جليل حبوش ، آخر رئيس لجهاز المخابرات العراقية قبل الإحتلال ، عسى أن يكون الأخوة من غير الحزبيين ولا السياسيين على بينة من بعض الحقائق الرئيسة والمهمة جدا ، لأنها للشعب العراقي ولتأريخ الأمة العربية والكردية كلمة حق ، وأمانة حقيقة غير محرفة ولا متعددة الأوجه والتفسيرات ، وأكثر الأخوة الأكراد يعلمون بها ويعرفون ، ولكنهم مجبرون على إخفاء تجرع علقم مرها ، والبعض منهم ولأسباب سياسية ومنافع ومصالح شخصية لأقل الحقائق منكرون . حيث (( جرى آخر نزاع مسلح على الموارد المالية بين الحزبين الكرديين في صيف 1996 ، وقد إستعان جلال الطالباني في معركته مع الحزب الديمقراطي الكردستاني علنا بقوات تركية وسرا بقوات إيرانية ، وبذلك إستولى على مدينة أربيل معقل مسعود البارزاني الذي هرب إلى الجبال وتشتت قواته وضاقت عليه الأرض ووجد نفسه بلا حليف ، فإستغاث بالرئيس صدام حسين الذي بادر يوم 31-8-1996 بإرسال كتيبة من القوات الخاصة مع لواء مدرع من الجيش العراقي ، وهزم بيشمركة الطالباني وحلفائها الإيرانيين هزيمة منكرة ، وإسترد أربيل خلال ساعات وأعادها لسيطرة مسعود ، ويومها غلب الحماس عليه فقال ممتدحا الجيش العراقي أنه على ثقة من أن فوجا منه قادر بشجاعته على مواجهة فرقة من الجيش التركي ، وزاد بأنه مستعد ليوقع على بياض على كل ما قد يطلبه منه الرئيس صدام !. بدأت علاقتي مع مسعود البرزاني سنة 2000 عندما توليت رئاسة جهاز المخابرات ، وكان أحد واجباتي التنسيق مع الحزبين الكرديين في منطقة الحكم الذاتي ، لم تنقطع زياراتنا المتبادلة ، وكنا نبحث فيها جميع الأمور السياسية والاقتصادية والأمنية ، وكانت علاقاتنا متينة وصافية لم يعكرها أي خلاف ، ولذلك تعددت لقاءاته وإبن شقيقه نيجرفان مع رئيس الجمهورية الذي كان حريصا على تلبية كل طلباتهم ، وذلك بعكس العلاقة مع جلال الطالباني الذي لم أزره في السليمانية إلا مرة واحدة ، ويومها عتب علي نيجرفان البرزاني وقال لي إن مثل هذا الشخص لا يزار لأنه كذاب وزيارتك له تعطيه حجما أكبر مما يستحق ، وكان مسعود البرزاني يبدي لنا الإمتنان والولاء ويشيد في كل لقاء بالرئيس صدام حسين ، وبحبه للأكراد وأيضا بالجيش العراقي الذي وقف معه – على حد قوله – في كل المواقف الصعبة ، وفي آخر لقاء بيننا قبل الغزو الأميركي بأيام ، قال لي مسعود أنه إذا دخل الجيش التركي من الشمال فإن البيشمركة قادرة على صده ، وطلب مني إبلاغ الرئيس صدام أن يسحب الجيش من المنطقة الشمالية ليسد العوز في مناطق أخرى من العراق ، وقال لي أيضا إنه إذا دخل معهم الأميركان فنحن نحتاج للجيش ، وفي كل الأحوال أطمئنك إلى أننا سنقاتل الغزاة مهما كانت جنسيتهم ، لأن العراق عراقنا وسنقف مع الدولة في الأوقات الصعبة ، وذكر لي في أحد لقاءاتنا ( إن والدي ومنذ وقت مبكر قال لي أن صدام حسين رجل ، فلولاه لما حقق الأكراد مطالبهم ) ولقد أحببته كثيرا منذ ذلك الوقت ، هل ترى رعايته لنا ؟ أطال الله عمره ، وفي زيارته الأخيرة لبغداد كان على موعد للقاء الرئيس صدام حسين ، وقبل توجهه إلى القصر الجمهوري قال لي : يا سيادة الفريق سأبلغ الرئيس إن موضوع الفدرالية الذي نطرحه هو سقف عال ، ولكننا نرضى بتطوير بسيط على قانون الحكم الذاتي الذي تحقق للأكراد بفضل السيد الرئيس ، ونحن لا ننسى فضله الكبير على الأكراد ، ويومها إصطحبته بجولة مسائية حرة في شوارع بغداد وكنت أقود السيارة وهو إلى جانبي ، يحدثني عن حبه لبغداد وعن ذكرياته في حي الأعظمية الذي تلقى العلم في مدارسه )) . ومما يؤكد صحة ذلك ، ما قاله جلال الطالباني حول علاقة مسعود البارزاني مع صدام حسين في فيديو منشور في ال (YOU Tube) وبالنص المترجم ( أعتقد بارزاني أصبح جزءا من نظام صدام حسين ، ووقف علنا مع صدام حسين ، وصدام أرسل قواته لدعم البارزاني ، وخاطروا بأن تظربهم الولايات المتحدة ، إن العلاقة بين صدام وبارزاني قوية جدا ، حتى وصلت جميع أنواع الإتفاقات ، أعتقد البارزاني على إستعداد لقبول منطقة الحكم الذاتي للأكراد من قبل صدام حسين ، ونحن نعتبر أن مسعود بارزاني قد أصبح جزءا من نظام صدام حسين) .
*- في ظل هكذا ظروف سياسية داخلية وخارجية متشعبة ومتداخلة ، تتنازعها أفكار وتوجهات غير منسجمة ولا متكافئة ومتناقضة ، لا يمكن للدولة أن تستقر أوضاعها ولا تشريعاتها في ضوء تداعياتها السلبية المختلفة ، ومع ذلك ، فقد أضاف الإحتلال صور تشريعات أكثر قتامة وأشد عتمة وتشويها ، ولم يبق من طموحنا في إشراقة يوم قادم ما نعلل به النفس ، وإن كان بمقدار بصيص ضوء في نهاية النفق المظلم ، ولكننا لا نزال نردد تحت ظل كوابيسنا ( ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ) . كما ليس من الغريب أن تجد المواقف متغيرة ومتقلبة بالضد ، فذلك شأن عناصر الأحزاب والسياسيين ، المبدعين بفن الكذب ، والمبتكرين في التلاعب بالألفاظ ، المجددين والمتميزين بخلط الأوراق ، حيث ألغي القانون رقم ( 2 ) لسنة 1992 ( قانون إنتخاب قائد الحركة التحررية الكوردية ) والقانون رقم ( 10 ) لسنة 1997 الخاض بإيقاف العمل به . بموجب قانون رئاسة إقليم كوردستان – العراق رقم ( 1 ) لسنة 2005 . حيث لم يتم معرفة مقادير رواتب ومخصصات المسؤولين في إقليم كوردستان قبل إحتلال العراق ، لما يكتنفها من الغموض والتضليل بسبب سرية مصادر التمويل ، مثلما هي كذلك بعد الإحتلال بالنسبة لجلال الطالباني الذي أصبح رئيسا لجمهورية العراق ، لينتهي الصراع على كرسي الزعامة الكردية مؤقتا ، حيث نصت المادة (11) من قانون رئاسة إقليم كوردستان رقم (1) في 8/6/2005 ، المعدل بالقانون رقم (1) في 2/2/2009 ، على أن ( يحدد راتب ومخصصات رئيس الإقليم بقانون ) ، إلا إن القانون المقصود لم يصدر في حينه ، لنتمكن من معرفة مقدار ما كان يتقاضاه المسؤولون في الدوائر العليا للإقليم منذ 9/4/2003 ، ولغاية صدور قانون راتب ومخصصات رئيس إقليم كوردستان العراق رقم (13) في 9/11/2010 ، الذي يعتبر مؤشرا لما يتقاضاه من هو دونه في مستويات مراكز التشكيلات الإدارية للإقليم ، حين يتقاضى السيد رئيس إقليم كوردستان– العراق مسعود البارزاني ، راتبا شهريا مقداره (15) خمسة عشر مليون دينار عراقي مع مخصصات شهرية تعادل (50%) من الراتب الشهري . وعند تقاعده يستحق راتبا تقاعديا يعادل (80%) من الراتب والمخصصات . ويتقاضى نائبه راتبا شهريا قدره (13) ثلاثة عشر مليون دينار عراقي . مع مخصصات شهرية تعادل (50%) من راتبه الشهري . وعند تقاعده يستحق راتبا تقاعديا يعادل (80%) من الراتب والمخصصات . وبعد إنتهاء مهام الرئيس أو نائبه ، توفر الحكومة كافة مستلزمات السكن والحماية والتنقل اللائق ، وغيرها من الإمتيازات التي تمنحها لهما القوانين النافذة في الإقليم ، أو العرف السائد وطنيا في مثل هذه الحالة . مع إن ذلك التحديد قد تم في ظروف إرتفاع المطالب الشعبية بتخفيض مقادير رواتب المسؤولين ، ولا أدري إن كان ذك ما يبغيه المشرع السياسي الجديد ، بدلا مناسبا عن منح سلطات الإقليم حق ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية المخالفة للإدارة اللامركزية ، أم أن هنالك رأي آخر مستتر خلف كواليس السياسة الديمقراطية وشفافيتها المتميزة ببطلان معانيها ومقاصدها المضللة والمخادعة ؟!. وما هو دور الحكومة الإتحادية والمحكمة الإتحادية العليا فيما يتعلق بالتجاوز على حرمة المال العام عند تحديد تلك الرواتب والمخصصات ؟!. التي لا نعرف ما كان يتقاضاه كل من رؤساء الجمهورية السابقين أثناء الخدمة وبعد إنتهائها ، بما فيهم الحالي منهم السيد برهم صالح ، لكننا نعتقد بتجدد الصراع المسلح بين الحزبين أو عائلتي الطالباني والبارزاني على كرسي الزعامة ، بعد وفاة رئيس الجمهورية جلال طالباني وإتنهاء رئاسة مسعود البارزاني للإقليم ، وقد بانت حقيقة إرث البارازانيين في رئاسة الإقليم ومجلس الوزراء فيه ؟!. وإن تم تعيين ( قاباد الطالباني ) نائبا لرئيس وزراء الإقليم ، إلا إن للطالبانيين إرث رئاسة الجمهورية الذي لن يتنازلوا عنه ، وعندها ستنتهي لعبة التمرد والعصيان المسلح الذي إمتد لسنين ؟!.