ما لا يرقى إليه الشكّ في ما يتعلّق بردّ الدكتور عويّد المنشور بموقعكم بعنوان “الظلم من شيم النفوس فإن….. تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم” على مقالي ” وللباحثين الأكاديميين نصيبهم من السرقات الأدبيّة”، هو أنّه ردّ ملتبس، لا يقنع أحدا مهما كانت سذاجته، بل إنّه هو نفسه غير مقتنع به. لكنّه يبحث من خلاله عن كسب عذريّة فكريّة وعلميّة لا يستحقّها لأنّها ليست إلّا وهميّة. فهو يعلم علم اليقين أنّه مارس السرقة الأدبيّة المفضوحة. لذلك كان ردهّ بائس و متشنّج- وهو سلاح دفاع الضعفاء بامتياز- لا يعتمد سوى مجانبة الحقيقة بأساليب الإنكار والتمويه والمغالطات والمراوغات و
التقزيم والتحقير مّن شأن من يتّهمه بالسرقة- وهي حاصلة ولو استبسل في أنكارها- وتقديم نفسه كأنّه فوق النقد لمجرّد أنّه ألّف بعض الكتب المغمورة التي من الوارد جدّا أنّه لم يقرأها أحد غيره، وهي مجتمعة لا تضاهي في قيمتها قيمة كتاب صغير الحجم هو كتاب” الأمير” لنيقولا مكيافيللي لأنّه ساهم رغم ذلك- وبصرف النظر عن جانبه اللّاأخلاقي- في تغيير المفاهيم السياسيّة. وهنا أسأل العويّد ما إذا كانت كتبه السبعة ” العظيمة” قد غيّرت شيئا في المفاهيم الفكريّة التي عالجها في كتبه؟! و بالتأكيد فالجواب قطعا بالنفي التام. ورغم ذلك فإنّه تجرّأ ووضع نفسه في صفّ الكبار الذين لا يجب أن يطالهم النقد لإشعاعهم الثقافي المزعوم. لعلمك يا دكتور أنّ الكبار أنفسهم ليسوا فوق النقد، بل هم كذلك قد يسرقون. فالمتنبّي شاعر عظيم ولكنّه سرق شعر غيره مع ذلك، وكذلك فعل جرير وأبو تمّام وابو نواس وأدونيس في الشعر، وكذلك فعل محمّد عبد الوهاب في الموسيقى فسرق من إحدى سمفونيات بيتهوفن… ولعلمك أيضا أنّ الذي لم يتّهمه أحد بالسرقة في الماضي لا يعني بالقطع انّه لم يسرق بل يعني فقط أنّه لم يتفطّن إليه أحد، لأنّنا شعب لا يقرأ. فالسارق بالمفهوم العام للكلمة، يعتبر سارقا ما دام يمارس السرقة ولو لم يضبط متلبّسا. لأنّ عدم التفطّن إليه لا يعتبر البتّتة دليل براءته.
وأمّا إشارتك إلى إسمي فهي كانت غير دقيقة، وقد بيّنت سوء نيّتك في ذلك في مقالي موضوع ردّك. فجريدة القدس العربي التي صدر بها المقال الذي لم تذكر عنوانه أبدا، أصبحت مجلّة القسّ العربي. وعندما يغيب العنوان ونخطئ في عنوان الجريدة فلا يمكن لمحرّك البحث أن يكشف لنا كما تدّعي، عن مقالنا “العظيم”. وهو فعلا مقال عظيم بدليل سرقتك الواضحة منه. وأمّا قولك أنّك اشتغلت على التضمين عندما أخذت من مقالي “العظيم” فهو مجانب للحقيقة فأنت تعرف أنّك نسخت 41,6% ولم تقم بالتضمين الذي يعدّ هو الآخر عند بعض النقّاد ضربا من ضروب السرقة. تقول بلهجة المتعالي -أنّ ” التضمين , هو أن تأخذ من كاتب أو باحث فكرة أو فكرتين وتضيف إليها من عندك أفكاراً أخرى, ثم تعيد صياغة ما أخذته وأضفته من عندك برؤية ثانية, وهنا عليك أن تشير إلى الكاتب الذي أخذت منه فقط دون تقويس” . وأنا أسالك بربّك هل أنّك
عندما تغيّر كلمة (وأمّا) ب (فكيف ننسى) وتنسخ الفقرة الموالية لها ثمّ تقوم بنفس الشيء بالنسبة للفقرات الموالية تباعا تعتبر نفسك قد أخذت فكرة وأضفت إليها وأعدت صياغتها برؤية ثانية؟ كفى مغالطة واستبلاها لذكاء الناس، فهذا يعتبر عند النقّاد سلخا لا تضمينا ولا يعتبر إلّا سرقة، بل سرقة محضة، رغما عن تبريراتك الواهية التي تشرّع للسرقة تحت قناع التضمين وفق مفهومك الخاطئ والتي أقحمت فيها السياسة في غير سياقها الموضوعي. وليس ذلك إلّا من باب إيجاد التبريرات الواهية التي لا تجديك نفعا ولا تعفيك أبدا من السرقة. فمقالك نشر منذ 6 أشهر، ولكنّي لم أتّهمك منذ البداية، رغم أنّك موال لنظام البطش السوري وتعترف بذلك. ولكن عندما انضافت إلى سرقتك سرقة مواطنك الدكتور العريضي، قرّرت عندئذ أن أردّ عليكما في مقال واحد. ولم أتحدّث عن الموقف السياسي للدكتور العريضي إلّا في سياقه الموضوعي حيث انّه بصفته موال للنظام السوري فلا يستقيم أن يكتب عن تشومسكي المثقّف الراديكالي الثوري والمعارض الأوّل لسلطة بلاده. وأمّا قولك “لا أعرف أيضاً على أي أساس تنعت بشار الأسد بالفاشية؟!” فإنّه قول مردود عليك لأنّ العالم الحرّ وجميع أحرار العالم قد أدانوه إلّا بطانته وأبواقه الدعائيّة التي لا تخجل من جرائمه التي يعرفها القاصي والدّاني ولا تحتاج إلى إثبات. ولكن -للأسف- أشباه المثقّفين أذيال السلطة، لا يزالون ينكرونها في محاولة يائسة للتغطية عليها وإبراز بشّار الأسد كرئيس جمهوري ولا يحقّ أن يطاله النقد. أعلم ياعويّد أنّي أعيش في بلد ديمقراطي يسمح بنقد الرئيس المنتخب ديمقراطيّا، لذلك فإنّي أستغرب منك أن لا تقبل بذلك بالنسبة لرئيس بالوراثة، وهي بدعة سياسيّة لم يعرفها الفكر السياسي قبل توريث بشّار لرئاسة سوريا. إلّا ان يكون ذلك من باب الخنوع والإنبطاح للسلطة الذي لا يليق أبدا بمثقّف يحترم نفسه. فالمثقّف الحقّ إنّما هو من يقول الحقيقة في وجه السلطة. لذلك فالمثقفون « يتحملون مسئولية خاصة في البقاء لجهة مستقلة والعمل على فضح الأكاذيب» كما يقول تشومسكي. وإلّا فإنّ المثقّف يصبح ذيلا من أذيال السلطة. وبهذه الصفة فإنّه قد يساهم في تسطيح الوعي و يقزّم دوره بل ويلغيه كمثقّف يجب أن يكون له تأثيره الإيجابي في المجتمع. وأمّا قولك “طالب الصف السادس ابتدائي يعرف
من هو كوبرنيك والحلاج وابن رشد”، فإنّي أضيف إليه أنّه لا يعرف بعمق إبداعات هؤلاء وإنتاجاتهم العلميّة بمثل ما أعرف. ثمّ إنّ معرفته لا تنقص من قيمة مضمون ما كتبته عن هؤلاء وعن غيرهم بدليل أنّك أخذت منه بدل أن تبدع شيئا من عندك يتعلّق بهم. أعلم يا دكتورنا الباحث أنّ مقالك “العظيم” رغم هزالته وقصره، لو حذفنا منه ال (%41,6) المأخوذة من مقالي، تنصيصا أو سلخا أو تضمينا كما تدّعي، وما أخذته من كتاب تاريخ الإسلام وما أخذته من المعاجم حول تعريف التطرّف ،لغة واصطلاحا، لما بقي منه شييء يذكر. فإذا كانت هذه حالك في كتابة المقالات، فبالتأكيد ستكون أكثر تعاسة في ما يتعلّق بإبداعك في كتبك “العظيمة”. إنّك تؤكّد -للأسف- مقولة” نكبتنا في نخبتنا”. وإن عاد الدكتورعويّد ثانية فسنعود إليه بأكثر إفاضة وإسهاب.