منذ استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي الذي تحول الى استجواب عكسي لبعض نواب البرلمان في سابقة لم تحدث من قبل في البرلمان العراقي ، ظهرت دعوات في وسائل التواصل الاجتماعي تطالب العبيدي بالقيام بانقلاب والسيطرة على قناة العراقية واعلان البيان رقم 1، وهذا يؤكد خيبة الشعب بالديمقراطية ورغبته في احداث التغيير على يد شخصية قوية تستحق ان تنال التمجيد والتأليه الذي يمكن ان يمارسه الشعب ببساطة حين يشعر بأنه وجد المخلص !
لااظن ان من الصائب أن نتفق مع وجهة النظر هذه فقد سعينا طويلا للمطالبة بديمقراطية حقيقية وندرك اننا ندفع ثمنها يوميا من معاناتنا ومن دماء ابنائنا، لكن هذه الدعوات تصور مدى اليأس الذي حل بالشعب العراقي وكيف صار من السهل عليه المطالبة بحكم فردي مقابل استعادة توازنه بعد الفوضى التي اعقبت سقوط الحكم الدكتاتوري عملا بمبدأ الرضى بأهون الشرور، فهل سيحقق النظام الرئاسي حاليا لو تم تطبيقه آمال الشعب ، وهل ستتم ولادته بسهولة ودون عملية قيصرية يفقد فيها البلد المزيد من الدماء وربما يأتي الوليد مشوها ومهددا بالعديد من الامراض والعلل المزمنة ؟!
اعتقد ان بانتظارنا سنوات اخرى من التخبط والتسقيط قبل ان تأخذ الديمقراطية مسارا صحيحا ، وخلال هذه الفترة لابد ان يعي الشعب الذي يتحمل ايضا مسؤولية ماحدث ويحدث له حجم الخراب وأن يسهم في تغييره عن طريق الانتخابات التي لاأحبذ التبكير بها اذا ماحاول البعض المطالبة بحل البرلمان فالمرحلة المقبلة ستحفل ولاشك بالكثير من التغييرات والمفاجآت وستسقط اوراق توت عديدة لتنكشف عورات الفساد في مختلف مفاصل الدولة وستظهر الوجوه الحقيقية للعديد من المسؤولين بعد ان تسقط اقنعتهم ، ورغم ان العبيدي غير منزه ايضا لسكوته الطويل عما بجعبته من اسرار واطلاق سهامها في توقيت قد يكون مخططا له وقد يكون دفاعا عن شخصه ومنصبه لدى اقتراب الخطر منه ، فقد يستمد بعض المسؤولين الجرأة والشجاعة من حادثة استجوابه فيفتحوا الدفاتر المغلقة للفاسدين
بانتظار ان تجري عملية الحساب والمحاسبة مالم يعمل المتنفذون على لملمة القضايا واطفاء فتيل اشتعالها لانقاذ ايديهم الملوثة ايضا بوحل الفساد ..
نحن لانحتاج اذن الى انقلاب سيما وان جيشنا العراقي لايمتلك ولاءا واحدا وفيه العديد من الفصائل التي تدين بالولاء لاحزاب او جهات خارجية وهذا يعني ان تجربة الجيش المصري لن تتكرر في العراق ومن سيقود الانقلاب لن يجد الجميع طوع امره كما حدث مع السيسي ، ونحن لانحتاج ايضا الى انتخابات مبكرة فمازال الشعب يبحث عن الخلاص في القوة لا الديمقراطية ، وهكذا ، علينا ان نتابع بتجرد مايحدث في الساحة السياسية وننتظر سقوط اوراق اخرى وحدوث فضائح اكبر لأن كل ماسيحدث سيصب في مصلحة الناخب العراقي وسيساعد الشعب على الاختيار بوعي ومنطقية وليس التهليل لكل من يتصدر المشهد بدعوى محاربة الفساد !!