17 نوفمبر، 2024 2:31 م
Search
Close this search box.

في انتظار الحلو!

في سنوات التيه الانقاذي كنا كلما تباحثنا مع ناشط حزبي أو “ناشط حر” في وضع البلاد و حال الناس و امكانات الفكاك من ذلك الواقع؛ كنا نجده يعول بكلياته علي عمليات الحركات المسلحة و علي الجبهة الثورية، و يعلق كل اماله و امانيه علي أكتاف و صدر الكومندر “الرفيق” الفريق عبد العزيز آدم الحلو و رفاقه في الحركة الشعبية و حركات اقليم دارفور!
و كلما سألناهم طالما انه لا حل إلا السلاح ففيم البقاء هنا؟ لماذا لا نلتحق بجبهات الكفاح المسلح و تلتحقون معنا؟! كانوا يردون بطريقة المثقفين المراوغة!
لقد جمدنا العمل السياسي لعقود، و توجهت اعيننا تلقاء الحركة الشعبية و حلفاءها في التجمع قبل الانفصال “أيام الرفيق الكبير قرنق” ثم لمن خلفوه! اضعنا السياسة و العمل بين الجماهير من قبل الانقاذ، اذ لو كانت لدينا احزاب جماهيرية حقة، تقوم بانتاج و تمليك رؤية سياسية للناس لما كانت الانقاذ!
و حتي بعد ان كانت، فشلت احزابنا في انتاج اي خط سياسي متماسك و صياغة رؤي سياسية و اقتصادية و اجتماعية و قانونية ..الخ بحيث تتشكل معارضة قوية لحكم الاسلامويين، صحيح ان النظام البائد كان قابضاً و باطشاً، لكن هذا لا يبرر بحال تراخي و فشل المعارضة، بل ان تراخي المعارضة هو ما اغري السلطة بزيادة قوة قبضتها و استبدادها.
الاقتصاد تحديداً هو المجال الذي بان فيه فشل الاحزاب و تحولت بسبب هذا الفشل الي مجرد لافتات تنضوي تحتها مجموعات من الناشطين، أصبحت كل عضوية الاحزاب ناشطين لا اكثر و لا اقل!
النشاط ليس سُبة، و وصف شخص بأنه ناشط لا يقلل من قدره، لكن هناك فرق بين السياسي و الناشط “حتي و إن كان الناشط حزبي” فالسياسي يفترض فيه ان يلم بكل ابعاد العمل العام في البلد، و يتوفر علي معرفة تامة بتفاصيل العناصر التي تحكم اي قضية من القضايا، و بكامل المؤثرات و المحددات، و عندما يطرح معالجات لتلك القضايا و الازمات؛ يفترض انه يعرف كل التأثيرات لعناصر الحلول التي يقدمها حتي تلك التي هي غير منظورة لأدق المراقبين ملاحظة، و عارف حتي لأبعاد التأثيرات الثانوية “الاثار الجانبية” لها.
لقد انتظروا و انتظرنا معهم الحلو لمدة طويلة، و لكن في الختام نهض الشعب دون توجيه من احد السياسيين و انجز المهمة المستحيلة.
اليوم و الاولوية للسلام، لا يزال الحلو و رفاقه يرسلون اشارات متضاربة و يسهمون في تعقيد مهمة احلال السلام و التي هي اللبنة الاولي لارساء العدالة و دولة حكم القانون.
ان أزمة الحركات المسلحة المزمنة و التي هي جزء لا ينفصل عن ازمتنا الوطنية المزمنة، هي أنهم كذلك انغمسوا في العمل الحربي باستراتيجياته و تكتيكاته، و اوغلوا في الأمور العسكرية، و اهملوا ما هو سياسي، رغم انها بالاساس حركات سياسية! فانتهي بها المطاف اذ أصبحت لا هي جيوش عسكرية يؤبه لها و لا كتل سياسية ذات وزن يعتبر!
ثم ان طول أمد الصراع و الحرب خلق وقائع جديدة و متغيرة علي المشهد العام و علي الارضية التي تقف عليها تلك الحركات.
تكاثرت الانقسامات في صفوفها و تعددت الحزازات و الإحن بين قياداتها .. حتي أولئك الذين نشأوا في خندق واحد باعدت بينهم المواقف و الأيام!
فهل السودان و قبل ارساء سلام شامل و نهائي يحتاج الي سلام داخلي في صفوف حركات الكفاح المسلح، بين قادة تلك الحركات و بين افرادها!!؟

أحدث المقالات