4 نوفمبر، 2024 9:24 م
Search
Close this search box.

في انتظار .. الجبوري!

في انتظار .. الجبوري!

عسى ألّا يكون رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، قد كلّف نفسه كثيراً وتحمّل المشقّة قبل أن يأذن لمكتبه الإعلامي بالإعلان عن عزمه على إجراء “حوار شامل” مع القيادات السياسية بشأن المشاكل والقضايا العالقة “للحيلولة دون حصول مزيد من التأزّم”.
تحرُّك كهذا لرئيس السلطة الأولى في البلاد كان متوجّباً قبل الآن، وهو متوجّب على طول الخط أيضاً في ظروف عسيرة كالتي يمرّ بها العراق حالياً، فمن أولى واجبات رئيس السلطة التشريعية السعي، تحت قبة مؤسسته وخارجها، لضبط الصراعات بين القوى السياسية المختلفة ونزع فتيل الأزمات، وهذا ما قصّر فيه السيد الجبوري في الواقع منذ توليه منصبه الحالي، فعلى الدوام كان يتبدّى لنا بوصفه جزءاً من المشكلة أكثر منه جزءاً من الحلّ، لفشله في نسيان أنه بجلوسه على كرسي رئاسة البرلمان إنّما يتوجّب عليه التصرّف ممثِّلاً لكل العراقيين وليس لحزبه وطائفته وقوميته فحسب.
السيد الجبوري يريد الآن أن يكون جزءاً من الحلّ .. مرحباً به وحيّاه الله وبيّاه، لكن هل يعرف تماماً الطريق المفضية إلى حلّ “المشاكل والقضايا العالقة” التي يريد إجراء “حوار شامل” بشأنها؟
المؤكد أنّ السيد الجبوري وسائر قيادات القوى والأحزاب والكتل السياسية المتحكمة بأقدارنا ومقاديرنا، يعرفون أين تكون هذه الطريق وكيف يُمكن الوصول إليها، لكنّ المشكلة أنهم لا يريدون السير على هذه الطريق بالذات، لسبب بسيط هو أنّ الطريق المؤدية إلى الحل تُحقّق للناس مصالحهم، فيما تضرّ بالمصالح الأنانية لهذه القيادات، والجبوري واحد منها، وأحزابها وكتلها التي تعتاش على دوام المشاكل والصراعات.
عليه أشكُّ في أنّ السيد الجبوري وصحبه من “تحالف القوى الوطنية العراقية” الذين عقدوا العزم على إجراء الحوار الشامل، كما جاء في بيان المكتب الإعلامي لرئيس البرلمان، سيقولون للذين يتحاورون معهم إنّ نقطة البداية توجد في الدستور وفي نظام المحاصصة غير الدستوري.
منذ سنتين تقريباً كنتُ وعدد من الزميلات والزملاء الإعلاميين في لقاء مع السيد الجبوري على مائدة رمضانية. سؤالي الوحيد له كان بشأن استحقاق تعديل الدستور وإلغاء نظام المحاصصة المؤجل منذ عشر سنوات. يومها أجابني بلهجة التوكيد أنّ هذا الاستحقاق سيكون من إنجازات الدورة البرلمانية الحالية. مضت الآن سنتان على ذلك اللقاء ولم يتبقَّ على انتهاء ولاية برلمان السيد الجبوري غير ستة أشهر ونيّف، ولم يحصل شيء ممّا وعد به السيد الجبوري.
إنْ فعلها السيد الجبوري وطرح هذه المسألة على مَنْ سيحاورهم في قابل الأيام، بوصفها مفتاح الحلّ للمشاكل والقضايا العالقة والمخرج من النفق المعتم الذي ألقت بنا إليه الطبقة السياسية التي ينتمي إليها السيد الجبوري وصحبه، وإنْ أقنعهم بهذا سيكون قد دخل التاريخ بوصفه رئيس البرلمان الذي حققَ اختراقاً كبيراً عجز عنه سابقوه. أما إذا لم يفعلها فسيدخل التاريخ أيضاً ولكن بصفة صاحب الوعد الذي لا يفي بالوعود، وبيّاع الكلام الذي ليس لديه بضاعة غير الوعود الزائفة.

 

أحدث المقالات