8 أبريل، 2024 11:05 م
Search
Close this search box.

في انتخابات الجزائر.. الكل خاسر ما عدا النساء

Facebook
Twitter
LinkedIn

الهزيمة الكبرى في هذه الانتخابات كانت من نصيب التيار الإسلامي الذي شكل قطبين رئيسيين خلال الفترة الماضية، ودخل
الانتخابات على أساس اكتساح البرلمان.

جاءت نتائج الانتخابات التشريعية الجزائرية، التي أجريت الخميس 4 مايو 2017، على عكس ما روَّجت له خطابات الأحزاب
المشاركة، خاصة أحزاب التيار الإسلامي. وجاءت على عكس ما توقعته وسعت إليه أثناء حملتها الانتخابية التي شهدت صراعا
واضحا على أربعة مستويات: المستوى الأول هو صراع الأجيال حيث الجيل القديم وريث الثورة والاستقلال معا والذي ينهي ما تَبَقّى
من سنوات قليلة من عمره السياسي، والجيل الجديد -بعضه وصل إلى مرحلة الكهولة- الرافض للخطاب السياسي الكلاسيكي.

والمستوى الثاني صراع مؤسسات الدولة بما تملكه من قوة معنوية ومادية ووسائل الاتصال الحديثة، خاصة مواقع التوصل الاجتماعي،
وتحقَّق الرهان والفوز لصالح الثانية على حساب الأولى؛ فيما يتمثل المستوى الثالث في الصراع بين الشعب والأحزاب -موالاة
ومعارضة- وقد أظهر الشعب قدرته على العزوف من جهة أولى بنسبة تجاوزت 61 بالمئة من أصوات المسجلين على القوائم
الانتخابية، وبنسبة فاقت 10 بالمئة من الأصوات المنتخبة، أي الملغاة، وهذا يعني أن الكتلة الرافضة من الشعب للانتخابات هي
الأكبر والأقوى.

ويظهر المستوى الرابع بين الأحزاب، أولا لجهة إثبات الوجود ودخول البرلمان، وثانيا الكشف عن أيّها الأجدر بالبقاء على الساحة
السياسية، وهذا هو الأهم لأنه بيّن مكانة كل حزب ودوره، وخاصة فشل تيار الإسلامي السياسي كما سنرى لاحقا.

ومع ذلك فإن الأحزاب السياسية التقليديّة من جميع التيارات تعمل على التأكيد على أن نتائج الانتخابات لم تحدث إلا تغييرا طفيفا، مثل
ما ذهب إلى ذلك جمال ولد عباس الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، أو التشكيك في نزاهتها والادعاء بالتزوير على النحو الذي
ذهب إليه عبدالرزاق مقري رئيس حركة حمس، ولويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال، لكن الحقيقة غير هذا، ذلك أن هناك
معطيات تفرض وجودها على الساحة الجزائرية اليوم لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها، ونورد بعضها على النحو التالي:

أن الانتخابات كشفت عن مشاركة الأحزاب ـ57 حزباـ وعزوف غالبية الشعب، وهذا يعني أن الأحزاب جميعها باستثناء تلك التي
قاطعت الانتخابات، فريق واحد، ولا وجود لأحزاب معارضة.
30 بالمئة من مقاعد البرلمان للنساء
لم يُجْدِ تهويل السلطة وتخويفها للشعب، لجهة القول: إن العزوف أو مقاطعة الانتخابات سيؤدي إلى عدم الاستقرار ومن ثم غياب
الأمان، وهذا يعني أن الانفجار مُقْبِل لا محالة، خاصة وأن غالبية الشعب لم تعد تثق في مؤسسات الدولة، وخاصَّة المجلس الشعبي
الوطني-البرلمان.

تقدّم حزب التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة أحمد أويحي بحصوله على 97 مقعدا، أي بزيادة 29 مقعدا على انتخابات 2012،
بحيث يشكل اليوم ما يقارب نسبة 21 بالمئة من أعضاء البرلمان، وهذا النتيجة جعلت منه الحزب الوحيد المتقدم في هذه الانتخابات.

خسارة التيار الوطني والسبب يعود إلى تراجع حزب جبهة التحرير الوطني مقارنة بانتخابات 2012، ففي تلك الانتخابات حصل على
220 مقعدا، وفي هذه الانتخابات فاز بـ164 مقعدا، وهذا يعني خسارته لـ56 مقعدا بنسبة 12 بالمئة من عدد مقاعد البرلمان، وهي
نسبة كبيرة لا يمكن تعويضها من خلال التقدم الذي حقّقه حزب التجمع الوطني الديمقراطي، كما أن نتيجتهما اليوم مُجْتَمِعيْن، 261
مقعدا، تعطيهما حق تشكيل البرلمان بعد موافقة الرئيس، لكنها أقل من نتيجتها المشتركة في انتخابات 2012 حيث بلغت 288 مقعدا،
وهذا يعني أن تقدم التجمع الوطني الديمقراطي في هذه الانتخاب لم يُعوِّض تراجع جبهة التحرير الوطني والمحصّلة أن التيار الوطني
رغم فوزه يُعدُّ خاسرا.

الهزيمة الكبرى في هذه الانتخابات كانت من نصيب التيار الإسلامي الذي شكّل قطبين رئيسيين خلال الفترة الماضية ودخل
الانتخابات على أساس اكتساح البرلمان، حيث ضم القطب الأول حركة مجتمع السلم (حمس) وجبهة التغيير، وقد أعلنا وحدة اندماجية
بين الحزبين الإسلاميين وذلك في يناير 2017، ويمثلان “الإخوان المسلمين”، وحصل هذا القطب على 33 مقعدا وهو بذلك يخسر
15 مقعدا مقارنة بانتخابات 2012.

وضم القطب الثاني ثلاثة أحزاب فاعلة في شكل تحالف هي حركة النهضة وحركة البناء الوطني وجبهة العدالة والتنمية. ووقَّعت هذه
الأحزاب على وثيقة “التحالف الاستراتيجي” في يناير الماضي لخوض الانتخابات التشريعية. ويهدف هذا التحالف، بحسب نصّ الوثيقة
إلى تحقيق 14 هدفا، أهمها “المحافظة على السيادة وحماية الوحدة الوطنية والدفاع عن الحقوق والحريات الفردية والجماعية”، وتحقيق
“التقارب مع كافة التشكيلات السياسيَّة بما يخدم المصلحة الوطنية وتنمية ثقافة العمل المؤسساتي” وقد حصل هذا القطب على 15
مقعدا.

هكذا إذن، نجد مجموع ما حصلت عليه خمسة أحزاب إسلاميّة هو 48 مقعدا، وإذا أضفنا إليه الـ19 مقعدا التي حصل عليها حزب
تجمع أمل الجزائر -توجه إسلامي ورئيسه خرج من عباءة حمس- فإن إجمالي ما حصل عليه تيَّار الإسلام السياسي هو 67 مقعدا،
أي بنسبة 14.5 بالمئة من مقاعد البرلمان وهذه النسبة لا تُفيده في أيّ تحالفات حتى لو انضم إليه نوَّاب من الأحرار البالغ عددهم
الإجمالي 28 مقعدا.

تراجعت القوى السياسية ذات التوجهات الاشتراكية واليسارية، فمثلا بليت جبهة القوى الاشتراكية -أقدم أحزاب المعارضة في الجزائرـ
بهزيمة كبيرة مقارنة بانتخابات 2012، فآنذاك حصلت على 26 مقعدا، وتراجعت في هذه الانتخابات إلى 14 مقعدا، وينطبق الأمر
على حزب العمال الذي فاز بـ11 مقعدا في هذه الانتخابـات في حين حقـق نتائج مبهرة في انتخابات 2012، إذ حصل على 24
مقعدا، وهذا يعني أن تيار اليسار جزء من خسارة سياسية عامة في الجزائر.

يمكن القول إن كل القوى السياسية الكبرى خاسرة في الجزائر، وخاصة تيار الإسلام السياسي الذي حقق مكاسب على طول الفترات
السابقة نتيجة تحالفه مع السلطة، حتى حين تعلق الأمر بقوانين جائرة، ومن بين عوامل خسارة الأحزاب غير المباشرة، مشاركة
الأحزاب المجهرية في الانتخابات وحصولها على مقعد أو مقعدين في أحسن الأحوال، وكذلك غالبية الشعب خاسرة لأن معظم
المرشحين لا يحظى بالثقة، وينطبق الأمر على مؤسسات الدولة وكذلك السلطة بقيادة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لأنها تصدر مشكلات
الحاضر إلى المستقبل، ومع ذلك فإن هناك ميزة في هذه الانتخابات وهي حصول النساء من مختلف الأحزاب على 139 مقعدا، أي
نسبة 30 بالمئة من العدد الإجمالي لمقاعد البرلمان في محاولة لتطبيق القانون وتكيّف الجزائر مع الشروط الدولية للعولمة.
نقلا عن العرب

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب