في اليوم العالمي للمرأة..المرأة في المجتمعات المعاصرة مشبعة بروح التحدي والحضور

في اليوم العالمي للمرأة..المرأة في المجتمعات المعاصرة مشبعة بروح التحدي والحضور

في الثامن من آذار من كل عام، إن يحفل العالم بيوم المرأة العالمي إنما هو دعما ومشاركة وإقرار بدور المرأة في الحياة بكونها قوة فاعلة ومؤثرة ومقررة في منظومة الحياة وبما يعكس دورها على كافة المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

فيوم المرأة العالمي ، مناسبة إنسانية عظيمة، تميز انجازها بالجهد الذي بذلته وأنجزته وحققته الطبقة العاملة وتنظيماتها النقابية على صعيد العمل و الإنتاج الاقتصادي والمشاركة الفاعلة والفعلية في التنمية البشرية التي لها دور وتأثير في بناء مجتمعاتنا بناءا حضاريا مزدهر يرفل فيها تنامي دور المرأة وبروزها في كافة ميادين العمل و مشاركتها مع الرجل، لنجد تميزها في بعض الميادين أكثر منه.

ولما كانت الثقافة التي يتبناها العالم الحر برفع التميز الفكري والإيديولوجي ضد المرأة، إنما هي رسالة يراد منها إيصالها إليها بكونها ليست اقل دورا وإمكانية وشائنا وإنتاجا، لا دينا ولا عقل، وبما تحاول تجسيد مثل هكذا ثقافات مشوهة حقيقة المرأة بالكمال، وإنها دون الرجل لاستلاب حقوقها، لذا فان رسالة العالم باحتفالها بيوم المرأة في الثامن من آذار إنما هو احتفال موجهة إليها بكونها حرة وليست خاضعة ومهمشة، وان أي خضوع وتهميش يعد عليها وهي ستتحمل تبعات ذلك لان النظم العالمية والمحلية أقرت بحقوقها الكاملة وناصرتها وستناصرها إذ ما قاومت ورفضت الخضوع والإذلال، وعليها إن ترفع صوتا ولا تخضع لمنظومة القهر والاستلاب لحقوقها ولدورها في الحياة، لان من شان الخضوع والرضوخ لسيطرة الرجل على مقدراتها تعظيم دونيتها ونقصها، وعليها إن تتيقن بأنها هي المرأة (الأم) من خلقت هذا الرجل بالحمل والاحتضان والتربية.

 

 

المرأة أثبتت دورها وفعاليتها في كافة ميادين الحياة

 

 

ومن هنا فرض أداءها وإتقان عملها في دعم كل الحركات النسوة في العالم والحركات العمالية من اجل تثبيت مطالبها المشروعة في الحقوق والحرية التي تنطلق من مبادئ المعايشة الإنسانية للمرأة وكموضوع لواقع معاش وليست كموضوع تنافس أو تصنيف فحسب، بل بكونه ممارسة طبيعية لحقوقها الإنسانية، ومنها حق العمل وإبداء الرأي ، وليس من اجل الصراع في التميز بين الجنس، بل اعتراف تفرضه الممارسة وثبوت فعالية المرأة في كافة ميادين العمل، بعد أن برز في محيط عملها بعض من المشاكل والمعوقات المهنية وخاصة إثناء زيادة الضغوط الاقتصادية، أو في بعض قوانين العمل التي لا تقف إلى جانبها ولا تنصفها، بالإضافة إلى أن نظر بعض المجتمعات الشرقية التي تصاحب رؤيتها بنظرة دينية متخلفة التي تمنع مشاركتها واختلاطها مع الرجل و العمل، بما لا تستقيم مع واقع العصر وتطوراته ، والتي تنتهك حقوق نصف المجمع .

فالمجتمع إن اقر بحقوق المرأة وناصر تطلعاتها وانتفاضتها ليكون لها يوما عالميا في الثامن من آذار إنما هو أتى من وعي كل المجتمعات عن دورها في تكوين هوية الرجل، ولذلك فالمجتمعات الحرة بقوانينه ترفض أي تصرف من هذا الرجل الذي يعود الفضل بتنشئته إليها فحسب إن يقوم باحتقارها وإذلالها واعتبارها ضعيفة وناقصة، ومن هنا يأتي دور المرأة في التحدي والنضال على القيود والمعاير والقيم والتقاليد الاجتماعية الباليه المهينة للخصوصية المرأة وحريتها الإبداعية على كل أنشطة الحياة.

 

 

يجب إعادة الاعتبار إلى المرأة بكل مكوناتها الإنسانية والاجتماعية والحقوقية

 

 

ومن هنا تأتي أهمية والحاجة إلى إعادة الاعتبار إلى المرأة بكل مكوناتها الإنسانية والاجتماعية والحقوقية، بكونها اليوم هي الصانع الحقيقي في المشهد العمالي، رغم ملاحظتنا بكون دورها مغيبا ليس في بعض البلدان الشرقية فحسب بل في بعض البلدان المتقدمة بسبب السياسات المتبعة فيها حيث تتغنى بالعامل وحقوقه في الظاهر بينما الأمر هو على عكسه على ارض الواقع ، ومن هنا تأتي أهمية المؤسسة العمالية ونقاباتها المهنية في السعي والنضال الجاد لمطالبة بحقوقهن وإدخال وإصغاء إلى صوت المرأة في كافة القطاعات المهنية والعمالية كصوت أساسي لأي تشريع وعمل كان، لأنها أثبتت جدارتها وتفوقها وقدراتها في كل مجالات وميادين العمل، لتوصل رسالتها إلى المجتمع والدولة ليتم وضع وتشريع قوانين تصون حقوق المرأة العاملة، ليزيد الوعي لقضيتها في المجتمع، والمساواة في العمل وتذليل الصعوبات لكي تمارس دورها الطبيعي في الحياة الكريمة، ولكي تبدع أكثر وأكثر.

 

 

المرأة مشبعة بروح التحدي والحضور

 

 

فنحن اليوم في مجتمعات معاصرة وفي عالم العولمة وعالم الحر وهو عالم المرأة بامتياز وعلى المرأة باعتبارها اليوم وعيا معبر لحقيقة الواقع الذي نعيشه إن تعي ذلك لأنه من غير ممكن ومن غير مقبول السقوط والخضوع لاشتراطات اجتماعية سلبية لا يمكن قبولها بأي شكل من الإشكال لحجم تناقضها، ففي وقت الذي تقدس المرأة نراهم يشرعون ليس بالأفعال فحسب بل عبر إصدار قوانين جائرة بإذلالها كما حدث في العراق بعد 2003 حيث شرع عبر ما يسمى بـ(قانون الأحوال الشخصية الجعفري) الذي اقره البرلمان العراقي؛ والذي يحدد زواج للطفلة القاصرة بعمر 9 سنوات، بل ويبيح الزواج قبل هذا العمر للرضيعة, ولكنه اشترط بأن يكون هذا الزواج, يقتصر على المداعبات الجنسية وفتح الأفخاذ دون الولوج .

إما الطائفة السنية فتتبع الوقف السني بمذاهبها المعروفة, التي تبيح سن الزواج للطفلة القاصرة بعمر 13 إلى 15 سنة ويتم الزواج في المحاكم الدينية التابعة للطائفة السنية, وكذلك في حالات الحضانة والإرث والطلاق وتعدد الزوجات، لتكون مثل هكذا معايير الذكورية المهينة بحق المرأة تكرس الاستغلال وتعيد إنتاج استلاب المرأة وقهرها وتمييزها وعبوديتها لتدفع ثمن ذلك من كرامتها وحريتها وحقوقها، ليرد هذا الطغيان بمشاعر سلبية بحق ذاتها، وهذا ما يجعلها تتوارى عن الأنظار وتخفي ملامحها خلف الحجاب والبرقع بعد إن يكون المجتمع الذكوري قد اخذ مأخذه من كرامتها وإنسانيتها وجعلها دمية يحركها كما يشاء لتبقى أسيرة هذا المحيط الذي يشعرها بـ(عقدة النقص) لدرجة التي باتت هذه العقدة النفسية المؤلمة تنمو بذاتها وتكبر أكثر وأكثر لدرجة التي بات محيطها يشعرها فعلا بأنها بطبيعة ناقصة ليولد هذا الشعور في ذاتها بأنها أصبحت جزء من حالة النقص بعد إن تكون ثقافة التخلف والتزمت وسلطة الرجل أخذت مأخذها لتحتل وعيها وإبداعها، لدرجة التي لم تعد ترى ذاتها وكيانها إلا من خلال معاير الرجل وسلطته، وهذا ما ضيع عنها أي قراءة لحقيقة الواقع ودورها في تغير الحياة بعد إن غيب عنها قسرا مفهوم الحرية بغياب تعليمها كحالة فرضها الرجل عليها لتكون بعد حين وبعد تفشي وباء الجهل والتخلف جزءا من حالة الأمية أرادها الرجل المتخلف إن تكون المرأة جزء منها ليحسسها على الدوام بالنقص وليستلب إرادتها، ولكن نسى هذا الرجل بان المرأة بطبيعة وغريزة ذاتها كـ(أنثى) مشبعة بروح التحدي والحضور ودورها في اخذ القرار، فهي تتحمل القهر والألم والتميز والقمع وتصبر وتقاوم لأنها تحضن ذاتها كأنثى وما لها من دور منذ بدا الخليقة، فهي بعمق ذاتها تستعيد التوازن رغبة لاستيقاظ وستستيقظ مهما كانت قوة استلاب الذي غرزه الرجل في ذاتها، فاليقظة والتغير هي مسلمات غريزية مشبعة في ذات المرأة، نعم أنها لن تنفجر تلقاء نفسها، ولكن الظروف المحيطة بها في عالم العولمة والتغير الحاصل في مرافق الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية سيحفزها بالتفجير وستنفجر، لان السكوت على هذا الطغيان الذي يمارسه المجتمع الذكوري بحق المرأة من شانه إن يوسع دائرته أكثر وأكثر لتكون عرضة لتسليعها واستغلالها وتشيئها واغتصابها من قبل منظمات الإرهابية كما فعلت (الدولة الإسلامية الداعشية) التي أرادت تأسيسي دولتها الغاشمة في منطقتنا الشرقية بممارسات وحشية قذرة حيث السبي والاغتصاب وفرض الحجاب والنقاب والبرقع وتبادل الزوجات بين مقاتلين وإصدار فتأوي بنكاح الجهاد وبإباحة ممارسة الجنس مع المحارم إلى غير ذلك من مسالك مقززه تقشعر منها الأبدان، للتحول المرأة إلى سلعة تروج كأي بضاعة في السوق ووسيلة لإشباع الغرائز فحسب، ولهذا فان هذا الواقع المرير للمرأة حيث الاستغلال والاستلاب و القهر وحصر دورها في الحياة بكونها مجرد متعة للرجل يستعبدها ويستغلها وقت ما شاء، فان من شان استمرار مثل هكذا أوضاع شاذة في المجتمع فان المجتمع برمته سيفقد إنسانيته ويفقد حريته بقدر ما تفقد المرأة حريتها وإنسانيتها.

 

 

حرية المرأة من حرية المجتمع بمعناه العميق والشامل

 

 

لنفهم مما سبق بان حرية المرأة هي من حرية المجتمع بمعناه العميق والشامل، لان الثورة الاجتماعية الحقيقية ترتكز في هذا الخيار بل إن تحرير الرجل من ثقافة الاستعباد لا تأتي إلا من خلال هذا الباب، لان طبيعة التكامل المجتمع لا يمكن إن يتكامل دون حرية المرأة شاء من شاء وأبى من أبى، لأنها حقيقة، وحقيقة أي ثورة اجتماعية التي لا يمكن لها إن تقفز من فوق حرية المرأة وتتخطاها بالتهميش والتجاهل، لان الثورة الاجتماعية الحقيقية تتجلى بالتحرر من كل أنواع من الاستعباد والاستغلال الطبقي، أكان ثقافيا أم سياسيا أم اقتصاديا للمرأة، وبدون هذا الخط المتوازي بين التحرر والثورة سيبقى المجتمع يدور في متاهات الذل والضياع والانحطاط والبؤس والتشرذم الأخلاقي والنفسي والاجتماعي والتراجع والتخلف ليس على مستوى الاجتماعي والثقافي فحسب بل يتعدى تأثيره على البني التحتية والفوقية والسياسية والاقتصادية، فواهما من يعتقد بان حرية المرأة ليست بهذا التعقيد، بل هو جوهر التعقيد، لان (لا) تصحيح لمسيرة التاريخ البشري نحو أفاقه المشرقة بدون تصحيح مسيرة المرأة في الحرية والمساواة.

 

 

يجب تفعيل دور المرأة في كافة ميادين الحياة ليتم إزالة الشعور بالمظلومة الاجتماعية عند المرأة

 

 

ومن هنا يأتي دور بناء الثقافة الجديدة ورؤية الجادة والعميقة في تكافؤ الفرص في كافة ميادين العمل بين الرجال والمرأة، وإعطاء الفرص لها للاندماج في العمل النقابي العمالي لكي يتسنى لها المطالبة والتشريع والمعالجة وتحسين ظروف عملهن لتقليل الفجوة بين النساء والرجال، ولتنفيذ القوانين وقرارات العمل والتي حتما ستؤثر في كفاءة واكتمال وفعالية دور المرأة العاملة في كافة ميادين العمل والإنتاج، ليتم إزالة الشعور بـ(المظلومة الاجتماعية) ، والنظرة الضيقة لدورها ومساهماتها، ومعاناتها، وعدم الحصول على حقوقها المهنية والوظيفية والاجتماعية، إضافة إلى نقص فرصها في المكافآت أو التشجيع و بما يتناسب وقدراتها، ومهاراتها، وطبيعتها، وخصائصها البدنية والنفسية، وأيضا بنوعية شروط أداء العمل وظروفه، فالعمل الروتيني الممل أو العمل القاسي الصعب يسبب الكثير من المشكلات السلبية على صحة العامل فكيف الحال إلى صحة المرأة النفسية واستقرارها النفسي، في وقت الذي يكون طموح أية امرأة هو النجاح وتحقيق الذات ليس في العمل فحسب بل في المجتمع والأسرة.

 

 

المرأة تكافح وتناضل لإثبات وجودها وحقوقها

 

 

ومن هنا نجد بان الكثير من النسوة الطامحات إلى النجاح في مشوارهن المهني يضطررن إلى التخلي عن إنجاب الأطفال كي يستطعن تحقيق ما يصبن إليه، وبالطبع فان هذا الوضع يترك انعكاسات سلبية ليس على مستوى الأسرة فحسب بل على مستوى المجتمع ، وهذا ما جعل المرأة العاملة تكافح وتناضل على عدة جبهات، فمن جهة تحاول إقناع الرجل بأخذ جزء من الواجبات المنزلية لتخفيف العبء عليها، ومن جهة أخرى تكافح وتسعى في ميدان عملها لإثبات ذاتها و حقها في الحصول على نفس الساعات وأجر الرجل للعمل نفسه، وكما أنها تكافح من أجل إلغاء كل التصورات التقليدية القديمة التي تقول إن النساء غير قادرات على المهام التي يقوم بها الرجال، وهناك مشكلة أخرى تواجه المرأة وهي صعوبة حصولهن على وظيفة وخاصة في قطاع الخاص، لان أرباب العمل لا يوظفون المرأة بكونهم يخشون فيما إذ أنجبت المرأة وبالتالي سيضطرون لمنحها راتب إثناء إجازة أمومة، بكون القوانين في كل دول العالم وحتى الدول الشرقية تجبر أرباب العمل على صرف راتب المرأة التي أنجبت، لمدة عام أو أكثر، وإعادتها إلى وظيفتها بعد إجازة الأمومة، وربما يتكرر الفعل بعد عام، وهذا بدوره يجعل أرباب العمل يترددون في توظيفها، إضافة إلى ذلك فان نسبة كبيرة من الرجال يرفضون عمل المرأة بشكل عام ولأسباب شخصية وذلك لعدم رغبته بقيام ببعض الواجبات المنزلية لأسباب يعتبرها بعضهم بأنها تحط من شأنهم ولا تتطابق مع تصوراتهم، فالمفهوم السائد في اغلب المجتمعات العالم وليست الشرقية فحسب، بان الواجبات المنزلية لا تزال حتى الآن من مهام المرأة ، ويعود السبب في ذلك إلى عدم استعداد الكثير من الرجال لتخفيف الأعباء المنزلية على شريكات حياتهم لتصورات قديمة وتقاليد محافظة ورثوها عن التركيبة الاجتماعية السابقة، وهذا ما يقف عائقا أمام طموح المرأة لتحقيق إنجازات وتفوق أعلا في مشوارها المهني، مما يجبر هذا الوضع نساء عديدات يطمحن للوصول إلى مراكز عالية على الاختيار بين أمرين؛ إما الأسرة والأطفال أو المشوار المهني.

وهنا يمكن لنا القول بان التوفيق بين الأمرين ممكن لكنه يتحقق عادة على حساب المرأة، لأن نسبة عالية من الرجال غير مستعد لتحمل مسؤولية القيام ببعض الواجبات المنزلية، بذريعة كونهم ليست لديهم الكفاءة على تربية الأطفال، مع أن تجارب عديدة أثبتت أن الرجل الذي يصبح (أب) قادر على رعاية أطفاله أن أراد ذلك حقا، وتحقيق النجاح الأكبر يكمن بين مشاركة الطرفان في التنسيق والتوفيق بين عملهما وتدبير الأمور وتنسيق الواجبات المنزلية والوفاء بمتطلبات الأسرة والأبناء من اجل توفير الدخل المادي للأسرة من خلال العمل داخل المنزل أو خارجه.

 

 

التوافق بين المرأة والرجل والوعي بالمسؤولية الأخلاقية واجب بين الطرفين

 

 

فالتوافق والوعي بالمسؤولية الأخلاقية بين الطرفين وبمستوى الوفاء بالواجبات الأسرية و تربية الأطفال وتنشئتهم على الوجه الأمثل ممكن، وفي الوقت نفسي، يحقق لهم الناجح المأمول في العمل، فلابد إذا من وضع خطة مدروسة ومحكمة تتسم بالمرونة والواقعية بحيث لا تختلط الواجبات ولا تطغى المهام على بعضها البعض، لان خروج المرأة إلى ميدان العمل بكل دوافعه ليس مسالة مرتبطة مباشرة برغبتها في الاستقلال المادي أو الخروج عن التبعية المالية للرجل أو السعي لاختيار مستقبل أفضل وأكثر أمانا لها ، فالمسألة المالية ليست الدافع الوحيد لها، وإنما يأتي بدافع تحقيق لمكانة إيجابية لها تسهل تفاعلها مع الرجل في نشاطات العمل والمواقف الخاصة، ولكي يمكنها من تعديل نظرة الرجل لها باعتبارها أداة لمتعة (الجنس) فحسب؛ لتحول هذا المفهوم الخاطئ إلى مفهوم الشراكة المتكاملة في العمل والأسرة، بقبول الرجل التام، دون التملص، لهذا الدور، وهذا ما جعلها تنفتح على القيم الجديدة بقبول اختيارات غير تقليدية، وهذا ما أمكنها على التعبير الأفضل عن ذاتها، مما ساعد و يساعدها على تحفيز دوافع العمل لديها مع رفع مستوى تكيف الرجل معها كزميلة عمل وكزوجة، وهذا التصرف أدى إلى تحسين مستوى تقديرها الموضوعي للآخر وذلك بدعم تجربتها في التعاطي مع الآخر من خلال عملها والذي ترتب عليه تحسين اللياقة النفسية والاجتماعية ليس لها فحسب بل للمجتمع برمته ، والتي أجبرت وفرضت احترامها في المحصلة بقوة إرادتها بان يحترم الرجل جهودها في العمل مدعوما بكفاءتها في تحمل المسؤوليات والمشاركة المتكاملة في العمل و الأسرة وفي هذا تراجع للفكرة التي تحصر نشاط المرأة في المنزل، والذي ترتب عنه نتائج ايجابية في تنامي حالات قبول المرأة من زميلها في العمل كشريكة معاناة داخل العمل وخارجه، بكون كل مؤشرات القائمة في ميادين العمل تؤكد بان الرجال لا يجدون أية مشكلة بوجودهن في العمل كأخوات يمكنهن مناقشة المشاكل معهن انطلاقا من فعاليتهن في العمل وقدرتهن على إثبات فعالية تنزع عنهن صفة المرأة كـ(جنس) وتوسيع مفهومه إلى المرأة كـ(إنسان)، في مقابل أجبرت الرجل لتحمل مسؤوليات إضافية في المنزل مساويا ما تكبده في العمل إضافة إلى دورها التقليدي في المنزل، وهذا ما افرز بتغير سلوكه ليكن أكثر تهذيبا بسبب وجود النساء في مكان العمل وهو سلوك ينعكس على علاقة الرجل بزوجته وبنساء عائلته والعاملات معه في العمل ، وهذا كله في النتيجة ساعد إلى تعزيز روح المشاركة الأسرية داخل المنزل بين الأبناء والزوج في الخدمات المنزلية اليومية وتعاونهم المبرمج في توزع وظائف المنزل من تنظيف وغسل و ترتيب مائدة الطعام ..الخ، ليتحمل كل عضو في الأسرة المهام الملقاة على عاتقه بجدية وإخلاص لتخفف عبء الملقاة على المرأة وبما يساهم في تطوير أداءها في تربية أفراد عائلتها وتعليمهم.‏

ومن هنا نستخلص القول بان (المرأة) حظيت في كثير من بلدان العالم الشرقية والغربية على السواء، بمكانة متقدمة في المجتمع، وبما حققته على الصعيد العالمي من خطوات مهمة على طريق المساواة مع الرجل حيث تم توفير عناصر الراحة لها سواء فيما يتعلق بمنحها إجازة الأمومة، وافتتاح دور الحضانة للأطفال في أماكن العمل وذلك بهدف توفير الاستقرار النفسي ضمن بيئة عمل المرأة العاملة وتحسين ظروفها الاجتماعية والصحية، ليتم تحقيق المزيد من المكاسب والمساواة الكاملة وبمشاركة الرجل في النضال من اجل حقوق المرأة .