المُكاشفة في مفهومها البسيط؛ المصارحة لإظهار أمرٍ ما على حقيقته، مع شخصٍ او مجموعة، للأطلاع على خفايا الأمور، التي تحصل خلف الكواليس، والتي يتم حجبها عن العامة لمآرب خاصة.
السياسة في العراق لا تجد لها نظير، لا في عالم الأحلام ولا في عالم هوليود للإنتاج السينمائي، في العلن معكَ وفي الخفاء يطعنك.. حالة من الفوضوية من جانب والعبث من جانب آخر، أشبه بالمثل الشعبي “لا تطئ الجني بقدمك ولا تقُل بسم الله”، هذا ما يحصل تماماً، تجد الكثير من الكتل السياسية الكبيرة منها والصغيرة مشتركة في الكابينة الوزارية ومنتفعةً منها عن طريق المحاصصة السياسية، وبنفس الوقت تجدها تُعارض عمل الحكومة لمأرب لها، للحصول على مكاسب اوسع، قدم في الحكومة والأخرى في المعارضة، شريك رئيس في الحكومة ومعارض فيها في آن واحد، تُعد من عجائب الدنيا!.
من كلام أمير المؤمنين عليٌ “عليه وآله السلام”: {والله ما معاوية بِأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر}، تشخيص في غاية الدقة، في وصف السياسي الماكر، الذي يتحين الفُرص لنفسه وإن كانت على حِساب دينه ووطنه، وإلا كان بأِمكان الإمام “عليه السلام” أن يُمكن معاوية ولاية الشام لبرهة من الزمن، ثم يعزله بعد ان يأمن شره كما طُلِبَ منه “صلوات الله عليه”، لكنه أبى ذلك.. لم يساوم ولم يهادن قط على مبادءه ودينه ورعيته، ولأجل ماذا يهادن، لِملكٍ يبلى، هو القائل طلقتك ثلاث.. تكاشف مع رعيته بكل صراحة وشفافية، إن معاوية ماكر لا يصلح أن يكون والياً، مهما كانت النتائج عن مكاشفته، سواء كانت لصالحه من عدمها.
المكاشفة جُنة وفيها النجاة.. دعى رئيس تحالف الإصلاح والإعمار في كلمة له في عيد الفطر المبارك، رئيس مجلس الوزراء إلى مكاشفة الشعب والقوى السياسية، في تسمية المسميات بإسمها، وكشف زيف مُدعي الإصلاح، ومن يقف عائقاً امام عجلة إكتمال الكابينة الوزارية، وعملية الإصلاح في محاربة الفساد وإنهاء لحكومة الظل “الدولة العميقة”، الذين يظهرون في العلن أنهم دُعاة إصلاح وبناة لدولة المؤسسات، فتنطلي حيلهم على ُبسطاء الناس، لكنهم في الخفاء كالخفافيش يغتنمون المغانم.
دعوة فيها من الجانب الإيجابي بالشيء الكثير، رغم صعوبة السير في طريقها.. لكن من أراد النجاة عليه سلوكها، درب الله وإن كان فيه نوع من الخشونة لكن بعد تلك الخشونة نعيم دائم، الذي يقرأ ما بين السطور و يتمعن بالدعوة جيداً ويستثمرها بالشكل الصحيح، سوف تكون النتائج إيجابية في آخر المطاف، نعم ستلاقي في بادئ الأمر أمتعاض وتمرد شديد من قِبل بعض القوى التي ستتهدد مصالحها، لكن سيقابلها ترحيب ودعم لا حدود له من قوة سياسية داعمة لدولة المؤسسات، فضلاً عن الدعم الجماهيري، التي لا تستطيع أي قوة ان تقف بوجهه.. لهذا ما على رئيس مجلس الوزراء إلا أن يسلك هذا الطريق ويخطوا بخطى أمير المؤمنين في وضع النقاط على الحروف، للنجاة من صيف لاهب لا يبقي ولا يذر.. الفرص في الدنيا قليلة وأحيانا لا تأتي إلا مرةً واحدة، إن لم يستثمرها ويوظفها في المكان المناسب تنقلب وبالاً عليه، حينها لا ينفع الندم بعد فوات الأوان.. لهذا ما على رئيس مجلس الوزراء الا في أستثمار الفرصة للنجاة من غضب الشارع.