باتَ واضحاً ” او اكثر ” أنَّ الرهان الذي كانَ منعقداً على ادارة بايدن الجديدة في إعادة الملف النووي الإيراني السابق , الى سابقِ عهده , قد تلاشى وزادَ الأمر تعقيداً عمّا سبق , ولعلّ آخر واحدث ما يجسّم ذلك هو تصريح رئيس البرلمان الأيراني السيد محمد باقر قاليباف يوم امس , بأنّ تصريحات وزير الخارجية الأمريكي الجديد ” انتوني بلينكن ” قد خيّبتْ آمال ايران
لابدّ أنّ الرأي العام يلاحظ الدبلوماسية الرقيقة < ذات المعنى المعاكس > في تصريحات مسؤولي الإدارة الأمريكية وخصوصاً وزيري الدفاع والخارجية بشأن العقوبات الأمريكية على طهران , وربط مسألة الإتفاق النووي لعام 2015 , ليس بإجراء تغييراتٍ جوهرية عليه فحسب , وإنما بإلحاق البرنامج الصاروخي الأيراني به , بالإضافة الى الدَور الذي تلعبه ايران في عددٍ من دول المنطقة , وبدا أنّ حلّ وحلحلة مسألة العقوبات الإيرانية امست بعيدة المدى والى أمدٍ يصعب التنبّؤ بموعد حدوثه , ويعزز ذلك الرفض الأيراني المعلن عن عدم استعداد طهران لمناقشة برامجها الصاروخية , على الأقلّ .
الى ذلك , ومن دونِ خوضٍ في تفاصيل وجزئيات الأخبار اليومية بهذا الشأن , والتي تعكس ما كأنّه حربٌ اعلامية بين واشنطن وطهران وتخفي خلفها نيّاتٍ امريكية خاصّة وبمؤازرة من دول الأتحاد الأوربي واسرائيل في إطالة عمر العقوبات الأمريكية ” مع احتمال تخفيفٍ او تلطيفٍ جزئي منها ” ممّا لايقدّم ولا يؤخّر .! , لكنّه في اقتصار الحديث هنا عبر الزاوية الصاروخية ! , فبدا أنّ إبراز ايران لقُدُراتها الصاروخية المتنوعة والتركيز عليها أمام اضواء الإعلام وفي المناورات العسكرية البحرية , وعرض تجارب عملية إطلاقها من القواعد البريّة والإعلان عن < المديات البعيدة > لهذه الصواريخ ” التي تصل الى الدول الأوربية ” , وبشكلٍ بارز في التلفزة , وخصوصاً في فترة العقوبات الأمريكية التي بدأها ترامب , فقد قادَ ذلك الى نتائجٍ ذات مفعولٍ معاكس , وأثارَ موجةً من القلق في دول عالم الغرب واسرائيل , واستغلتها او استثمرتها بعض دول المنطقة , ولعلّ بعض التصريحات الناريّة للقادة العسكريين الأيرانيين قد أجّجتْ الموقف الدولي والأقليمي في ذلك , بينما كانَ بمقدور القيادة الإيرانية إخفاء تفاصيل برامجها الصاروخية الى يوم ٍ بعيدٍ قد تحتاجه في المستقبل البعيد
وبلا اضواءٍ دعائية او اعلاميّة تبرز الحضور الأيراني البارز اصلاً من دون الأعلان عن هذه الصواريخ . فقد وصلت الأمور الى حدٍّ في التفكير بستراتيجيةٍ وسيناريوهاتٍ جديدة في مواجهة ما تخطط له الولايات المتحدة .! , علماً أنّ الأدوار المرسومة لحلفاء ايران في العراق او لبنان وسوريا واليمن , لم تعد نافعة ومؤثرة في مواجهة سياسة الرئيس بايدن ومَنْ يقف خلفها من مراكز وقوى الضغط التي بدأت ادوارها الجديدة والمُحَدّثة وفق متطلّبات المرحلة .!