23 ديسمبر، 2024 2:40 م

في المشمش

في المشمش

طبيعي و مفهوم و عادي جدا سحب الدعوة(غير المنطقية)التي وجهتها الامم المتحدة للنظام الايراني لحضور مؤتمر جنيف 2 الخاص بالازمة السورية، لکن الشاذ جدا و غير القابل للفهم و الاستيعاب و البعيد عن کل منطق هو أن يصرح عباس عراقجي على سحب الدعوة هذه بقوله:(کل الناس يعرفون أنه بدون إيران فرص التوصل الى حل فعلي في سوريا ليست کبيرة.)، والانکى من ذلك أنه وفي إشارة غير عادية الى دور نظامه في الازمة السوري، أکد بأنه لايمکن التوصل الى حل شامل للمسألة السورية إذا لم يتم إشراك جميع الاطراف النافذة في العملية.
التدخل الکبير و الواسع للنظام الايراني في سوريا و الذي أثر على أوضاعه الاقتصادية و الاجتماعية بصورة استثنائية بحيث أجبرته في نهاية المطاف الى الذهاب الى جنيف مذعنا و صاغرا و قبل شروط مجموعة خمسة زائد واحد التي اعترف مرشد النظام مؤخرا بأنه إعتراف ليس في صالح النظام، و الخسائر المادية(الهائلة جدا) و المعنوية(التي فضحته أمام العرب و المسلمين)، تحفزه للتبجح و التمختر بأنه طرف نافذ في المسألة السورية و أحد الذين يمکن أن يساهموا في حلها.
الحل الذي يطرحه النظام الايراني و يتصوره ناجعا و مفيدا للأزمة السورية، هو حل معارض و مناقض بطبيعة الحال لذلك الحل الذي يرتأيه عموم أبناء الشعب السوري، إذ أنه”أي النظام الايراني”، يحاول و بشتى الوسائل و السبل لإبقاء حليفه الاسد في المشهد السوري، وهو يعلم بأن هذا الطلب سيواجه رفض مطلق من جانب المعارضة السورية و لذلك فإن جنيف 2 ستدور في حلقة مفرغة و ستبوء بالفشل، على الرغم من أنها فاشلة اساسا کونها تجمع بين الجلاد و الضحية بحثا عن حل ينصف الضحية!
تدخلات النظام الايراني في سائر أرجاء المنطقة عموما و في سوريا و العراق و لبنان خصوصا، لم تکن في يوم من الايام رکيزة او اساس او منطلق لمعالجة او حل مشکلة او أزمة ما، وانما کانت على الدوام سببا و عاملا مهما فه‌ إستمرار تلك المشکلة و تعقيد حلها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنه عندما تدخل في الشأن الداخلي العراقي عقب إنتخابات عام 2009 و فرض بواسطة نفوذه و لغايات و مآرب خاصة نوري المالکي لولاية ثانية ليس لم يکن يستحقها وانما أيضا لم يکن جديرا بها وان الايام قد أثبتت ذلك فعلا و أبسط مثال مانشهده اليوم في العراق من أوضاع مأساوية بسبب إستمرار المالکي في الحکم، کما انه يجب الاشارة أيضا الى نقطة هامة أخرى تتعلق بإبرام مذکرة التفاهم الخاصة بالحل السلمي لقضية أشرف بين منظمة الامم المتحدة و الحکومة العراقيـة و سکان أشرف، حيث أن مجرد تدخله في ذلك الامر بعد توجيهه دعوة لمارتن کوبلر ممثل الامم المتحدة في العراق لزيارة طهران، فإن الامور بدأت تتعقد و صارت الاجواء ملبدة بالغيوم و نجم عن ذلك خمسة هجمات دموية على هؤلاء سکان أشرف و ليبرتي وقع على أثرها عشرات القتلى و مئات الجرحى، وان دخوله طرفا في حل مزعوم للمسألة السورية ليس إلا بداية لتعقيدها و إدخالها في نفق مظلم من دون نهاية!
النظام الايراني الذي يعتبره الشعب السوري و عموم شعوب المنطقة خصما لإرادتها و طموحها، يريد و بکل سهولة و بطرق و اساليب مختلفة أن يصبح شريکا في حل الازمات بل وانه و بسبب غطائه و طابعه الديني(المشبوه)، يحاول أن يکون في أحيانا أخرى بمثابة الحکم الذي سينصف الجميع بعدالته ولکن….في المشمش!
[email protected]