20 أبريل، 2024 8:31 م
Search
Close this search box.

في العراق..نعيش على (مخلفات) و (ركام) الحضارة !!

Facebook
Twitter
LinkedIn

ما إن أتطلع بين كل هذا التراث والإرث الحضاري الضخم لبلاد ما كانت تسمى بـ (وادي الرافدين) أو (الهلال الخصيب) حتى ينتابني شعور بالحزن والألم والأسى والشعور بالاحباط والخيبة ، بل وربما باللعنة ، لما حل ببلدنا العراق من كوارث ونكبات وغزوات واحتلالات و(فرض ارادات) و(ايدلوجيات) و(استيراد ثورات) والدول المجاورة والكبرى هي من (تنصب) لنا (الزعامات) وهي من ترسم لنا شكل النظام السياسي ، الذي يعتمد أكذوبة (الأغلبية) و(الأقلية) بالرغم من ان العراقيين لم يعرفوا معنى الأغلبيات ولا الأقليات وكانوا يعيشون (سواسية) كأسنان المشط ، بل ان هؤلاء المهيمنين على مقدراتنا من الأغراب ، هم من يرسمون لنا السياسات ويفرضون علينا حتى نوع الأطعمة والاكلات التي نستوردها من بلادهم ، وأحيانا حتى نوع الملابس الداخلية التي نرتديها !!
ومن شدة هيامنا بمأساة بلدنا راحت (التخيلات) و (المرارات) و(التحليلات) تذهب بنا بعيدا، حتى يشك الكثيرون بأنهم عراقيون وقد كانوا من اصحاب الحضارة، إن لم تكن الحضارة قد اصبحت في الزمن الأغبر (تهمة) أو (ذنبا) اقترفه العراقيون ، مثلما هي تهمة (الوطنية) التي (يتهم) بها من يؤمن بالعراق وتأريخه الحضاري المعطاء ، لتهجم علينا الأقوام والدول من كل الاجناس ، لتحطم معالم تلك الحضارة ، وتحاصرنا بقيود وسلاسل وتكبل تفكيرنا ومشاعر أجيالنا، ونصبت علينا رجال سلطة هم من فرضوهم على رقابنا تحت عناوين الديمقراطية وتحت شعاراتها الزائفة. المخادعة البراقة . والعراقيون يتجرعون كل يوم كؤوس المرارة مما يحل ببلدهم من خراب الديار والأنفس والآثار، حتى ان البعض ربما قد (كفر) بتلك الحضارة التي لم ير منها سوى (أطلال دارسة) ليس لها أي أثر إيجابي يغير حياة العراقيين الى الأفضل، إن لم تنزل بهم الأقدار الى أسفل السافلين!!
تمعنوا في كل تلك الرموز الحضارية التي عاشها العراق عبر حقبه التاريخية..كان العراقيون رجالا (عظماء) بكل معنى الكلمة تحترمهم الدول وتهابهم المجتمعات وتحسب لهم الف حساب، بل يعد العراقيون عبر العصور ، من أرفع خلق الله شأنا بين البشر، بعد إن كرمهم الله بكل هذا التاريخ المشرف، واذا ببعض أهله وممن كانوا خارج دائرة التاريخ ، وبتحريض ممن يتربصون بالعراق شرا، ممن يحيطون به ، ممن داس العراقيون على رؤوسهم في أزمان غابرة ، واذا بهؤلاء الجدد من الطارئين عليه وهم يبيعون تاريخهم وشرفهم وأصولهم وانتماءاتهم ومكاسب حضارتهم في المزاد العلني بثمن بخس!!
ما اردت ان اصل اليه، أننا مانزال حتى الان (نجتر) الحضارة ونعيش الان ربما اشبه بـحالة (وهم) أننا نعيش في عراق كان إسمه (بلد الحضارات) وما عدنا الا ان نتغنى بذلك الماضي السحيق، وبتنا عاجزين عن ان نتمثل دوره ومكانته، ونرتقي الى حجم دورنا ومكانتنا واقدارنا، حتى ازاحنا التاريخ بعيدا الى مراحل همجية وتخلف رهيب، ونحن أصبحنا في آخر ركب الحضارة، بل في قعرها المظلم المخيف ، بعد إن حطمنا نحن العراقيون، بفؤوسنا ، ومعاولنا ، عروشها ، حتى (تهاوت) ، وكانت (صروحا) ومنارات للبشرية ، كي نثبت الان للعالم اننا ابعد ما نكون عن الحضارة، وان كل ما قرأناه أو شاهدناه أو قالته الأمم المتحضرة بحق العراق إنما هو محض (أكذوبة) لايمكن لعاقل في الزمن الديمقراطي الجديد ان يصدقها، وقد أوصلونا الى (نتيجة) مؤداها إن بقيتم تفكرون بحضارات بلدكم وتريدون إستعادة أمجادكم فأقروا على بلدكم السلام..ولن يكون لكم (مكان) بين الأمم !!
ومع كل هذا البلاء الذي إبتلي به العرقيون وزمنهم الأغبر اللعين.يبقى بين ثنايا الأخيار من أهل العراق، ممن لديهم بقية غيرة وشرف وإيمان بتاريخ بلدهم وعطائه الحضاري الثر،بأن في الإمكان أن يستعيد بلدهم مكانته ودوره ، ويستعيد العراقيون كرامتهم ، ربما ليس الآن..ولكن زمن (غيبتهم ) لن تطول ، بعون الله!!
ويصدق فيهم قول الشاعر العربي الاصيل أبو القاسم الشابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر
ولا بد لليل ان ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر
ومن يتهيب صعود الجبال يبقى أبد الدهر بين الحفر!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب