قبل حلول 2001 وقبل حوالي 13 سنة من الان بدأ العالم بضمنهم العراق يستعدون على اختلاف اجناسهم واعراقهم واديانهم لاستقبال الالفية الجديدة ( الثالثة ) وبدا عليهم الاستبشار وكأن الحلول السحرية اتية لتضيق الخناق على الخلافات وتنتهي كل المشاكل الدولية مهما كانت واينما كانت ، وبدأت الدول الكبيرة الصناعية منها والتجارية بحكم فاعليتها واحتلالها مواقع الصدارة في خلق سياسة التوازن الدولي ونشر العدل والسلم والمساوات وتحقيق الديمقراطية للشعوب وبين الشعوب برفع اصواتها هنا وهناك عبر المحافل الدولية واللقاءات الرسمية الدبلوماسية تارة وتصدير افكارها بالدعاية لها والدفاع عنها والترغيب اليها والترهيب بها تارة اخرى لجمع اكبر قدر ممكن من الدول المتجانسة النامية منها والمتخلفة والفقيرة حولها علما بان اغلب تلك الاخيرة غنية بمواردها الطبيعية بعضها غير مستغلة وبعضها مجمدة طوعا او كرها جميعها تعصفها ازمات سياسية اقتصادية ، تبغي تلك الدول من وراء جمع هذا الحشد خلق تكتلات لها متحالفة معها تمرر من خلالهم مصالحها وتحقق استراتجياتها البعيدة المدى ( كما هو الحال في العراق ) ومشروع الشرق الاوسط خير شاهد على ذلك ، حتى اصبح العالم منقسما الى مناطق نفوذ اقتصادية سياسية عسكرية بفجوات متباينة فيما بينها اولا وبين الدولة المتنفذة صاحبة السيادة والشعوب المسَيطرة عليها بدولها ، هكذا نجد الاخيرة تبقى على ما هي عليها في خانة دول العالم الثالث ( لاهى متقدمة ولاهى متخلفة ) ، واذا قدرت لها تحقيق القفزة النوعية تكون فرحتها محدودة لا تتجاوز اقامة بعض الصناعات الخفيفة لتبقى شعوبها تترنح بين الحاجة المستمرة للاستثمارات الانتاجية وبين تكوين الراسمال المقرون بضعف القوة الشرائية ناهيك عن التضخم والركود الاقتصادي وبالتالي تبقى تدور في دائرة مفرغة تتلاطمها الازمات والانكسارات واليأس من عدم جدوى الامال ، هذه حقيقة ايامها في زمن السلم والاستقرار ، اما اذا أتت عليها الحروب فانها تأتي على الاخضر ان وجد وعلى اليابس الموجود لتجعل الشعوب وقودها ( ايضا كما هو الحال في العراق ) عندما خططوا له حرب الالفية الثالثة ليعود الى العصور القديمة يتمتع شعبه بالحرمان قهرا من موارده والعيش بسلام على ارضه .
فكم من الحروب العسكرية والحروب الباردة دارت بين الدول . . ؟ وكم من منهما عاشتها الدول المغلوبة على امرها وعلى الارض . . ؟ ثم ماذا . . ؟ وضعت تلك الحروب اوزارها بعد ان سحقت عملياتها الانسان باسم الديمقراطية والحرية وانقاذ الشعوب من الدكتاتورية والدفاع عنها وعم السلام بين اقطاب الحروب البينية منقوصا منها الاستقرار والامن الدائمين في توازن قلق لحياة الشعوب ودولها المتشدقة والمتعلقة بحبال الديمقراطية المصَدرة اليها من العالم المتقدم التى لم تجلب سوى الدمار والويلات والالام والشقاء في وقت كان عنوان المدخل للقرن الجديد ( الالفية الثالثة ) نبذ الحروب ونشر الامن والسلام بين الشعوب ، هكذا تبقى هبوب الرياح من المناطق الضغط العالي الى مناطق الضغط الواطئ تهب باستمرار وفق معايير اختلافات المناخ السياسي مرات ومرات ويبقى المصد الوحيد امامها هو الانسان أين ماكان ، وكثيرة هى الاماكن ( الدول ) على بقاع الارض ومنها بعد العراق مصر وسوريا وتونس وليبيا اليمن و…. و… وقبلها افغانستان وباكستان وربما غدا تركيا ودول الخليج وايران وتحت مسميات مصنعة باتقان حازت على موافقة اجهزة القياس والسيطرة النوعية السياسية في غرف ليست مظلمة كما اعتدنا ان نقول وواقع العراق الحي المشهود شاخص تتلاطمه ليس الرياح فحسب بل الامواج العاتية لا تنفعه حتى سفينة سيدنا ( نوح ) بحملها من كل زوجين اثنين لبيسط الاسباب تلك هى المحاصصة وما خلفتها من التعنصر للمذهب والعرق والطائفة وحتى الجغرافية تلتها التشظيات بانواعها لتبقى الرياح تهب عليها من جهاته الاربع .