9 أبريل، 2024 11:30 ص
Search
Close this search box.

في العراق فقط !!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب / عباس عبود سالم

في العراق فقط يغسل المواطن بتضحياته خطايا المسؤول ، لأن رجل الشارع اكثر وطنية من رجل السياسة، واكثر قدرة على التضحية والايثار، ففي العراق تعددية سياسية بلون وطعم غريب، فهي ليست تعدديه في الافكار، او الاتجاهات، او مشاريع البناء والتنمية، بل هي تعددية من يحمل صفة الرئيس، وتعددية من يتصدر موكب رئاسي، ومن يستقبل الوفود على سجادة المطار الحمراء، ومن يزور دول العالم حاملا معه اولويات مختلفة، في العراق فقط يجلس رئيس الدولة مع رئيس اقليم كل خلف علمه، وتصدر البيانات الصحفية بان التقى رئيس العراق برئيس اقليم فيه لبحث ماعلق من مشاكل بين الدولة وبين الاقليم.

في العراق فقط تمول الدولة جيش الاقليم دون ان تتمكن من تسريح عريف في هذا الجيش، او تحريك كتيبة فيه، ولايكتفي هذا الجيش بعدم الرضوخ الى سلطة الحكومة في بغداد بل يتقاطع مع تعليماتها وتتباها قياداته بذلك.

في العراق فقط تكرم الميليشيات وتتحول الى رمز للاعتزاز والتقدير، وتتحول المجاميع المسلحة الى قوة ضاربة تمول من الدولة، دون ان تكون لها علاقة بوزارة الدفاع، ورئاسة الاركان، ومجلس الامن القومي ، ففي العراق اكثر من امن قومي، واكثر من وزارة داخلية، واكثر من مصلحة وطنية عليا ومن يخالف هذا فالتهم جاهزة ومنها الديكتاتورية واعادة الماضي البغيض.

وفي العراق فقط ينزعج الاقليم من صفقات سلاح تبرمها حكومة بلاده مع دول كبرى، ويذهب قادته للبحث عن سلاح فعال لتقوية جيشهم الخاص خوفا من حرب محتملة مع جيش بلادهم، وفي العراق فقط تستباح الثروة القومية وتفرش اكسون موبيل بساط صفقاتها خلف جبال اربيل دون المرور ببغداد، وتبرم اربيل عقود البترول خلف الستائر وتبيع النفط وهي تنام متنعمة بخمس ميزانية الدولة،في حين لاتتمكن محافظات اخرى من النوم لشدة الحر وقلة الكهرباء وسوء الخدمات رغم انها المنتج الاكبر لنفط العراق.

في العراق فقط للاقليم كل الحق في المناصب الرفيعة العليا في الدولة ولايحق لبغداد ان تعين موظفا ادارايا في دواوين الاقليم.

في العراق فقط احتكر الاقليم مظلومية الحقبة الديكتاتورية ولم تمر مناسبة حتى لوح قادته بها، في حين انهم يتناسون ان هناك من تقاسم معهم ظلم وبطش ذلك النظام الذي جلسوا وتفاوضوا معه وعقدوا الصفقات في حين كان اخوانهم في الوطن يدفنون احياء في مقابر جماعية .

هم ابرز من سن سنة حل الجيش السابق ومؤسسات اخرى،لكنهم فتحوا ابواب اقليمهم لقياداته وطياريه واركانه كافراد ليقدموا عصارة خبرتهم بعد ان اقتنع الناس، او توهموا ان بغداد عاصمة الاقصاء والتطرف واربيل عاصمة الاعتدال والتسامح .

في العراق فقط يفتح الاقليم ابوابه للمطلوبين والهاربين من قوانين العاصمة وحكم محاكمها التي لاتجد لها اذن صاغية في الاقليم ، وللعراق فقط اكثر من لغة رسمية، واكثر من شعار، واكثر من علم، واكثر من جيش، واكثرمن نشيد وطني.

في العراق فقط الاحزاب الوطنية ليست وطنية، والسياسيون الوطنيون ليسوا وطنيين، لانهم مصابون بالصمم الوطني، فتراهم يصمتون حينما يستوجب الكلام، ويتكلمون حينما يتطلب منهم الصمت، فلاهم قادرون على الكلام الذي ينقذ الوطن من ازمته الخانقة، ولاهم قادرون على الصمت حينما يحتاج البناء الى هدوء يحفظ المواطن من التوتر والاحباط .

في العراق فقط تلقي الاحزاب باللوم على رئيس الحكومة في وقت تتشكل الحكومة من وزراء حزبيين يقدمون الحزبية على المهنية، والقبلية على الوطنية، ففي العراق تتقاسم القوى السياسية مغانم السلطة ، ورفاهية الثروة، وتسعى اليها بقوة، ولايمتلك اي منهم شجاعة تقاسم مسؤولية الفشل،او الخلل، او التلكوء.

 في العراق يتحدث رئيس الاقليم عن ديكتاتوريةالامس، وديكتاتورية اليوم، دون ان ينظر الى صورة سياسته في المرآة ويحكم ضميرهالانساني ليكتشف ان تعريف الديكتاتورية متطابق تماما مع ماتصنع يداه وكانالديكتاتورية في اربيل واجب قومي، والقوة في بغداد ديكتاتورية تستوجب العمل علىايقافها.

كم من رجال السياسة والبرلمان استفادوا من عطايا ديكتاتورية اربيل فصفقوا لها، وتضرروا من قوة بغداد فهاجموها ، كم من السياسيين يمتلك الثوابت الوطنية، ففي العراق فقط تخضع هذه الثوابت للمساومات والمصالح الضيقة التي لاتجلب لاصحابها في النهاية الا العار.

فهل من بلد في الدنيا تتشوه خريطته بالوان ومسميات غير مالوفة اساسها النزاع لا الوحدة، والصراع لا التكاتف، فبين العراق وبين الاقليم مناطق متنازع عليها، فهل من بلد في الدنيا تختنق مواطنته جغرافيا بمناطق ينازع عليها الاقليم دولته .

وهل من بلد في الدنيا تنتهج فيه الاقاليم سياسة خارجية مغايرة، وعلاقات دولية مغايرة، وعقيدة امنية مغايرة ازاء قضية واحدة وسط صمت سياسي قاتل من الكثيرين.

فقليل من السياسيين من انتخى للوطن وطبق اقواله على شعاراته، ففي العراق فقط تستخدم الشعارات للتمويه والتدليس والضحك على الذقون لان في العراق فقط يصنع السياسي في مطابخ الكلام وتعج الفضائيات والصحف ومواقع الانترنت بالكلام، سياسة يضيع فيها العقل ويخجل منها الضمير لانها فقط بيع وشراء للكلام ولاضريبة على الكلام .
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب