23 ديسمبر، 2024 12:28 ص

في العراق…عجيب أمور غريب قضية

في العراق…عجيب أمور غريب قضية

ذكّرتني أوضاع العراق والعراقيين بمقولة للفنان الراحل جعفر السعدي كان يرددها في مسلسل (الذئب وعيون المدينة) والذي عُرِض من على شاشات تلفزيون العراق في الثمانينات ب(عجيب أمور غريب قضية).

كل العجب وأسئلة ضائعة عنها الحلول لما يحدث للعراقيين من تعطيش وقتل للزراعة وأزمة في الكهرباء وجفاف وصل إلى الأفواه، فالواقع بدأ يكتب أسوء السيناريوهات التي فرضتها قسوة المناخ والطبيعة وفوضى إدارة السياسة المائية لبلد كان يسمى بأسماء لنهرين هما (دجلة والفرات) تغنّى بهما الشعراء والفلاسفة.

ماذا يمكن أن يُقال لبلد وصل فيه العطش إلى مياه الشرب بعد أن قُتلت فيه الزراعة ونُفقت فيه الثروة السمكية؟.

يمكن أن نتفهّم أن الفوضى والخراب نال كل شيء في العراق، لكن أن يصل إلى تعطيش الإنسان فهي الكارثة الإنسانية التي تستوجب أن يُعلن فيها هذا البلد موطناً منكوباً بسبب سياسات الإهمال المتعمد أو غيرها من عوامل الإنهيار.

في الوقت الذي تتفاخر فيه الحكومات السابقة واللاحقة بنجاح ملف العلاقات الخارجية وتقريب وجهات النظر بين دول مثل المملكة العربية السعودية وإيران والمحاولات الأخيرة للتوسط بشمول مصر بهذا التقارب، تقف هذه الجهات عاجزة عن إيجاد حلول لمشكلة في الداخل العراقي تتعلق بجفاف الأنهر مع الجارتين إيران وتركيا.

مسؤولون كُثر زاروا العراق وزعامات ووفود دبلوماسية كان يمكن أن تضع أمامهم الحكومات العراقية المتعاقبة ملف المياه على طاولة التفاوض للضغط أو حتى التأثير على الجارتين للإستجابة بعدم قطع شرايين الأنهر وتدفق المياه إلى العراق، لكن يبدو أن ملف المياه هو آخر ما تفكر به الحكومة.

لا يحتاج الأمر سوى إلى ممارسة دبلوماسية أو ضغط سياسي أو إقتصادي على الدول التي تمتنع من تنفيذ إتفاقيات المياه للدول المتشاطئة التي تنص على التوزيع العادل للمياه بين تلك الدول.

الغريب هو ذلك الصمت الحكومي على سياسة التعطيش والجفاف الذي وصل إلى مياه شرب المواطنين حتى بدأت الشكوك تراود الكثير بأنه ربما تجري بتواطئ غير مبرر واللامبالاة للنتائج والخسائر التي يُحدثها التصحر والعطش، حقاً نقف عاجزين عن تفسير ما يحدث للعراق سوى أن نتذكر مقولة الفنان الراحل جعفر السعدي “عجيب أمور غريب قضية”.