26 نوفمبر، 2024 11:20 ص
Search
Close this search box.

في العراق .. دولة العشائر بديلا عن دولة المؤسسات

في العراق .. دولة العشائر بديلا عن دولة المؤسسات

لم يجري في خلد أحد منّا أنّ عراق ما بعد نظام صدّام المجرم , سينحدر إلى هذا المستوى من الدرك , ولم يكن لأحد منّا أن يتصوّر أنّ عراق الحضارات والبلد الذي شرّع فيه أول قانون للبشرية , يتراجع فيه القضاء ويعلو فيه العرف العشائري على القانون , فهل أبقى المنادون بقانون مجلس قبائل وعشائر العراق أي هيبة للدولة ؟ وماذا عن دور الدولة بفرض القانون على الجميع وواجبها في حماية حقوق المواطنين وسلامتهم ؟ وكيف للقيّم والأعراف المتخلفة أن تكون بديلا عن القانون الذي يحفظ سيادة البلد وحقوق المواطنين فيه ؟ وهل هي عودة إلى مجتمع البداوة ؟ وهل فعلا أنّ التطورات الاجتماعية التي مرّ بها المجتمع العراقي تحتّم علينا تشريع مثل هذا القانون ؟ وهل تعني عبارة أن تنهض الدولة بالقبائل والعشائر العراقية التي وردت في المادة 45 من الدستور العراقي أن يشرّع للعراق قانون يقرّ الأعراف العشائرية البالية ويكون بديلا عن قانون الدولة ؟ أم أن المقصود بهذه المادة الدستورية هو النهوض بواقع العشائر العراقية التعليمي والصحي والخدمي ؟ وهل أنّ تشريع مثل هذا القانون سيساهم في بناء دولة المؤسسات والقانون ؟ أي دولة في العالم شرّعت مثل هذا القانون ؟ وكم هي حجم الأموال التي ستخصص لموازنة المجلس المركزي والمجالس المحلية والفرعية ؟ وهل ينسجم هذا مع الحالة الاقتصادية التي يمرّ بها البلد ؟ أليس الأولى بمجلس النوّاب العراقي تشريع قانون مجلس الاتحاد الذي نصّ عليه الدستور والذي يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم ؟ وإذا كانت حماية وحدة العراق وسيادته وثوابته الوطنية , فما هو دور الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية ؟ .
وإذا كانت سلطات الاحتلال البريطاني قد أصدرت قانون دعاوى العشائر العراقية عام 1916 , فقد كان ذلك قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 , فليس من المعقول بعد مئة عام يشرّع قانون مجلس قبائل وعشائر العراق , وليس من المعقول أيضا بعد أن ألغت ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 قانون دعاوى العشائر واعتمادها مبادئ الدولة المدنية , أن يعاد العراق إلى ما قبل تموز عام 1958 , وإذا كانت هنالك ظروف ساعدت على تنامي دور العشيرة بعد 2003 بسبب انهيار الدولة وضعف الأجهزة الأمنية , فمن المفترض أن تسعى الدولة والمؤسسة التشريعية إلى دعم بناء مؤسسات الدولة المدنية وتقوية القضاء العراقي بما يمّكنه من بسط القانون على الجميع , إنّ مشروع قانون مجلس قبائل وعشائر المعروض على مجلس النوّاب العراقي بجميع مواده الخمسة عشر , عار سيلاحق المؤسسة التشريعية , وسيعود بالعراق إلى القرن التاسع عشر حين كان العرف العشائري والسانية هما القانون الذي يحكم وينّظم حياة المجتمع , فلا وألف لا لدولة العشائر بديلا عن دولة المؤسسات والقانون .

 

أحدث المقالات