18 نوفمبر، 2024 2:36 ص
Search
Close this search box.

في العراق… بالقنادر تُقر الموازنة

في العراق… بالقنادر تُقر الموازنة

للقنادر_ الاحذية _في العراق  استخدام آخر غير المعروف  لدى خلق الله. فلا يكتفي العراقيون بلبسها بالاقدام كما يفعل  بنو البشر  بل تستعمل عند الشدائد كسلاح ابيض. فالقندرة في العراق سلاح من لاسلاح له, ووسيلة للتعبير عن عدم احترام الاشخاص الغير  محترمين, وقاموس  اللهجة العراقية يفيض بالعبارات التي  تعكس استخدامات مفردة القندرة. فالعراقي مثلا اذا اراد ان يعبرعن سخطه على شخص ما يقول (اضربه بالقندرة) واذا اراد ان يوغل  بمسبة احد يقول له (قندرة ابن القندرة) اما اذا ضاق ذرعا بمتكبر صاح بوجهه (انت اشياف نفسك فد قندرة) واذا مسه الغضب  عند العراك نزع قندرته وضرب بها من يتعارك معه.
بيد ان القندرة في العراق على موعد مع مهمة اخرى لتضطلع بها الا وهي مهمة اقرار الموازنة ليدخل العراقيون بهذا (الانجاز) موسوعة غينس للارقام القياسية بغرائب الاشياء. فيوم السابع من آذار الجاري سيكون مشهودا وسيدونه التاريخ العراقي على انه يوم (القندرة) وسيسمي العراقيون عام 2013 بـ(عام القندرة) على نهج اسلافهم العرب الذين سموا عام غزوة ابرهة الحبشي بالفيلة للكعبة بعام الفيل وهكذا.
 يوم السابع من اذار من عامنا الحالي سيكتب عنه التاريخ بأنه يوم فريد في الحياة السياسية العراقية, فبعد ان عجز ساسة البلاد وقادة العباد من اقرار الموازنة بالتوافق كما جرت العادة, حدثت (واقعة القندرة) لتقر بعدها الموازنة بالاغلبية السياسة بعد ان تلقى رئيس احد الكتل الكبرى الذي كان يحرض النواب على عدم التصويت على الموازنة قندرة من زميلة له نائب بالبرلمان, وذلك على اثر مشادة نشبت بينهما حول الموازنة. تقول الرواية ان النائب المحرض راح يكيل لزميلته الشتائم والسباب وبألفاظ نابية مست كرامتها فما كان منها الا ان نزعت له قندرتها وعلى طريقة العراقيين بمثل هذه المواقف الحرجة وضربته بها فتلقاها بوجهه (ترس الوجه) ليعم بعد ذلك الهرج والمرج اروقة البرلمان العراقي ولتأخذ النخوة والغيرة طريقها الى بعض النواب المترددين بالتصويت بعد ان ضُرب زميلهم بقندرة طمبورية فحسموا امرهم بالتصويت لصالح الموازنة خلافا لرغبة النائب المضروب,وهكذا وبسبب القندرة اكتمل النصاب وأقرت الموازنة.
وبهذا دخلت القندرة تاريخ العراق السياسي الحديث من اوسع ابوابه لانها كانت سببا في  اقرار الموازنة التي ظلت عصية على الاقرار لاشهر عديدة وبين جر وعر بسبب المماحكات السياسية.
 ومن الان فصاعدا سيتغنى العراقيون بالقندرة ودورها في تصحيح مسار الحياة البرلمانية ,اذا ماعلمنا ان الطريقة التي اتبعت لاقرار الموازنة تمثلت باللجوء الى  مبدأ الاغلبية السياسية المبدأ الرصين المعتمد في  الديمقراطيات الاصيلة وباعتماده كآلية لفض أزمة الموازنة يكون العراقيون قد انهوا مرحلة التوافق السياسي الذي  قامت عليه العملية السياسية منذ عام 2003 والذي افرغ الديمقراطية من محتواها الحقيقي. ولكن علينا الاقرار بحقيقة مفادها ان التوافق  السياسي كان ضرورة في  المراحل  الاولى من انطلاق العملية السياسية بعد التغيير, لكنه وبمرور الوقت تحول  الى عامل  اعاقة لها ومعطل , اي تحول  من أداة لحل   الازمات الى أزمة  بحد ذاته.
 اخيرا لعل سائلا  يسئل عن ماركة القندرة المعجزة التي  كان لها الفضل باقرار الموازنة فنجيب انها من ماركة (كلارك) الشهيرة جلد اصلي (مو ُمعاد) بحسب  مصدر برلماني شهد الواقعة. وهنا اقترح على ديوان مجلس النواب ان يخصص للقندرة ركانا من اركانه لتبقى تذكارا ويُكتب تحتها :
برلماننا طرطرة والما يجي بالتوافق يجي بالقندرة.
صدق  من قال شرُ البلية ما يضحك.
[email protected]

أحدث المقالات