قال شوبنهاور” يعيش الطبيب على ضعف النشر، يعيش المحامي على شر البشر، اما بعض رجال الدين فيعيشوا على غباء البشر”.
لفد عشنا المرحلتين، أي مرحلة ما قبل وما بعد عام 2003 لذا سيكون كلامنا مستندا الى شواهد يتفق معها كل من عاشها اذا ابتعد عن الحقد والأهواء وفكر بمنطق ومصداقية. سنورد بعض من الحقائق لأصحاب اللب السليم، وبمنأى عن المستحمرين السائرين في درب الضلالة الذي يتزعمه المعممون، وأرباب السياسة من الفاسدين الذين دمروا العراق تدميرا تحت ظلال الحقد المزمن، ونشروا بذور الطائفية فأنتجت ثمار عفنة، مصيرها حاويات النفايات عاجلا أم آجلا، ربما بعض هذا المعلومات والشواهد لا يعرفها الشباب لأسباب عدة:
اولهما: انهم كانوا اطفالا عام الاحتلال 2003 ولم يَعوا اتلك لمرحلة، ولا يمكن ان يُلاموا على هذا النقص المعلوماتي الا قليلا، بحكم الاعلام المتضامن مع حكومة الاحتلال والابواق المأجورة، وما يطلق عليهم اليوم بالزبابيك، وهم أحقر خلق الله في العراق مع المخبرين السريين ومن وظفهم لخدمته.
ثانيهما: ان الثورة في المعلومات والتطورات التكنلوجية قادت الشباب الى مواضيع مختلفة لا علاقة لها بالسياسة كالحاسوب والخلوي والآيباد وغيرها من المواضيع التي تهم الشباب سينا الألعاب الالكترونية التي تتطور ما بين آنه وأخرى.
ثالثهما: ارتفاع نسبة الأمية في صفوف الشعب العراقي، والتي بلغت ما يزيد عن (7) مليون أمي ومتسرب من الدراسة بعد ان كان العراق نظيفا من الأمية باعتراف اليونسكو. وهذا يعني قلة الثقافة والوعي، لأنه لا يمكن لعاقل او مثقف ان يدفع خمس راتبه لمعمم بدعوى انه سليل رسول الله، والمثير ان الأحزاب الأمية تدفع الى الأمية ولا تعالج هذا الموضوع وذلك بغية الابتزاز. بالطبع لا يمكن تحديد من هم من نسل فاطمة بنت النبي فالخميني مثلا هندي الأصل ولا علاقة له بفاطمة وهذا ما يقال عن بقية المراجع، ولو كرمتنا المملكة العربية السعودية بأخذ عينة من حمض النبي صلى الله عليه وسلم لأنكشف زيف هؤلاء الأدعياء الدجالين، وبانت الحقيقة لأتباعهم من الجهلة والحمقى.
رابعهما: معدل البطالة العالية وارتفاع نسبة الفقر التي تصل في بعض المحافظات العراقية الى 50% وبقية المحافظات 30% وفق احصائيات وزارة التخطيط العراقية، ويتهكم العراقيون على الوزارة فيطلقون عليها (وزارة الخريط)، وهذه الكوارث جعلت الشباب يبحث عن قوته اليومي، وابتعد عن المطالعة الخارجية ومتابعة البرامج السياسية الجيدة، فمن لا يجد ما يكفيه من طعام لا يلام.
خامسهما: تدني المستوى التعليمي من الدراسة الابتدائية الى الجامعية، فقد تحولت الرموز الوطنية التأريخية والحاضرة الى طغاة وكفار وخونة وفاسدين، وصار العملاء والخونة هم رموز العراق الوطنيين، وتحولت المناهج الدراسية الى تمجيد الجواسيس والخونة في التأريخ كالعلقمي ومحمد باقر الصدر ومهدي الحكيم وغيرهم من الجواسيس والعملاء، والإساءة الى كبار الرموز الإسلامية مثل عمر بن الفاروق وصلاح الدين الأيوبي وخالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم من الصحابة وابطال الإسلام سيما الذي أذاقوا العدو الفارسي السم الزعاف، قبل ان يجرع الخميني ما تبقى في الكأس رغم أنفه.
سادسهما: شوهت الحكومات بعد عام 2003 الحقائق بشكل لا يمكن تصوره، فظن البعض ان المرحلة الحالية أفضل من السابقة، مع ان الحقيقة بدأت تتوضح للعراقيين رغم الاعلام المضلل، فقد بدأ البعض يقارن بين الحكم الوطني السابق والحكم الحالي، وشتان بين الثرى والثريا. يمكن ان تخفي الحقائق لمدة من الزمن ولكن ليس طول الزمن، فهي كالبراعم تتكشف لاحقا.
أرجو أن لا يفهم من هذا المقال انه مدحا لقيادة العراق قبل الاحتلال الامريكي الايراني للعراق عام 2003، فقد توخينا الحقيقة في الرؤية والمقارنة المنطقية بعيدا عن الميول والأهواء، وعدم الانجراف لما يتقول البعض من أكاذيب وتدليس عن الحقائق في محاولات يائسة وبائسة لتشويه التأريخ القريب والتعتيم على الأحداث الماضية، والتغاضي عن الوضع الحالي الذي يمر به العراق من جهة، والأمة العربية من جهة ثانية. نستذكر في ذلك قول شاعرنا الكبير معروف الرصافي:
وما كتب التأريخ في كل ما روت لقرائها إلا حديث ملفق
نظرنا لأمر الحاضرين فرابنا فكيف لأمر الغابرين نصدق
لذا من المضحك المبكي ان يعمم وزير التعليم العالي مزور الشهادة (ميليشيا عصائب أهل الحق) نعيم العبودي كتاب حول جرائم البعث، مركزا على تجفيف الأهوار، وقتل المعارضين للنظام، والمقابر الجماعية، لماذا مضحك ومبكي، لأن هناك تماثل بل هو اشر، فقد انتهت اهوار العراق بفعل النظام الإيراني الذي يتشدق بعطش الحسين، لكن لا ما نع عنده من عطش العراقيين. اما المقابر الجماعية، فالمغيبين بالآلاف من أهل السنة في مقابر جماعية لا يعرفها الا القتلة من عناصر الميليشيات، وهذه ما مسجل في تقارير الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية ومراقب حقوق الانسان، اما الموقف من المعارضة العراقية قبل عام 2003 (جميعهم عملاء وجواسيس ولصوص) كما وصفهم نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز، فنظام المنطقة الخضراء تناسى قتل ثوار تشرين السلميين، وتعويق الآلاف واعتقال المئات بجريرة مطالبتهم بالديمقراطية الحقيقية، والتخلص من الميليشيات الرسمية التي تحكم العراق، علاوة على عمليات الاختطافوالاغتيالات، والاعتقالات في السجون السرية العائدة الى الميليشيات الحاكمة. أما الأنكي منه فهذا الكاتب سيء الصيت عمم على جميع الجامعات، وباركه الإرهابي المجرم مؤسس الحشد الشيعي نوري المالكي اعتى إرهابي في العصر الحديث وطلب إعمامه على المدارس. لعل ما يثير الدهشة ان هذا الكتاب يدرس في جامعات ومدارس أسسها النظام السابق، ولم يؤسس نظام العملاء واللصوص أي جامعة او مدرسة، بل انعم على العراقيين بمدارس الطين والكرفانات.
بما لا يقبل الشك لكل نظام في العالم إيجابيات وسلبيات، واحيانا تطفوا السيئات على الحسنات أو العكس، وعندما نتحدث عن النظام فإننا نقصد الحاكم او منظومة الحكم بجملتها، سواء كان الحاكم دكتاتورا او ديمقراطيا، ومهما كان الإنسان واعيا ومثقفا ومطلعا على الحدث من خلال قراءاته او مسموعاته، فأن حكمه على أحداث لم يشهدها قد لا يصح كليا او جزئيا، لأن بكل بساطة التأريخ يكتبه وعاظ السلطة والمستفيدون من الحكم والحاصلون على المزايا. ولو جرب أي كاتب ان يؤلف كتابا ضد النظام الحاكم فأن السلطة سوف تعتقله وتصادر كتابه، لذلك تجد غالبية كتابات المعارضين تصدر في دول أخرى تتمتع بحرية التفكير والتعبير، وعلى العكس فأن ألف أحدهم كتابا يمدح السلطة فأنه سيحصل على امتيازات وسيروج اعلام السلطة لكتابه، وينبري الذباب الإلكتروني للسلطة بالإشادة بمضمونه.
اليوم يعيش العراق في مرحلة السقوط فالعراق لم يعد دولة، لأنه عندما يفتقد البلد السيادة، وتكون اراضيه مستباحة لدول الجوار، وتتحكم ميليشيات ارهابية بمقدراته، ويفضل الحاكم مصلحة دولة أجنبية على مصالح البلد العليا، لا يمكن أن تطلق تعبير دولة على هذا البلد، ملالي ايران يصرحون دائما ان العراق جزء من ايران، بل عاصمتهم، ولم يرد اي مسؤول عراقي على هذه التصريحات، لذا فأنها تُعد مقبولة من قبل الحقيقة المرة إن شيعة العراق دخلوا سقيفة بني ساعدة وعلى الرغم من مرور اكثر من (14) قرن فأنهم لم يخرجوا من تلك السقيفة، على الرغم من ان السقيفة شهدت مناظرات بين الصحابة، واختلاف في وجهات النظر، وسرعان ما أتفقوا على بيعة أكبر الصحابة سنة وأقدمهم اسلاما وعطاءا وصحبة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) كخليفة للمسلمين، كانت المجادلات تتعلق بالجانب السياسي وليس الديني، بمعنى الزعامة السياسية وادارة الدولة الاسلامية وليست المرجعية الدينية، فقد كان الصحابة يفتون في الجوانب العقائدية دون الرجوع الى الخليفة او بيان رأيه، فهم متساوون في الجانب العقائدي كصحابة، ولكل منهم له وجهة نظر في الفقه بما لا يتعارض مع القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
بل ان مقتدى الصدى الذي يصفه البعض بالوطنية، هو طائفي للنخاع، ومن عبيد ولاية الفقيه، في آخر تغريده له شبه نفسه بعلي بن أبي طالب (رض) على اعتبار ان تنازل عن حقه النيابي لصالح الفاسدين حسب تعبيره، متناسيا الجاهل ان علي لم يتنازل بل الصحابة هم من اختاروا الأصلح، وليس الأسوأ والفاسد كما فعل مقتدى الصدر. وكان علي بن ابي طالب مستشارا لعمر الفاروق، ولم يقف متفرجا على الأحداث.
لا افهم كيف من يزعم الإصلاح يسلم زمام الدولة للفاسدين ويقف متفرجا على الفساد دون ان يحرك ساكنا؟ الا يعني هذا انه مشترك في الفساد حتى لو لم يحكم، لأنه قانع وراضي بالفساد، والا كيف نفسر سكوته وتغريداته البلهاء التي تخرج من اسهال فموي حاد، تزيد المشهد المضطرب تعقيدا؟
أما زعمه بضرب فاطمة بنت النبي فهذا طعن بعلي بن ابي طالب وابنائه، فكيف تضرب زوجته وهو جالس في البيت لا يحرك ساكنا؟ لو قرأ قليلا هذا الجاهل لعرف ان كبار مفكري الشيعة انكروا تلك الرواية المخزية التي تسيء لعلي بن ابي طالب، وتصفه بالجبن، وان مصدر الرواية شخص واحد مجهول هو سليم بن قيس، وقد فندنا الرواية بالتفصيل في كتابنا (اغتيال العقل الشيعي) ويمكن الرجوع اليه وتحميله مجانا من عدة مواقع الناشر (أي كتب) وغوغل وموقع فيصل نور وغيرهما.
نتمنى من الصدر ان يطلع على الكتاب قبل ان تخرج تغريداته السخيفة من بطن مترهلة وممتلئة بالغازات.