في عراقنا الجديد أصبح من يتحدث بالحقائق والواقع ملعون من قبل أبطال التحرير وأذنابهم وأتباعهم، وليس بملعون فقط بل منبوذ ومكروه ومتهم بشتى أنواع التهم، فمنهم من يتهمه بالبعثي وآخر يتهمه صدامي والآخر يتهمه بالإرهابي وان ترفّقوا به سيتهمونه بأنه مشمول بإجتثاث البعث لان كان يحلم بالبعث في منامه.
بالأمس تحدث لي زميل وابلغني بان البعض يتهمني بأنني أتحدث عن العمايم كثيرا في مقالاتي وانتقدهم وأعتبر صاحب الكلام وليس ناقله بان هذه مثلمة عليّ وجريمة لأنني أتطرق لأصحاب العمايم بمقالاتي، وياليت من يتحدث يؤمن بالعمامة كعمامة دين لكنه يؤمن بها كعمامة مصلحة لتحقيق مكاسب ليس له حق وليس له بها منطق، فالعمامة اليوم في العراق أصبحت مؤلّهه أكثر من الله سبحانة وتعالى وإياك أن تتحدث عن عمامة فأنت كافر ومشرك وبعثي وصدامي وناصبي وإرهابي والى أخره من سجل التهم الجاهزة.
لقد تدخلت العمامة اليوم في عراقنا الجديد بكل مفاصل الحياة، فتدخلت بين الزوج وزوجته، وبين الراعي ورعيته، وبين الأب وذريته، وبين السياسة ورجالها، وبين المتخاصمين بشتى أنواع خصوماتهم، وبين القاضي والمتهم ولم يبق مفصلا من مفاصل الحياة في عراقنا الجديد إلا وجدت أثرا للعمامة فيه، فلا اعرف هل أن صاحب العمامة ارتداها ليضع من نفسه حكما بين المتخاصمين على تجارة مثلا أو على ارض أو على حق مسلوب، أين القانون وأين دولة القانون التي صرعوا بها رؤوسنا؟؟؟ أين الدين وتعاليمه التي توجب على صاحب العمامة أن ينور ويعلم الأجيال بتعاليم ديننا الحنيف وسيرة أنبياءه ورسله وأصحابهم وال بيتهم الأطهار، أليس من المفروض أن يسخر هذا المعمم أو ذاك جل وقته لتقديم تعاليم الإسلام الحنيف لا أن يضع نفسه حكما وخصما لهذا الطرف أو ذاك، ولا أن يكفر هذا الطرف أو ذاك؟
لقد علمنا آباءنا وأجدادنا بان العمامة هي العفة والزهد والورع والمنهل لمعرفة تعاليم الله سبحانه وتعالى وأنبياءه وال بيته الأطهار، علمونا بان العمامة تعني الصدق وتقوى الله ومدرسة يمكننا أن نتعلم منها كل ماهو حق وكل ماهو باطل، لكن في عراقنا اليوم نرى بان العمامة أصبحت للتربح المادي والمعنوي والاعتباري وأكيد ليس كل عمامة مقصودة بكلامي هذا ولكن الأغلب اليوم تراهم يخفون تحت عمامتهم الكثير الكثير من نفاق الدنيا ومغرياتها، فاحدهم تراه يكفر هذا المذهب أو ذاك لغاية في نفسه والآخر نراه يستغل المنبر ليحشد جماهيره ضد احدهم الذي تطرق إليه ببعض المفردات التي ربما أثّرت على سوق هذا المعمم في تسويق أفكاره وبدعه، بينما ترى الآخر لاهي في ملذاته الشخصية تحت مسمى المتعة والمسيار والمصياف وغيرها من بدع الضلالة، بينما نرى القلة القليلة تتبع كتاب الله وسنة نبيه العظيم وأصحابه وال بيته الأطهار.
يا سادتي المعممين بلونيكم الأبيض والأسود وأية ألوان أخرى …
من يفرق بين ابن صلاح الدين والانبار وابن كربلاء والنجف فهو قمامة، ومن يجيز هتك عرض أخيه المسلم فهو قمامة، ومن يحلل دم أخيه من الطائفة الأخرى فهو قمامة، ومن ينتصر للباطل على حساب الحق فهو قمامة، ومن يسوّق للبدع والضلالة فهو قمامة، ومن ينتهك أعراض الناس وحرماتهم فهو قمامة، ومن يرتضي للغير بان يتولى أمر هذه الأمة فهو قمامة، ومن يسكت عن الحق فهو قمامة، ومن يسوق لأفكار التكفير والإرهاب فهو قمامة، ومن يقبل بالسحت الحرام فهو قمامة، ومن لا يتسع صدره لأمور هذه الأمة فهو قمامة، ومن يأخذ جانب الكذابين والمنافقين فهو قمامة، ومن لا يتبع كتاب الله وسنة نبيه وسيرة آل بيت النبوة فهو قمامة.
ارحمونا يرحمكم الله … فقد نهب العراق تحت عمائكم وقتل وشرد الملايين من أبناءه تحت أنظاركم وبمباركتكم وتحت عمائمكم أيضا، ألا يكفي ما حصلتم عليه من مغانم الدنيا وسحتها الحرام؟؟؟ ألا يكفيكم الدماء التي سالت على كل متر من ارض العراق طولا وعرضا؟؟؟ ألا يكفيكم ملايين اليتامى والأرامل والمعاقين والمشردين؟؟؟ لا تنسوا حديث رسولنا العظيم محمد (ص) ((ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم ، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) وأمام حديث رسولنا الكريم هذا فإننا لا ننسى كمواطنين عراقيين بان الإشراك بالله اليوم في عراق ما بعد 2003 أهون من التطرق لعمامة وتوجيه النقد لها … اسألوا فائق الشيخ علي لتعرفوا ذلك.