تعثر حظوظ التنمية في العراق ناشيء عن تراجع فرص الاستقرار ، بينما جهود الحكومة الجديدة لتحقيق السﻻم ﻻتزال عرضة لشدات عنيفة تبطئ من وتيرته ، لجهة ان كثيرا من تطبيقات العدالة الانتقالية ، كإجتثاث البعث ، لم تبتعد عن حقبة الرعب السابقة .
ان ملف البعث يمثل محور عمل العدالة اﻻنتقالية ، فالجرائم السياسية وانتهاك الحريات والعدوان على الحقوق اقترنت بقيادة هذا الحزب ، الذي مارس سلطة شمولية تحكمت بادق تفاصيل الحياة ، بما فيها الخاصة ، لجميع العراقيين ، مايدعو الى الحذر في حصر نطاق اجراءات المحاسبة بالجريمة دون تعديها الى اﻻبتزاز الكيدي ﻻي من اﻻبرياء الذين عايشوا تلك الحقبة ، فالعدالة اﻻنتقالية كبوابة للمصالحة الشاملة ﻻتضع العقاب هدفا نهائيا ، بل وتبحث ايضا في ظروف ومﻻبسات الجريمة منعا لتكرارها ، وتعويض الضحايا ، وخلق بيئة من الرضا والثقة والتسامح كدعائم للسﻻم والتنمية ، غير ان تطبيقات اﻻجتثاث المفتوحة انتهت الى توسيع دائرة المستهدفين والضحايا من رموز البعث وقياداته الى القوات المسلحة وصغار موظفي الدولة ومعارضي اﻻحزاب الحاكمة ، مما عظم الشعور بالغبن والرفض والتمرد وشكل بيئة خصبة للصراع ومن ثم حاضنة آمنة لﻻرهاب .
ان تضخم اعداد المنخرطين في الصراع وضحاياه الذين صنعتهم تلك اﻻجراءات ، ومشاعر العداء التي اججها الخطاب الطائفي كمهددات للسﻻم اﻻهلي ، توجب مد الفترة اﻻنتقالية وما تتطلبه من العدالة وتحقيق المصالحة الوطنية ، واذا كان الخطاب التصالحي للحكومة الجديدة والقوى السياسية اﻻساسية يسهمان في تهيئة اﻻجواء لقبول المتغيرات اﻻيجابية فان ضخامة اعداد الضحايا يستلزم تشريعات وتدابير شجاعة وعاجلة تعكس حسن النوايا وتضع معالجات جذرية ﻻسباب الصراع .
ان توجه الدولة لمحاربة اﻻرهاب ﻻيمنع من ارتياد منهج المصالحة الوطنية كمعجل لنهاية هذه الجماعات ، بعزلها وتجييش قوى محيدة في مواجهتها ، فمعالجات حصيفة لملف البعث والجيش المنحل والعفو العام تقلب المعادلة القائمة لجهة دحر اﻻرهاب وفرض اﻻستقرار والسﻻم ، كما ان شراكة المؤسسة الدينية والقيادات العشائرية بتوجهاتهما اﻻساسية مع الحكومة والقضاء في تجريم التكفير والتحريض الطائفي والسب ينبغي ان تكون جزء من الحل ، وهي قيم يجب ان تنتقل الى المناهج الدراسية ايضا .
ان مناخ التغيير برياحه اﻻيجابية مدين ، الى حد كبير ، للجهود الجدية للسيد اياد عﻻوي على مدى اعوام في الحفاظ على صدارة المشروع الوطني للمشهد السياسي على الصعيدين الوطني والخارجي ، مما يمنح المصالحة التي يقف السيد نائب رئيس الجمهورية على راسها ، اليوم ، ارضية صلبة تمكنها من الوقوف على اقدام ثابتة .