تُصادفنا في حياتنا نماذج من تصرفات الناس تعكس مدى وعيهم وحدود هذا الوعي الاجتماعي وكذلك تعكس تلك التصرفات التربية والنشأة البيتية والأخلاقية لهؤلاء فكثيرا ما نرى أشخاصا لا يردون على سلام الناس وإذا ردوا فبتعال كبير وإذا جلسوا في مجلس لا يراعون المتحدث ويقاطعونه بغطرسة وكأنهم وحدهم من يمتلك الحقيقة في هذا الكون لكنك إذا أصغيت لأحدهم وجدته يلوي لسانه ليا ليخرج الكلمات تباعا وهي في غير محلها خصوصا إذا كان هذا الشخص من أصحاب الحظوة الآنية ومن محدثي النعمة وهم كثر في هذه الأيام، والأنكى من هذا كله أن هؤلاء يدعون أنهم من حملة الشهادات العليا وما أكثرهم في أيامنا الجديدة وعراقنا الجديد! فقبل أيام قليلة حضرت مجلس عزاء لأحد معارفي وإذا بأحدهم يدخل المجلس كأنه طاووس وما إن اخذ مكانه إلا وبدأ يتحدث مع شخص بجانبه وبصوت مسموع عن انجازاته وكيف انه ساعد فلانا وقدم الخدمة لعلان وتطول قائمة انجازاته الوهمية وأقول وهمية لأني اعرفه عن قرب ودراية ولسنوات طويلة واعرف مستوى تفكيره وأسلوب تعامله مع الناس لكنها دورة الزمن الحمقاء التي قد تدفع بالسفل وكل ما هو دون لان يتصدر المشهد الاجتماعي أو السياسي هؤلاء المدعون والذين يظهرون للناس مما يدعون بأنه انجاز بتكبر وتبجح في سياق محموم نراه هذه الأيام وهو استباق لمرحلة مقبلة قد تكون لها صلة بانتخابات مجلس محافظة أو مجلس نواب أو ما شابه ذلك لكنهم يتناسون أن الناس قد جمعوا أمرهم بنبذ كل هؤلاء المدعين والمتبجحين والمتكبرين الفارغين في النفوس والعقول وهنا تذكرت قول الشاعر القبطي الشيخ المكين:
(ملأى السنابل تنحني بتواضع
والفارغات رؤوسهن شوامخ)
فكم من عالم جليل يفيض العلم من جوانبه ويخجل الخجل من تواضعه نراه منزويا في مجلس يتسيد فيه الجهلة والأميون والمتحذلقون؟
نقلا عن صحيفة المشرق