في مشهد بات مألوفا بشكل مرعب، عادت الرصاصات تخترق سماء بغداد، وهذه المرة من بوابة السيدية، حيث اندلعت اليوم اشتباكات عنيفة بين القوات الأمنية ومسلحين تابعين لميليشيات خارجة عن القانون قرب كلية السلام ، أسفرت عن سقوط شهداء من رجال الامن ، لا ذنب لهم سوى انهم يؤدون واجبهم في تطبيق وحماية القانون.
ويتصاعد القلق الشعبي ، فيما الحكومة تلتزم الصمت كعادتها، وكأن الأمر لا يعنيها.. والنتيجة الحتمية .. ضياع حق هؤلاء الأبرياء مراعاة لخاطر “السيد فلان” و”الشيخ علان”.
وبحسب شهود عيان، فان منطقة السيدية شهدت اشتباكات مفاجئة بالاسلحة، بعدما حاولت قوة أمنية تنفيذ واجب رسمي ضد عناصر مسلحة يشتبه بتورطها في جرائم سابقة. وجاء الرد ناريا… عصابات مجرمة فتحت النار على رجال الدولة ، أبطال القوات الأمنية في وسط العاصمة بغداد ، وفي واحدة من أرقى وأكثف مناطقها السكنية ، دون رادع أو خوف ، في تحد سافر للقانون وهيبة الدولة.
وبات السؤال الذي يتردد على السنة الشرفاء في هذا الوطن : لماذا تعجز الدولة عن كبح جماح هذه الميليشيات المنفلتة ؟
ومن أين تستمد هذه الجماعات جرأتها لقتل من يفترض أنهم حماة الوطن دون خشية من العقاب؟
هل هناك من يحميهم ويتواطأ معهم في الخفاء ؟ ام يتخذون من المقولة الشائعة ” من أمن العقاب أساء الأدب” درعا لهم؟
ما حدث في السيدية اليوم ليس مجرد “حادث أمني عابر” كما تحاول بعض البيانات الرسمية أن تصوره، بل هو طعنة في خاصرة الدولة العراقية، واهانة للمؤسسة الأمنية، وتذكير مؤلم بأن السلاح المنفلت ما يزال بأيد لا تحترم الوطن ولا القانون.
ومع تكرار هذا المشهد المأساوي ، ضعفت عزيمة رجال الأمن في مواجهة هذه العصابات، في ظل تفشي السلاح غير الشرعي، وتعاظم نفوذ الميليشيات، ما أدى إلى وضع أمني معقد، ودماء تسيل دون حساب. وهذا بلا شك سينعكس سلبا على أداء منتسبي الأجهزة الأمنية، الذين باتوا يخشون على أرواحهم من بطش تلك العصابات.
نحن لا نطالب بالمستحيل.. فقط نسأل: الم يحن الوقت لنقول كفى ؟ ومتى يحصر السلاح بايدي الدولة فقط؟
كل ما نريده هو الامان، والعدالة، ودولة تحمينا لا تتفرج علينا كيف نقتل.
ان لم تتحرك الحكومة اليوم وتحاسب هؤلاء القتلة، فمتى تفعل ذلك إذا ؟
وما هو دورها ؟ ولماذا ندفع المليارات من خيراتنا لأشخاص غير مؤهلين، وهم في مناصب غير فاعلة ولا فائدة منهم سوى ارهاق الدولة برواتب فلكية لم نشهد مثلها حتى في أكثر الدول تطورا.
إن لم يحاسب القتلة اليوم ، وهم يقتلون رجالات الأمن في وضح النهار وبكل وقاحة واجرام، فمن سيبقى آمنا في وطن أنهكته التدخلات الداخلية والخارجية حتى وصلنا إلى نتيجة مأساوية حيث يقتل من يستحق الحياة على يد من يستحق الموت .
جملة من التساؤلات علها تلقى أذنا صاغية .
فالخذلان واليأس يملؤنا ومقولة .. أسمعت لو ناديت حيا … ولكن لا حياة لمن تنادي .. هي الاصح في وضعنا هذا ؟