11 أبريل، 2024 5:28 ص
Search
Close this search box.

في السويد : استقبلني الوحدويون الاوربيون

Facebook
Twitter
LinkedIn

وفي الوطن الكبير لاحقني احفاد عدنان وقحطانمن عراقيين أَحبة ، أكن لهم كل التقدير والاعتزاز وردتني رسائل محملة بالمشاعر الدافئة ، حلَّقتْ مثل الحمام الزاجل ، قادمة من السويد حيثُ يُقيمون ، ومتوجهة نحو بغداد ، حيثُ أقيم . أولهم كان الجار والصديق الاعلامي خضير أللامي . كان من أكفأ المترجمين, إضطر للاغتراب ، وعلمتُ مصادفةً أنه أقام في السويد ، كنتُ قد نشرت في جريدة الزمان بتاريخ (4/1/2012) مقالاً ، تحت عنوان : مغامرة الوصول الى فندق الرشيد ببغداد . ويبدو ان الاعلامي خضير اللامي ، قد اطلع على المقال ، واهتدى الى بريدي الالكتروني ، فراسلني مُنهياً رسالته بالقول : اكتب لي مع الود . وكتبتُ له ممتناً وشاكراً .
المندائي : فاضل اللطيفي
ومن السويد حيثُ يقيم ، وردتني رسالة من التربوي المندائي : فاضل فرج خالد اللطيفي ، تربوي جليل ، دَرَّسَني مادة (النبات) وأنا في الصف الرابع العلمي بثانوية سوق الشيوخ . في رسالته الدافئة والرقيقة ، رقة المندائيين ، أسبغ علي مدرسي اللطيفي ما أستحقه وما لا أستحقه ، كما يقول الدكتور عبد الحسين شعبان .
عقيل الناصري
ويوم (7/2/2016) ، وعلى هامش مهرجان المربد الشعري بالبصرة ، التقيتُ الباحث الدكتور عقيل الناصري . حاورتُه بعد أن استمعتُ إليه محاضراً . وعندما طلبتُ معلوماتٍ عنه من محرك البحث (غوغل) ، ظهر أنه يقيم في السويد ، بل ويحمل الجنسية السويدية .
وهنا استيقظت ذكريات نائمة ، ذات صلة بالسويد وعلاقتي بها . وفي أوراقي القديمة التي زحف عليها الاصفرار ، قرأتُ :
في فنلندا .. حططتُ الرحال
عام 1975 ، ربما في أحد الأشهر الأخيرة من ذلك العام ، كنتُ في زيارة عمل لجمهورية فنلندا . هناك على تخوم القطب الشمالي ، تقع هذه الجمهورية الوديعة المسالمة . أبرز ما فيها : عاصمتها الجميلة هلسنكي ، وهدوؤها . وزيادة كبيرة في عدد النساء نسبة للرجال ، (يُقال : ثلاث نساء ، يقابلهن رجل واحد) .
زرتُ السفارة العراقية في فنلندا ، وكانت تشغل غرفتين في فندق بالعاصمة الفنلندية هلسنكي . قابلتُ السفير العراقي هناك . ودعاني ، مشكوراً ، لتناول الغداء في بيته ، قائلاً : زوجتي (أم هُدى) وصلتْ من بغداد . ومعاها (بامية) عراقية . اليوم غداؤنا (بامية وتمن) . صحبتُه لداره ، و(أكلتِ البانية) ؟ ! .
.. نحو السويد ؟ !
لأكثر من سبب ، قررتُ زيارةَ السويد ، وبالذات عاصمتها (إستوكهولم) . فهناك عطلة نهاية الاسبوع (ومدتها يومان) أين أقضيها . كما أن سفير العراق في السويد ، هو الصديق صلاح عمر العلي . وتربطني بالاستاذ صلاح علاقة وثيقة وقديمة ، منذُ كان عام 1961 ، معلماً في الناصرية ، وكنتُ طالباً في الصف الخامس العلمي من ثانويتها . واستمرت هذه العلاقة عندما أصبح وزيراً للاعلام بعد (17/تموز/1968) . وباتصال هاتفي ، شجعني على القدوم للسويد . المهم : استقليتُ باخرة من مرفأ هلسنكي ، وتوجهتُ نحو العاصمة السويدية . كان الوقتُ مساءً حين شَقَّتْ الباخرة طريقها في البحر . ومع الضياء الاول من فجر اليوم التالي ، كانتْ الباخرة التي أقلتنا ، تسلك طريقها بطيئة بين جزر جميلة جداً . كانت عروساً تمشي بكبرياء ، فيما كان زبد البحر الذي يكونه رَفّاس الباخرة ، أشبه بذيل فستانها .
كانت الجزر الصغيرة الخضراء ، صبايا صغيرات يَنْحَنيْنَ ترحيباً بالعروس ، أمّا النوارس البيضاء ، فَكُنَّ وصيفاتها. عِنْدَ رَصِيْفِ ميناءً صغير بالعاصمة السويدية توقفت الباخرة . وهنا كانت المفاجأة بانتظاري .
وحدويُّون أوربيون
و .. وحدويُّون عرب ؟ !
حملتُ حقيبة صغيرة ، تحوي متطلبات سفرتي القصيرة ، ووثائقي ، وأبرزها جواز السفر . المفاجأة : لم يسألني مسؤول سويدي في الميناء عن تأشيرة الدخول ، بل لم يطلبوا جواز سفري ، ولا طلبو هوية تعريف ؟ ! .
أتدرون لماذا ؟ كان الجواب : هناك ثلاثة بلدان يسمونها (اسكندنافية) ، وهي : النرويج وفنلندا والسويد ، السفر بينها والدخول اليها لا يحتاج الى جواز سفر ، أو هوية تعريف . ويشمل ذلك المسافرين من غير مواطني هذه البلدان ، ولكنهم قادمون منها .
هذه هي (الوحدويَّة الأوربية) . أما (الوحدويون العرب) ، فما أكثرهم ، وما أضخم وأجمل شعاراتهم . تتذكرون الشعار الضخم : من الخليج الثائرِ .. الى .. المحيط الهادرِ ! ما أكثر الشعارات ، وما أجملها . أما التطبيق فهو أبعد ما يكون .. ؟ ! .
رغم الالم ، دعونا نترك : الوحدة والوحدويين . ولنستمر باجراءآت الدخول للعاصمة السويدية . كان الصديق السفير صلاح عمر العلي بانتظاري . استقلينا سيارته الى حيث الفندق . إقترح عليّ برنامج تجوال ، ساعدني في تنفيذ بعض فقراته ، فيما عهد للملحق الاعلامي تنفيذ الفقرات الأخرى .
في قصر الملك
غوستاف ..
ذهبنا سوية : (السفير العلي وأنا) نحو قصر الملك غوستاف (الأبن) . تجولنا في معظم منشآت وغرف القصر . ومرة أخرى لم نبرز هوية ، ولم نسجل في دفتر دخول . وصلنا الى غرفة معينة ، ولنقل : قاعة صغيرة . قال السفير العلي : هذه قاعة استقبال الملك السويدي للسفراء ، عندما يقدمون أوراق اعتمادهم . وأشار العلي الى مكان محدد قائلاً : في هذه القاعة وفي هذا المكان استقبلني الملك السويدي ، عندما قدمتُ أوراقَ اعتمادي سفيراً للعراق لدى السويد .
كما أشار الى باب مغلق قائلاً : هذا آخر ما نستطيع الوصول إليه ، فبعد هذا الباب ، يُوجد مكتب الملك غوستاف . وهنا كانت دهشتي : بضعة أمتار تفصلنا عن مكتب الملك السويدي .
هل نقارن ذلك مع (أَمْنِيّات / جمع أَمْن) الحكام العرب : ملوك ومشايخ وجمهوريين ؟ ! . ليس هناك مجال للمقارنة ، فالبون شاسع بين : أحفاد (آل بوربون) ، وأحفاد عدنان وقحطان ؟ ! .
الفرق كبير جداً بين (آل بوربون) وباقي ملوك أوربا وبين عقلية وسخة قادمة من فيافي الصحراء ، تحول الوطن الى ضيعة مسجلة باسمها .. .
.. مع الملحق الاعلامي
هُنا كانت مفاجأة أخرى بانتظاري . مُفاجأة أراها مثيرة . حين إلتقيتُ الملحق الاعلامي الذي صاحبني في بقية فقرات تجوالي ، عادت بي الذاكرة الى بعض وقائع ستينات القرن الماضي . إنه الاعلامي طارق العاني . إلتقيتُه للمرة الاولى عام 1966 ، وفي مركز التسفيرات بمديرية شرطة بغداد ، قريباً من شارع المتنبي . أيام قليلة أمضيناها موقوفين بذلك المركز . وافترقنا . غاب عني وغبتُ عنه .
وعام 1973 ، تكرر اسمه في وكالات الأنباء والاذاعات. في ذلك العام وقع انقلاب عسكري في بلد عربي أفريقي . كان الانقلابيون يساريين التوجه . يومها أحكموا السيطرة على العاصمة (الخرطوم) . وكان أول خبر خرج من الخرطوم عن هوية الانقلابيين قد صدر من مكتب وكالة الانباء العراقية (واع) في العاصمة السودانية وكان مديره طارق العاني . وبنيت على هذه المعلومة ، استنتاجات ربما كان مبالغاً فيها ، حسب رأي بعض المصادر ، أبرزها : إتهام العراق بتدبيرالانقلاب ! ؟ .
الاعدامات بالجملة ..
وتم اختطاف بعض قادة الحركة الانقلابية من الجو (العطا) مثلاً . واستطاع النميري إفشال الحركة ، ودارت طاحونة الاعدامات : أعدم الصادق محجوب أمين
عام الحزب الشيوعي السوداني ، والشفيع الشيخ نائب رئيس الاتحاد الدولي لنقابات العمال العالمي ، واعدم الرائد العطا قائد الانقلاب ، وكذلك شخصيات يسارية سودانية بعضهم التقيتُهم في بغداد كالتيجاني الطيب بابكر ، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني .
مطرود من الخرطوم
معذرة لهذا الاستطراد . والذي يهمني فيه الاعلامي طارق العاني . فاثر فشل الانقلاب اليساري ، أُبعد من السودان وطلب منه المغادرة الفورية ، وعاد الى بغداد . واتهم العراق بانه كان وراء الانقلاب .
والتقيتُ طارق في مناسبة إجتماعية ببغداد عام 1974 . ومرة أخرى غاب عني وغبتُ عنه .
وفي زيارتي السريعة للعاصمة السويدية عام 1975 ، التقيتُ الاعلامي المبعد من السودان عام 1973 ، طارق العاني ، في ستوكهولم . صاحبني بالتجوال . كان عارفاً بالمتاحف ، وذوّافاً في المطاعم . وله (معرفة) قد تكون (متوسطة) في اختيار محلات السهر ! ؟ .
أعترف أن النطق باللغة السويدية أشبه بموسيقى ، والمرأة السويدية جميلة جداً ، ربما فقط في عيون عراقي جنوبي قادم من ضفاف الهور . وقبل ستة قرون ، قال الشاعر الانكليزي بايرون : تمنيتُ أن كل نساء العالم يجمعها فم واحد ، لقبَّلْتُهُ واسترحتُ .
إنها خواطر ومغامرات (48) ساعة في العاصمة السويدية .
للتوضيح : ان المقصود هنا هو الدبلوماسي طارق العاني وليس غيره . إذ أن هناك اكثر من شخصية تحمل إسم (طارق العاني) ,

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب