ان التحرر لا يقتضي الثورة على كل ما هو صحيح وغير صحيح في (الكتب الدينية) ، ولايفضي لذلك .
بل لقد وضع القرآن العظيم قاعدة (مختصرة) ، يمكن أن تكون منهجاً للثورة والتحرر فيكل زمان ومكان ، حين وصف – سبحانه – الثوّار قائلاً لا :
(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ) / الزمر – 18
والذي يعني (انتقاء) ما هو صحيح ، والعمل به ، من بين أكوام الخليط بين الصح والخطأ .
وليس ذنب الموروث الديني (الحقيقي) انّه كان وما زال و (سيبقى) حبيساً بين أقلام بعضرجالاته من ذوي النزعات السياسية ، والامزجة الشخصية ، والامراض والعقد النفسية .
ومن المهين والانتقاص للشرائع السماوية عموماً ، والشريعة المحمدية خصوصاً ، أن ترسخفي عقل المرأة (كل) ما أوردته كتب التراث والحديث التي تفوح منها عفونة ما أنتجهالوضّاعون ، ومرضى النفوس ، وناقصو العقل والتفكير من الأقدمين ، تاركة ورائها فيضاًنقياً من الآيات ، والاحاديث ، والمواقف التاريخية التي تثبت نقيض ما ورد في الكتبالدينية العرجاء .
ولأن المرأة – في نظر القرآن على الأقل – كائن عاقل (مستقل) ، فهي لوحدها من يمتلك سرالتطور من ناحية العقل والوجود والابداع (الذاتي) .
وبالتالي ، فهي ليست نتاجاً (صناعياً) بشرياً ، يمكن يطرأ عليه التغيير والتصحيحوالتطوير من (الخارج) .
ومن الغريب أن عقول الكائنات الدينية القديمة قد أورثت أمراضها وعقدها النفسية للأجيالاللاحقة بشكل انسيابي ، وهذا ما نجده واضحاً في تفكير وسلوك الكثير من المعاصرينممن وصفهم القرآن بأنهم ممن :
(ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) / 104- الكهف .
ولا يمكن لعاقل أن ينكر بأن الدين قد وضع حدوداً وأسساً لسلوك واحكام المرأة ، كماوضعها للرجل ، بغية استمرار الحياة واستكمال بناء المجتمع والسعي نحو الحضارة
ولكن الدين (الحقيقي) لم يسلط سيف القضاء وسوطه على تفكير المرأة وابداعها وقدرتهاعلى اثبات وجودها وتأثيرها في حياتها الشخصية خصوصاً ، والتأثير في مسيرةوكتابة التاريخ عموماً .
إن العقلية الشرقية بمخلفاتها (الدينية) الموروثة (الخاطئة والمخطئة) ، والتفاتها المريضالراسخ إلى كون المرأة كائن (مُشتهى) ، هي التي نمّطت تربية المرأة – منذ طفولتها – ورسخت لديها معوقات التطور والتفكير ، وأوغلت في زج مفهوم الــ (عورة) السلبي لديها، وأنها ناقصة عقل وحظ ودين ، وأنها تبطل الصلاة كالكلب والحمار ، وأنها .. وأنها .. وأنها ….. إلى آخره.
وهذا نتاج طبيعي لتشتت المصادر ، وفتح الابواب على مصاريعها لكل من هب ودب في أنيدلي بدلوه في الدلاء ، وينفث ما يشاء احاديثاً ورؤىً وآراءً ، ما انزل الله بها من سلطان .
بيد أن التربية العائلية ، والدينية ، والمؤثرات المجتمعية والبيئية ، والأعم الأغلب من منابرالارشاد لم تبين للمرأة ما اثبته لها الدين من سعة الحقوق ، والمساواة مع الرجل ، بل و(تفضيلها) على الرجل من حيث (الحقوق والواجبات) في مواطن كثيرة .
وهنا ، في هذا الرد المقتضب ، لا أجد مكاناً للسرد التاريخي لمواقف النساء المحببة المثنيعليها من قبل الدين ، ولا الغوص في كتب الفقه والروايات (الصحيحة) التي تثبت ما وردفي الرد الانشائي هذا ، ففي كتابنا (المرأة سيدة العالم) ما يغني ويزيد .
……