18 ديسمبر، 2024 8:52 م

في الذكرى السنوية 171 لميلاد الصحافة السريانية

في الذكرى السنوية 171 لميلاد الصحافة السريانية

صحيفة ( زهريرا د بهرا ) تناجي الأقلام الحية في دعم مسيرتها الصحفية
تعد الصحافة من احد الأركان المهمة في الممارسة الديمقراطية لأي مجتمع، وتعتبر المرآة العاكسة للآراء والمعلومات التي يتغنى بها الأفراد والرأي العام الجماهيري، وتثبت الوقائع التاريخية بأن بدايات ظهور الصحافة ترجــع الى زمــن البابلييــن عندما قامــوا بتوظيف كاتب يقوم بتوثيق الأحداث اليوميــة الميدانية المهمة، و أمبراطورية الصين و روما ايضاً كان لهما باع قديم في الصحافة. لذلك كان لشـــعبنا الآشوري الدور الملائم في التفاعل مع المنظومة الصحفية في البلدان التي تواجد فيها.
لذلك كما هو معلوم تمر علينا هذه الأيام الذكرى السنوية 171 لميــلاد الصحافة الســـريانية ، والتي ترسخت مسيرتها التاريخية الطويلة هذه من خلال ولادة ( زهريرا د بهرا ) كأول صحــيفة آشــورية في مدينة أورمية الاٍيرانية، في الأول من تشرين الثاني من عام 1849 . نود القول بأننا لايمكن أن نتجاهل العامل البشري الذي أستطاع أن يثبت هذه البصمة على جدران المسيرة التاريخية لصحافتنا السريانية. لقد جاءت فكرة الألتزام بالأحتفال بهذه المناسبة القومية متاخرة نوعا ما . حيث بدأت عملية البحث عن جذور وبدايات صحافتنا القومية من خلال التفكير الجاد من قبل بعـــض المؤمنيــن بالقضية القومية، وهناك عوامل عديدة ساعدت في عملية الأسراع في عملية البحث هذه منها تــوفر الأرضــية الخصـــبة والعامل الأيجابي للظروف الذاتية والموضوعية لشعبنا من خلا توفر المؤسسات الثقافية والأمكانيــــات المادية، و عامل آخر وهو قيام الأحزاب والمؤسسات الثقافية الكوردية بأجراء أحتفالات كبيرة بمناســبة الذكرى السنوية للصحافة الكوردية والميمثلة بصـــدور أول صحيفة كرديــة باسـم (كردستان) في الثاني والعشرين من نيسان عام 1898 م .
كان لابد أجراء البحث في ايران لمعرفتنا مسبقاً بوجود اٍرث تاريخي وثقافي لأبناء شعبنا الآشوري في ايران وخاصة في مدينة أورمية، والتي تبين الحقائق بتواجد أكثر من 200 مدرسة في مدينة أورمــــــي بدايات القرن العشرين، وقسم من الفضل يعود الى الأرساليات التبشيرية الأوربية والأميركــــــــية. لذلك باشرت شخصياً عام 1998 اٍن لم تخونني الذاكرة، في التقصــي والبحــث عن الكنـــوز الثقافــية لشعبنا الآشوري في ايران، ولجأت الى العديد من الأصدقاء أمثال الرسام العالمي هانيبال ألخـــاص، جـــــورج أتانوس، الدكتور شموئيل بيرة وغيرهم،الى أن وصل المطاف الى الصديق الأكاديمي هانيبال كوركيس، حيث لاتصدق عيناك مقدار الكتب القيمة والنادرة الموجودة في مكتبة هذا الرجل ، حينها تم وضع أناملنا على أقدم نسخة أصلية من صحيفة (زهريرا د بهرا ). ومــن هنا نــود أن نرفــع قبعاتنا أحتراماً للأستاذ هانيبال كوركيس وذلك لولاه من الممكن لم ترى هذه المناسبة أعلاه النور لحد اليوم . بعــدها تم ايصــال نسخة من الصحيفة اعلاه الى المكتب الثقافي للحركة الديمقراطية الآشورية، ومنها بادرت الأخيـــرة في أقامة أحتفال كبيرعام 1999م، بمناسبة الذكرى السنوي 150 لميلاد الصحافة السريانية.
لاشك فيه بأن المسيرة التاريخية لصحافتنا السريانية حافلة بالأنجازات والأبداع الفكري، وتغيرت طبق الظروف الذاتية والموضوعية التي مرت على شعبنا، نلاحظ أن ( زهريرا د بهرا) بداياتها كانت شهرية ومن ثم تحول أصدارها الى نصف شهري ، وتضمــنت نشــر العـديد من المواضـيع الثقــافية والأدبية، واستمر اٍصدارها أكثر من سته عقود وتوقفت لأسباب أندلاع الحرب العالمية الأولى. لايمـكن تفــــــادي الجهود القيمة للنخب المثقفة من أبناء شعبنا الغيارى في تلك المرحلة وبعدها ، واللذين أرفـــدوا المسيرة الثقافية لأمتنا من مواد صحفية وأصدارات ثقافية قيمة، والتي ساهمت بدورها في بث الروح القومية بين أوساط شعبنا ومن ثم أغناء المكتبة القومية بالعديد من الأصدارات الأدبية والثقافية، وأستطاعت المسيرة الصحافية أيضاً في اٍيجاد التفاعل المطلوب من شعبنا اٍتجاه الشعوب الأخرى، هناك العديـــد من رجالات الثقافة الكبار في الوسط الصحفي القومي لأمتنا،نذكر منهم الدكتور بنيامين لاباري رئيس تحريرصحيفة ( زهريرا د بهرا)،العلامة المطران توما أودو، العلامة بنيامين أرسانيس، الملفونو نعوم فائق، والشهــيد شيخ الصحفيين آشور يوسف خربوت، الصحفي بشار بوراجي، يؤيل وردا، فريد نزها، لويس شيـــخو، الشماس نمرود سيمونو، الدكتور ولسن بت منصور وغيرهم من الصحفيين العاملين تحت قبة الأحـزاب والمراكزالثقافية المتنوعة.
لاغبار عليه بأن هناك تغيير وفارق كبير مابين صحافة الأمس واليوم، الصحافة السريانية القديمة ذات الأمكانيات القليلة والمقتصرة على آلات الطبع الكلاسيكية ومعها الة تصـــوير رديئة الجــودة، من خلال هكذا أمكانيات بسيطة تم طبع وتحرير الكثير من الصحف والمجلات والكتب الثقافية المتنوعـــة، بحـيث كانت مفعمة بالحيوية والروح والتفاعل المباشر مابين الصحيفة والقارئ. أما اليــوم وفـي زمـن العولمة نلاحظ بأن الصحافة الرقمية طغت على الصحافة الورقية، وأصــبح الكــثير ينقــل الأخبار بكافة أنواعها بأستخدام الأينترنيت ووسائل التواصل الأجتماعي.
لذلك خضم التطور الرقمي السريع ،وجب على الصحفيين من ابناء شعبنا أن يواكبوا هذا التطور الهائل وأن يتحلوا بالكثير من المهارات المهنية المتطورة والتي سوف تخلق منهم صحفيين بارزين تستفاد منها المنظومة الصحفية، ونذكر هنا بعض الأمتيازات التي يجب أن يتحلى بها الصحفي الناجح :
1ـ أن يتميز بأسلوب جيد في الكتابة من ناحية جودة اللغة والتعبيرويجيد عدد من اللغات.
2ـ الصحفي الناجح يكون دائم الأطلاع على الصحف المنافسة له.
3 ـ يلتزم بالمهنية والموضوعية و الأمانة الصحفية، وينقل الموضوع بكل أمانة طبقاً للمصادر موثوقة .
4ـ تطوير وتحسين القدرات الصحفية من خلال المشاركة في الدورات التدريبية العديدة لمواكبة التطور.
5ـ يكون ملما و ذو معرفة بالثقافة الألكترونية الرقمية بكافة جوانبها الفنية والتكنيكية. وغيرها من المميزات الأخرى.
وحين تسليط الضوء على الصحافة السريانية ، نشـــاهد بأنها شبه مشلولة اليوم وتفتقر الى الكثيـــر من المقومات التي تجعلها منظومة صحافية تستطيع مواكبة الحدث الصحفي المحلي او الأقليمي منها، وذلـك لعدد من الظروف الموضوعية المتعلقة بالوضع الغير مستقر للبلــدان التي يتواجـد في شعبنا في الشرق، ومن ثم الظرف الذاتي السئ الذي يمــر به شعبنا مــن خـلال الأنقســام والتشــرذم الموجود مابين قياداتنا السياسية والكنسية، بالأضافة لعدد من العوامل الأخرى والتي ألقت جميعها ظلالها السلبية على مسيــرتنا الصحفية، لذلك نلاحظ عدم أمتلاك صحفينا الكثير من المؤهلات والمهارات المميزة والتي تجــــعلهم في المقدمة، وخلال تصفحك وسائل التواصل الأجتماعي سوف تجد الكثير من الأقــــلام المقززة والمشمئزة ذات المستوى الثقافي الدنئ، كذلك تلاحظ بوجود الكثير من المــواقع الرقميـة الرخيصـة، تتميز بفقــرها الثقافي والصحفي،قلة الخبرة وتنشر المواضيع بغزارة وهمها الوحيد هو الحصـــــول على أكثر عدد من الأعجاب والمشاهدة للحصول على مكاقأة معينة او نشر أعلان مادي. والقســم الأغلـــب منها تكون غير مستقلة بقرارها وتقع تحت قرار سطوة المؤسسات السياسية والدينية.لذلك اذا أردنا تقييم مسيرة صحافتنا السريانية وجب علينا تقوية الكادر الصحفي وفــرز المواضيع المنشـورة حسب قوتها الثقافية والأكاديمية وبعيداً كل البعد عن السوقية، ومن ثم أستخدام الصحافة في اٍطار بعيد عن الأملاءات الحزبية والكنسية الضيقة، وكذلك اٍيجاد مؤسسات مستقلة بعيدة عن تسلط الأحزاب والقيادات الأخرى لكي يتمتع الصحفي بحرية التعبير عن منشوراته، وهناك نقطة مهمة الا وهي ضخ رؤوس أموال لدعم المنظومة الصحفية والدعم المادي للحفي نفسه .