( سيرة وجع عراقي ) …. كتاب في محنة
في الثاني من شهر تشرين أول المقبل تمر الذكرى الثالثة على رحيل الشاعر العراقي الكبيـر ” على الشباني ” الذي يعد واحداً من أهم ركائز الشعرية العراقية للشعر الشعبي ، وقد أعادتني ذكراه الى حديثي في أمسية العام الماضي التي خصصها منتدى كزار حنتوش في الديوانية لإستذكار الشاعر الراحل عن الحيف الذي لحق بهذه القامة الشعرية ، الحيف الذي تجسد بإهمال استذكاره من قبل العناوين العديدة التي انتمى اليها الشباني ، ومن جملة ماذكرت هو ظلم الاقربون له الذي يعد ( أشد مضاضة …… ) وقلت بالحرف ( لو كان الشاعر علي الشباني على غير انتمائه المعروف لرأينا اليوم تمثاله شامخا وسط المدينة لقاء ماقدمه الراحل من تضحيات وجهد نضالي أقرب للإسطورة وكذلك لإرثه الثقافي المتميز في مسيرة الابداع العراقي ) . ولكن للأسف لم يحظ ولو بالشيء القليل من الوفاء والاستذكار الا من قبل عدد قليل من اصدقائه المقربين .
وفي ذكراه الثالثة تحيلني مأساة هذا الشاعرالى قصة كتابي عنه ( سيرة وجع عراقي ) الذي مايزال حبيس أدراج المطبعة منذ اكثر من عامين ، فبعد أسابيع قليلة على رحيله فاتحني احد الاصدقاء الذي يمثل احدى العناوين الثقافية و يشترك معي بصداقته للشاعر بضرورة ان نقدم كتابا عن الراحل وفاءاً منا لذكراه وما قدمه من تجربة رائدة في مجال القصيدة الشعبية وقد كلفني بهذا المشروع النبيل مبديا استعداده تحمل كلفة طباعة الكتاب على نفقته الخاصة ، ولأنني كنت متحمسا لنيل هذا الشرف فقد وافقت على الفور وعكفت على مدى (3) اشهر من العمل الى ان انتهيت من الكتاب متوجا اياه ( سيرة وجع عراقي ) عنوانا له لما في تجربته الحياتية والابداعية من اسى وألم كانا وراء رحيله المبكر ، وقد جاء الكتاب بصفحاته الـ ( 264 ) وفصوله الخمسة يمثل محطات في التجربة الحياتية والابداعية للراحل ، وعندما أعلمت الصديق بالانتهاء من الكتاب فقد خولني الاتصال بأي دار نشر يتولى طباعة الكتاب فكان اختياري لدار نشر ميزوبوتاميا حيث اتصلت بالكاتب مازن لطيف صاحب الدار وبتدخل من الصديقين الشاعرين كاظم غيلان وريسان الخزعلي قام بتنضيد الكتاب وأعلمني بكلفة طباعة الف نسخة منه ، وعلى الفور أخبرت الصديق المتبرع بالكلفة لمراجعة الدار من أجل التفاوض وتوقيع العقد ، الا ان الاخير يبدو انه لم يكن على كامل الاستعداد لتحمل الكلفة و ترك الأمر دون اختيار طريقاً آخر ، ولمضي فترة طويلة على بقاء الكتاب اسيرا لدى الدار المذكور فقد اتصلت بأحد قيادي الحزب الشيوعي العراقي ـ اللجنة المركزية ـ لتبني طباعة الكتاب وفاءا للشباني صاحب التاريخ الحافل بالنضال والتضحيات في مسيرة الحزب ، اثنى الاخير على المشروع وبارك جهدي ووعدني خيرا وطلب مني الاتصال بالمسؤول الثقافي في الحزب وللأسف لم أجد من الأخير بعد اتصالي به اي اهتمام يذكر ، وبقي الكتاب ليومنا هذا يعيش الوحشة في أدراج المطبعة .
أهمس لك بحرقة وألم وأقول إسترح صديقي .. ياصاحب العمر الذي انهكته الخسارات ، فليس غريبا ان تعيش ذكراك كل هذه الوحشة ..فأنك عشتها في حياتك وفي ” عشك ماينكال “
( مستاحش …
تمر بيّه السجج سكته .. وأرد مذبوح
لن طولك بعد مامش
ولك عمري عطش .. عمري مهر مجنون
ولك عمري تعنالك .. يهلبت جلمه بيك تهون
آني الطحت بدروبك مذّله .. وهم
أفر كلبي بسواليفك وأطيحن دم )