لكم يعجبني قول أحد أصدقائي الأعزّاء “سنّي” قولته الّتي طالما تحضرني في مناسبات مناسبة ( السنّة العراقيّة مصطبغة باللون شيعي ) وأنا أضيف إليها دائماً فور تذكّري لتلك المقولة ( السنّة المصريّة مصطبغة باللون شيعي كذلك ) ! .. ليس لأنّ الفاطميّون حكموا مصر وتركوا في المجتمع بهذا اللون من أطياف “الإسلام” ؛ على العكس فقد تشبّعت الذاكرة المصريّة الجمعيّة بكلّ ما يسيء لذلك العهد من الحكم ولعلّنا لو انتبهنا للأشرطة السيمائيّة المصريّة “العربيّة” القديمة خاصّة منها مثلاً فإنّنا سنلتقط منها على سبيل المثال ما تعتبر لغاية الآن “سُبّة” ضدّ المتشيّعون في التراث الشعبي المصري : “يابن الّرفَضيّ” ! , ولكنّ “الطبيعيّة” في السلوك .. لأنّ الميول والسلوك برأيي هي الّتي تحدّد نوع الاصطفاف الحزبي أو العقدي فيما بعد لدى الإنسان لو شابت المجتمع الّذي يعيش فيه تحزّبات واصطفافات , تجعل من الشعب المصري أكثر ميلاً للمعتقد المذهبي الشيعي لو أخذنا بعين الاعتبار التشابه السلوكي بشكل عام بين المجتمع العراقي وبين نظيره المصري والّتي تعد من بين أكثر المجتمعات العربيّة تشابهاً حدّ التطابق التام ولكن فقط “ينقصه” الغلوّ كي لا نفرّق بعدها بين الشعائر السنّيّة في مصر , أو العراق , وبين الشعائر الّتي يستحبّها “شيعة” العراق ! رغم رفضي رفضاً قاطعاّ التديّن والدين وفق الشعائريّة المتداولة اليوم ووفق الفهم العقيم لتلك الحركة المحمّديّة العظيمة ووفق التراث من الخزين المكتبي المتهرّئ المتراكم عبر العصور والبعيد عن جوهر الدافع الحقيقي الّذي دفع الرسول لإعلانه الإصلاح بدءً من “قمّ” فأنذر ؛ وما إلى ذلك من ترسّبات ذات طابع مسيء للعقل البشري كان يجب بها إدخال الإسلام “منشّط” تصحيح إصلاحي شامل منذ مروره بمئة عام الأولى لو أخلصت النيّة حينها على غرار “برسترويكا” ؛ وتلك الترسّبات تجعله راكداً يدور في العقل في حلقة مفرغة كما يقال , حول نفسه لينتحر في نهاية المطاف “وهو ينتحر بأصحابه فعلاً كما نشاهد ذلك الان عبر الفضائيّات من قتال بين من يسمّون أنفسهم مسلمون” رغم أنّي لا زلت “أصلّي” لو شاهدها رغم شكلها المنضبط ؛ “العريفي” أو القرضاوي لانتحرا كلّ منهما يطلق النار على الآخر ! ولكن لأسباب أعتبرها سلوك لا بدّ منه سبق وإن اتّبعه المصلح الاجتماعي الرسول الكريم نفسه ليكون قريباً من النمطيّة الاجتماعيّة السائدة بقوّة آنذاك مخافة الانعزال عن المجتمع أو سيعتبر غريباً عنه أثناء ما يدعوهم للإسلام .. كما وأنا حافظ للقرآن حفظته عن ظهر قلب وأنا في الخمسين من عمري حفظاً لا “نمطيّة” فيه إطلاقاً وكم وددت أنّ أدبّج توقيعي “كتبه الفقير إلى االله ـ الحافظ ـ طلال المعروف بالصالحي” .. !! .. وهي نمطيّة “فنّيّة” اتّبعها الأوّلون في التدوين أو في الفنّ أذيّله نهاية كلّ لوحة “خطّيّة” ليس حبّاً في “الخطّ العربيّ” باعتباري أفضل خطّاط في العالمين العربي والإسلامي سبعينيّات القرن الماضي رغم أنّني , ولولا المقال طابعه الخوض في “الديني” لما تطرّقت لمثل هذه الأمور الّتي أعتبرها قد ولّت لارتباطها بالكهنوت وبالتخلّف وبالجمود العقلي” أعتبر نفسي لا زلت كذلك أهمّ “خطّاط” في العالم شرط لو أضفنا للنمطيّة القواعديّة المعروفة في الخطّ الحروف التصميميّة الحديثة مجموع معها متطلّبات “الجشتالت” في العصر الحديث ؛ ولكنّ لأسجّل حضوراً تاريخيّاً على شريط الزمن المرسل من عمقه القديم لا علاقة للحاضر به إطلاقاً وهي نمطيّة مجرّد أن أنقش فيها علامة لذلك الزمن أقول له فيها “ها قد شاركتكم ثقافتكم ” ! ..
يوجد مثل مصري “كلّو عند العرب صابون” ! هو مثل مصري مشاع ؛ أيضاً لا زلت أتذكّره قاله يوماً للتندّر أستاذ مصري لنا في مادّة “التصميم” ويعني المثل أنّ تنظيف اليدين سواء بالطين أو بالحشائش أو بالصابون “الميري” كلّه صابون طالما هدفه تنظيف اليدين أو الجسم من “الجنابة” أو غيرها ! .. لا فرق اليوم برأيي الشخصي وفق هذا المثل الّذي سقته بين شعائر وأخرى لطالما هنّ بنات توجّه فكري واحد هدفها واحد وخاصّةً لو كان ذلك الفكر قديم وأصبح يدور في الوجدان حول نفسه أصبح بمثابة “متميّز” اجتماعي لا أكثر لدى جميع المنتميات أكثر منه فهماً عميقاً للحياة كما وعيها رسولنا الكريم ووعيها من قبله ومن بعده كلّ فلاسفة الإصلاح وإلى يومنا الحالي ولا تقتصر على مساحة جغرافيّة بعينها يقطنها تجمّع بشري دون أخرى .. فمثلاً .. نحن “غربيّون” تقريباً .. الكثير منّا نرتدي “الكاوبوي” والسترة والبنطال والحذاء الّلماع و “الماركة” الفلانيّة وقصّة الشعر كذا الخ .. وإذا أردنا التأكّد من هذه “الغربيّة المعولمة” فينا فلننظر علاوةً على ملبسنا طرق تعليمنا وطرق فهمنا الغربيّة لتصوّر كلّ منّا عن شكل حياته المستقبليّة .. فمن منّا , الرجال مثلاً , وعوائلنا والتربية الّتي تربّينا عليها وتغلغلت فينا تدريجيّاً دون أن نعي ذلك , من منّا لا يفكّر بذات الأسلوب للمستقبل المتشابه مع الفرد الغربي “الكافر” الّذي نسعى إليه ــ روضة تسبقها حضانة إن أمكن تعليم ابتدائي ومتوسّط وثانوي أو ثانوي مهني ثمّ جامعي أوّلي ثمّ بقيّة التسلسل العلمي كما وأنّ كلمة “دكتور” مستساغة أكثر بكثير من كلمة “شيخ” ! ثمّ يعقبها بعد الدراسة الجامعيّة الأوّليّة “زواج” من وسط اجتماعي مغري وتعيين براتب جيّد لا يبعد عنّ عشّ الزوجيّة كثيراً , شيعةً وسنّة , ويحبّذ رصيد في البنك وسيّارة ومسكن .. والجنس اللطيف كذلك أحلامه ـ لو مهندس لو ما أعرّس ـ ! وليس أمنية “عنترة” أو “رستم وسهراب” ! .. يعني المجتمع تغيّر ولم يعد “سدّ الثغور” لازمة اجتماعيّة وغيرها من تعاليم دينيّة “سفر برلك” بل خدمة عسكريّة إلزاميّة لا كيفيّة ومتما صعدت النخوة في العروق ويكون العدوّ عندها خشّ عندنا وسط الدار ! ..
أنّ ما نشهده اليوم من “صحوة” دينيّة هي في حقيقتها ترويج إعلامي عن حالة “إسلام” غير حقيقيّة مضى وقتها هدفها خلق فوضى اجتماعيّة وفتن طائفيّة يسهل عبرها ابتزازنا وتطويعنا لقوى اقتصاديّة وعسكريّة أخرى أعظم منّا بكثير .. الكلمة “صحوة” تسبق “دينيّة” مبتكر اصطلاحي تمّ إخراجه من أدراج دوائر غربيّة لحشد أكبر حشد قتالي “جهادي” لوقف الزحف “السوفييتي” الّذي بدأ بقرع أبواب الشركات العابرة في الخليج العربي وصولاً إلى أوروبّا .. والـ “صحوة” في العراق دلالة ودليل على الفاعل الأصلي الّذي وقف خلف هذا التجمّع “الإجهاضي” ! ..
وكاعتراف منّا بصعوبة الخروج من هذا المأزق التاريخي الخطر “الفتنة الطائفيّة” يجب علينا أن نخطو عدّة خطوات من حيث لا يتوقّع أصحاب الفتن قبل أن يستحكم فينا أكثر ومن دون داع فيتحقّق المراد لمن أشعلها وفتح لهذه الفتن فضاء بسعة ( 600 قناة فضائيّة دينيّة وشبه دينيّة ) يُفترض أن لا يسمح بفتحها كونها تبثّ قيم معادية لتوجّهاته الاستعماريّة هو لو وعيها القائمون على هذه القنوات وتمعّنوا فيها جيّداً من منظور الإسلام الحقيقي لا إسلام اللحى والمظهر الخارجي وحفّ الشوارب وإسلام يهتزّ أتباعه لرسوم كاريكاتير ولجبنة دانماركيّة أو فلم “إساءة” لمحمّد أو لدعوة شيخ أو فتوى له باستباحة الجنس تحت باب الشرع واستباحة دم “المسلم” تحت دعوى إقامة إمارة ! وغير ذلك لعرفوا عن سبب كلّ هذا الدعم الغربي الكبير ! .. فيجب أنّ نعي نحن أيضاً وقبل كلّ شيء ونسأل أنفسنا بكلّ صراحة ونجيبها دون طمس أو إخفاء “يخفونه وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون” ! ؛ ؟ هو لماذا إذاً سمح لنا الغرب بفتح هذا الكمّ الهائل من الفضائيّات الدينيّة في حين كان لا يسمح ولو لواحدة منها لو أدركنا كما يُدرك هو أنّ الإسلام الحقيقي معادٍ لطموحاته ! ..
لسنا هنا بصدد تعداد تلك الخطوات الّتي تسعف المجتمع فلربّما نطرحها في مناسبة قادمة ولكنّني أطرح هنا أهمّها برأيي الشخصي هي تذويب الفروقات الشعائريّة الّتي هي أساس الخلاف والاحتقان الطائفي بين مسلمو اليوم الممتدّة جذور خطأ فهمهم للدين لغاية الف وأربعمائة عام أي بعد وفاة عمر بن الخطّاب ولغاية اليوم! إسلام تلعب فيه قوى الاستغلال والاختراق الاقتصادي والأخلاقي والاجتماعي لعبتها الدائمة .. خاصّةً وإنّ عندنا في العراق كلّ شيء أصبح معتاداً لدى الجميع في معرفة ما لدى الآخر وليست بغريبة أو مستحيلة .. فبعد أن أصبحت “الصلاة الجماعيّة “لا كير طرح فيها ولا تعليك !” إذ ليس مهمّا يعني أن تصلّي وأنت مرسل يديك أو متكتّف بهما بعد أن كان ذلك من شبه المستحيلات قبل مبادرة المصلح الاجتماعي المرحوم محمّد الصدر “الأب” الّتي خطاها بكلّ جرأة المصلح الّذي هدفه العراق الوطن أوّلاً وأخيراً .. وهنا ننتظر مبادرة مشابهة لما قام به الصدر يقوم بها الدكتور عبد الملك السعديّ أو من ينوب عنه بإرساله وفود “عزائيّة عاشورائيّة أربعينيّة” للإقامة عند ضروح أولياء العراق ورموزه العظيمة “الحسين علي الشرجي الحمزة الغربي العبّاس” وعند بقيّة أضرحة آل البيت ونصب الخيام وسطها ومشاركة “الشيعة” جميع طقوسهم بما فيها اللطم و “التزنجل” ولو بشكل مسح خفيف ! وضرب “القامة” والسجود على “التربة” ونصب قدور الطهي لأجل إطعام الزوّار تقرّباً إلى الله عند هذه الأضرحة .. وعليه .. فيجب هنا اختيار متطوّعون ! بمثابة “قوّات خاصّة يعني” ! .. أنا عن نفسي ياما لطمت مع احتفاظي “بسنّيّتي” ولم تتأثّر ويا ما ضربت الزردة اللذيذة والتّمن والقيمة وياما نمت وسط “حسينيّة” أنسابي في وسط كربلاء “حسينيّة شاكر العامري” المفتوحة لأهالي الديوانيّة في مناسبات الزيارات وياما نمت هنا في أوروبّا في الحسينيّات بعد “ضرب” هريسة أو زردة أو قيمة عاشوراء وغيرهنّ من مناسبات .. وها تروني أتلمّس جسدي عضواً عضواً فأجده لم ينقص منه شيئاً وأتلمّس “فكري” فأجده تمتّع برحلة جلجامشيّة سحيقة في واد سحيق ولم يحدث له شيئاً ! ..