18 ديسمبر، 2024 7:51 م

في الدولة فصل وعزل … وفي اللادولة تنحية بحقوق ؟!

في الدولة فصل وعزل … وفي اللادولة تنحية بحقوق ؟!

بتأريخ 3/10/2019 ، أعلن المجلس الأعلى لمكافحة الفساد في العراق ، تنحية ألف موظف بدرجات مختلفة . وذكر بيان للمجلس أنه إطلع في الجلسة التي عقدت برئاسة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي ، على تقرير هيئة النزاهة / دائرة التحقيقات ، بخصوص الموظفين الذي صدرت بحقهم أحكام قضائية متعلقة بالنزاهة ، سواء كان هدر المال العام أو تعمد الإضرار بالمال العام أو الإختلاس أو الإثراء على حساب المال العام وغيرها من جرائم النزاهة . وأضاف أن المجلس وجه بتنحية ألف موظف بمختلف الدرجات الوظيفية ، وبمختلف مؤسسات الدولة عن مواقعهم الوظيفية التي يشغلونها ، وعدم تسليمهم أي مناصب قيادية عليا أو وسطى مستقبلا ، لما لذلك من إضرار بالدولة ومؤسساتها ، ويعمق الإثراء على حساب المال العام ويعزز الكسب غير المشروع .

-* إن خلط الطارئون على إدارة شؤون الدولة والعاملين فيها بعد الإحتلال البغيض والبغيظ للعراق الحبيب سنة 2003 ، بين المفاهيم القانونية والإدارية وعدم التمييز بين الوظيفة والمنصب وما يترتب على كل منها ، بفارق النص على ورود العنوان الوظيفي في الجداول الملحقة بقانون الملاك رقم (25) لسنة 1960- المعدل ، وخضوع الموظف لأحكام قواعد الخدمة العامة ، وعدم النص على ورود عنوان المنصب فيه وخضوع شاغله لأحكام وقواعد الخدمة الخاصة ، مؤشرات ودلائل الفشل على عدم معالجة مواقع الخلل في جسد الوظيفة والخدمة العامة ، مع إضافة فساد إداري آخر إلى جملة المفاسد السائدة ، التي يتبجح المجلس الأعلى لمكافحة الفساد وغيره بقطع دابر حالات ومظاهر الفشل والفساد وإستئصالها من جذورها ، من غير أن يثبت بإجراءاته الرصينة صحة وسلامة نتائجها المتطابقة مع نصوص القانون ، وما تفرضه من إتباع الأساليب والوسائل الإدارية اللازمة والضامنة لحقوق الدولة والعاملين فيها على حد سواء . وعليه نصت المادة (7) من قانون إنضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991- المعدل ، على أنه ( إذا خالف الموظف واجبات وظيفته أو قام بعمل من الأعمال المحظورة عليه ، يعاقب بإحدى العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون ، ولا يمس ذلك بما قد يتخذ ضده من إجراءات أخرى وفقا للقوانين) .

-* ولغرض بيان عدم دقة الوصف القانوني والتطبيق العملي كما ورد في بيان المجلس الأعلى لمكافحة الفساد متقدم الذكر ، نثبت نص البندين (سابعا وثامنا) من المادة (8) من القانون موضوع البحث ، حيث النص :-

سابعا – الفصل : ويكون بتنحية الموظف عن الوظيفة مدة تحدد بقرار الفصل ، يتضمن الأسباب التي إستوجبت فرض العقوبة عليه على النحو الآتي :-

أ ­ مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات ، إذا عوقب الموظف بإثنتين من العقوبات التالية أو بإحداها لمرتين ، وإرتكب في المرة الثالثة خلال خمس سنوات من تأريخ فرض العقوبة الأولى فعلا يستوجب معاقبته بإحداها :-

1 ­ التوبيخ .

2 ­ إنقاص الراتب .

3 ­ تنزيل الدرجة .

ب ­ مدة بقائه في السجن إذا حكم عليه بالحبس أو السجن عن جريمة غير مخلة بالشرف ، وذلك إعتبارا من تأريخ صدور الحكم عليه . وتعتبر مدة موقوفيته من ضمن مدة الفصل ، ولا تسترد منه أنصاف الرواتب المصروفة له خلال مدة سحب اليد .

ثامنا – العزل : ويكون بتنحية الموظف عن الوظيفة نهائيا ، ولا تجوز إعادة توظيفه في دوائر الدولة والقطاع الإشتراكي ، وذلك بقرار مسبب من الوزير في إحدى الحالات الآتية : ­

أ ­ إذا ثبت إرتكابه فعلا خطيرا يجعل بقائه في خدمة الدولة مضرا بالمصلحة العامة .

ب ­ إذا حكم عليه عن جناية ناشئة عن وظيفته أو إرتكبها بصفته الرسمية .

ج ­ إذا عوقب بالفصل ثم أعيد توظيفه فإرتكب فعلا يستوجب الفصل مرة أخرى .

-* وعليه فإن (التنحية) هي وصف لعقوبتي ( الفصل والعزل ) بإبعاد الموظف وإزالته عن مركزه القانوني لمدة محددة بالنسبة لعقوبة ( الفصل ) ودائمة ونهائية بالنسبة لعقوبة ( العزل ) ، وهي كما جاء بمعاجم اللغة العربية بمعنى ( عملية نزع للقلب الإداري أو المسؤولية الإدارية ، وما يصاحبها من إمتيازات من شخص أو جماعة معينة إلى فرد أو جهة أخرى ، لعدم الإلتزام بقواعد العمل أو عدم الرغبة في الإستمرار فيه ) . وليس كما ورد بأن التنحية تفضي إلى ( عدم تسليمهم أي مناصب قيادية عليا أو وسطى مستقبلا ) ، وبدون التفريق بين المفصول والمعزول وبين الوظيفة والمنصب اللتان يمكن العودة إليهما ، سيما وأن الفصل أو العزل لأسباب عديدة ومنها السياسية ، قد أصبحا من مقومات إسناد المناصب والوظائف العليا والوسطى في السلطات الثلاث ، وسواء نص القانون عليها برؤى سلطات الإحتلال وحكوماته المتعاقبة أو لم تنص التشريعات الجديدة عليها ؟!.
-* إن عدم الإعلان عن أسماء وعناوين وظائف (1000) موظف ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية متعلقة بالنزاهة ، سواء كان بسبب هدر المال العام أو تعمد الإضرار بالمال العام أو الإختلاس أو الإثراء على حساب المال العام وغيرها من جرائم النزاهة ، يثير الشك بمصداقية القرار الصادر إبان تظاهرات أكتوبر 2019 ، لإمكانية الإعلان عن ذلك تدريجيا وعلى شكل مجموعات متتالية وبالتتابع الزمني ، الضامن لتحقيق الردع المطلوب شكليا لمن تسول له نفسه إشاعة مظاهر الفشل والفساد الإداري والمالي والتربوي ؟!. بدليل ضمان نص المادة (13) من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014- المعدل بموجب قرار المحكمة الإتحادية العليا المرقم 36/ إتحادية / إعلام / 2014 ، لحقوق البعض من أصحاب التنحية ، حيث (( لا يمنع عزل الموظف أو فصله أو تركه الخدمة أو إستقالته من إستحقاقه الحقوق التقاعدية ، ولا يصرف الراتب التقاعدي إلا إذا كان قد أكمل ( 50 ) خمسين سنة من عمره ولديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (20) عشرين سنة ، وفي كل الأحوال لا يصرف الراتب التقاعدي عن الفترة السابقة لتأريخ إكماله السن المذكور )) ؟!.