23 ديسمبر، 2024 8:25 ص

في الحب والجنس والزوايا الثلاث – مقدمة سيكولوجية

في الحب والجنس والزوايا الثلاث – مقدمة سيكولوجية

توارثت الحضارة الإنسانية الحب من أسلافها الحيوانية في سلم التطور البيولوجي وأعادت إنتاجه على نطاق واسع  وبتعقيد لا مثيل له يكاد يغطي كل ثنايا الحياة الإنسانية وتفاصيلها الدقيقة متأثرا بالثقافة واللغة في أشكال التعبير عنه وحدة الإحساس به, حتى باتت مفردة الحب من أكثر المفردات إلهاما في الشعر والموسيقى والغناء والأدب ومختلف الفنون, وحتى في الخطابات السياسية, وان كانت في الأخيرة غير مباشرة وغامضة, ولكنها أيضا تدعي ” الحب ” لتضفي على السياسة بعدا أكثر آنسنه من المصالح الضيقة, بل حتى حروب الحضارات كلها كانت تحت شعارات إشاعة العدل والحق والمحبة بين الناس, وأصبح الحب شعار معلن في الحرب والسلم وكل حسب طريقته, حتى باتت مفردة ” أكرهك ” في سلة المهملات, بل أصبح من العيب في اغلب الثقافات استخدامها على الإطلاق حتى مع الأعداء أو مع من تختلف معهم, فكانت كلمة ” أكرهك ” من العيب أن تنطق في أكثر المناسبات كراهية بين البشر, وكانت تحل محلها في مناسبات الخصام كلمات مثل ” لا أرغبك “, أو ليست لدينا ” لغة مشتركة “, أو ” لا أستطيع التفاهم معك ” أو ” أشكرك نلتقي مرة ثانية ” في محاولات لإعادة بناء الحب من جديد !!!!!.

وعلى الرغم من إن الفطرة الإنسانية مبنية في معظمها على ثلاثي الحب والجنس والعدوان, إلا إن الحب استطاع أن يهذب الجنس كفعل ميكانيكي بحت ويضيف عليه أبعاد جمالية لا حصر لها في الممارسة العملية, متجاوزا حدود الحاجة الفسيولوجية له كمصدر للإشباع المباشر أو للإنجاب. كما استطاع الحب الاستحواذ على العدوان والتخفيف من وطأته وإعادة صياغته بواجهات مختلفة, حتى أصبح العدوان مفهوما مبتذلا في التداول رغم حضوره المكثف والعنيف في السلوك الإنساني نظرا لارتباطه الوثيق بين مكوني الجنس والحب, لأن هذا الثلاثي يرتبط اشد الارتباط بآلية البقاء والاستمرار. ويشكل العدوان ” المنافسة بمظاهرها المختلفة ” آلية غير منقطعة لإشاعة الحب, حيث أن الطبيعة الإنسانية تسعى في محطاتها النهائية لإشاعة الحب والمودة والاستقرار !!!!!.

يرتبط الحب بالجنس اشد الارتباط بشكل مباشر أو غير مباشر, وقد أورثته الفطرة الإنسانية من أسلافها, ولعل في نماذج بعض الحيوانات مما يثير الاستغراب, فحينما يصيب بعض الطيور الهزال لحد الموت بسبب فقدان قرينه, فأن هذا لا يمكن أن يعزى فقط إلى غريزة الجنس البسيطة التعقيد كفعل مباشر, وإنما يجب أن يشترك فيه تحابك وتداخل متبادل بين الغريزة الجنسية وبين العناصر الأخرى للحياة لدرجة يمكن أن تكون نادرة الحدوث حتى في عالمنا المتمدن, بل إن بعض الحيوانات تدفن أمواتهم كما هي الحال لدى الإنسان العاقل, فهل ذلك هو الإيمان بحياة أخرى بعد الموت أم تكريما لهم, أم حبا لهم !!!!!.       

ونظرا لطبيعة الحب الافتراضية الهائلة والتجريدية فقد كثرت التعريفات عنه وبقت قيد النقاش والاختلاف وتعددت مظاهر التعبير عن الإحساس به بالكلمات حتى أنتجت كم هائل من التصورات عنه في محاولة للاقتراب من طبيعته وفك رموزه. فالحب في إحدى تعريفاته: ” هو مشاعر تحقق التقارب والتجاذب بين البشر, أو الاستمتاع بالتواجد مع طرف آخر. والحب أيضا يصف مشاعر من العاطفة وهو الفعل الذي يتصرف فيه الإنسان عن عمد ولكن باستجابة رقيقة فيها تعاطف تجاه الآخرين “

وفي تعريف آخر للحب: ” هو شعور بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما أو شيء ما, وقد ينظر إليه على انه كيمياء متبادلة بين اثنين, ومن المسلم به أن الجسم يفرز هرمون الأكسيتون المعروف ب ” هرمون المحبين ” أثناء اللقاء بين المحبين. ومن المعلوم هنا إن هذا الهرمون الذي ينطلق من منطقة الهايبوتلاموس الدماغية والذي يسهل ثقة الناس ببعضهم البعض ويسهل تقديم الحب للآخر المنتمي إلى المجموعة فقط, فهو خاص جدا, كما يسهل للإناث الارتباط الشديد للعناية بصغارها, ويبقي الذكر أحادي الارتباط بالإناث ويجعل الناس يثقون ببعضهم البعض !!!!.

وفي علم النفس كما هي العادة نجد تصورا للحب ذو مغزى خاص حيث يجري البحث عنه في عمق الشخصية الإنسانية, ويجري هنا تعريفه بأنه تطابق قناعاتنا ومخزون عقلنا الباطن مع مواصفات شخص معين نلتقي به صدفة, أو بترتيب مواصفات وبرمجة معينة للصورة التي يجب أن يكون عليها الأشخاص لدى عقلنا الباطن والذين يجب أن نحبهم, أو نفكر بالارتباط بهم, وتأتي منظومة البرمجة هذه مما اكتسبنها من بيئتنا الأسرية ومحيطنا الاجتماعي, كالأصدقاء, والمدرسة, ووسائل الإعلام. فيستقبل العقل الباطن صورة الأم والأب, وعلاقات الذكور والإناث داخل الأسرة, وسلوك كل منهم حسب جنسه, وتفضيلاتهم لشكل المرأة, وحديثهم عن مواصفات معينة ينبغي توافرها في كلا الجنسين, وكلام الأصدقاء عن مواصفات الفتاة أو الشاب الذين يرغبون بالارتباط ببعضهم, أو التعرف على بعضهم, والصورة التي تقدمها وسائل الإعلام عن كلا الجنسين !!!!.

وإذا كان الحب لدى الحيوانات الدنيا بدائيا بملامحه وطبيعته البسيطة فأنه لدى الإنسان أكثر تعقيدا, بل هو احد السمات البشرية, أو السمة التي تجعل من الفرد إنسان بشري عاقل, بل هو أكثر العوامل سببا في ديمومة الإنسان وبقاءه على وجه الكرة الأرضية, فيأخذ الحب هنا مظاهرا مختلفة وثيقة الصلة ببقائه واستمراره وتحسين ظروف عيشه, فهناك حب النفس أو العقل ـ حب العمل ـ حب الجسد ـ حب الطبيعة ـ حب الطعام ـ حب المال ـ  حب العلم ـ  حب القوة ـ الحب الجنسي ـ حب الحيوان وتربيته ـ حب احترام الآخرين ـ حب الأطفال ـ حب الوطن ـ حب الفريق الرياضي ـ حب العلم وغيره من مظاهر الحب المختلفة, والحب هنا هو قوة الجذب الايجابية التي تربط أفراد الجنس البشري, بل هو الحافز الايجابي الذي يجعل الحياة جديرة بالعيش, وتسودها المتعة والسعادة ودقة الانجاز والسعي للحصول على أرقى المعارف الإنسانية وفهم العالم من حولنا كما هو الحال في فهم ذواتنا. وهذا لا يتم إلا من خلال المشاركة مع إنسان آخر نرى فيه شريكا لمختلف أوجه الحب !!!!!.

وقد وردت للحب مفاهيم وتعريفات ضمنية مختلفة على لسان الأدباء والفنانين والفلاسفة والعلماء وغيرهم, قد تفيدنا هنا في الاقتراب من مفهوم الحب والتعرف على طاقته الكامنة في التواصل الإنساني, ومن بين تلك الأحاديث هي:

ـ الحب جحيم يطاق والحياة بدون حب نعيم لا يطاق… الحب أعمى ( ويليام شكسبير )

ـ الحب كالحرب من السهل أن تشعلها ومن الصعب أن تخمدها… الحب سلطان لذلك فهو فوق القانون ( سيمون دي بوفوار)

ـ من يحب … يحب إلى الأبد ( أفلاطون )

ـ الحب عند الرجال مرض خطير.. وعند المرأة فضيلة كبرى ( أنيس منصور )

ـ الحب اشد أنواع السحر فعالية ( ستاندال )

ـ فأن قليل الحب بالعقل صالح… وان كثير الحب بالجهل فاسد ( المتنبي )

ـ الحب استمرارية ونقاء, والكراهية موت وشقاء ( جون كيتس )

ولعل بعض الإحساسات والمشاعر الإجرائية والعملية المنبثقة من اللقاء بين الشريكين تجسد مغزى الحب في أوضح صور ممارسته النفسية وانعكاساتها على سلوك المحبين, مما يجعل من ديمومة الحب واستمراره عنصرا فاعل لتقوية الشراكة وسر بقائها, وهذه بعض منها:

ـ الإحساس انك تستمد من الطرف الشريك الحماس والنشاط
ـ الشعور بالأمان
ـ الإحساس بالذنب عند القسوة مع الشريك
ـ لا ارغب في رؤية الطرف الآخر حزين
ـ استطيع أن أتجاوز أخطائك المؤقتة وعثراتك العابرة
ـ اهتم بمصلحة الشريك دوما
ـ تمضية اغلب الوقت مع الشريكين
ـ اكتشاف كلا الطرفين لاهتمامات الآخر والقدرة على إشباعها سوية
ـ الدعم المتواصل لكلاهما لمحاولة صد أي فشل محتمل لتصدع العلاقة
ـ الإحساس النفسي بالزمن, أنه يمضي سريعا وغير كافي دوما للقاء مما يسهم في إعادة اللقاءات لإشباع الحاجة لتواجد كلا الطرفين مع بعضهما
ـ الحاجة المستمرة وغير المنقطعة لكلا الطرفين للتخطيط لمستقبل العلاقة والقلق المشروع على رعايتها
ـ القدرة المستمرة على تجديد العلاقة وبعث الحياة فيها من خلال البحث عن الاهتمامات المشتركة, الفنية والأدبية والثقافية, وتطوير المساهمات المشتركة فيها لكلا الطرفين
ـ القدرة والثقافة المشتركة على إشباع حاجات طرفي العلاقة من خلال تكثيف عنصر الرومانسية اللازم لديمومتها

 وفي إطار الروابط المعقدة بين الجنس والحب فأن من دوافع اللياقة الأدبية والجمالية أن كلمة ” حب ” تستعمل لتغطية أي مظهر من مظاهر الدافع الجنسي. ومن هنا تأتي أهمية التميز بين ” الشبق ” وهو الدافع الجنسي الفسيولوجي أو الوظيفي, وبين الحب وهو الدافع المرتبط بدوافع أخرى. وتجري محاولات عديدة للتميز بين الشبق والحب, كما هناك العديد من التعاريف التي تحاول التميز بينهما. وهنا يمكن القول بأن الحب عبارة عن توليفة بين الشبق والمودة, وانه حصيلة التفاعل بينهما. وعند النظر إلى المسألة من جانبها الفسيولوجي فأن ” فوريل ” يؤكد بأن الحب هو غريزة جنسية تظهر من خلال المراكز الدماغية ذات الصلة. كما أن ” كانت 1798 ـ 1857 ” يرى أن الحب هو الدافع الجنسي المتحرر من عبوديته ذات الصفة الدورية ويصبح دائما من خلال التصور. كما استنتج ” بفستر ” أن أفضل تعريف للحب هو أن الحب شعور بالانجذاب, وحس من الاستسلام المطلق, نابع من الحاجة, وموجه نحو هدف يحقق الأمل بالرضا, وهكذا تتنوع التعاريف نحو فهم أوضح !!!.

في الوقت الذي يصبح الحب بوضوح في شكله الأكثر تطورا دافع تضحية وإيثار تامين, فانه منبثق من دافع أناني, وحتى حينما ينطوي على التضحية بالنفس فأنه يبقى هناك إرضاء أناني ناتج من الدوافع البيولوجية والنزعة إلى البقاء. وقد أكد فرويد ( 1856 ـ 1939 ) طبيب الأعصاب النمساوي ومؤسس مدرسة التحليل النفسي في” محاضراته التمهيدية “, كما أكده غيره, على وجود هذا المصدر الأناني, كما أكد في مكان آخر بأن الحب من حيث المبدأ نرجسية, على الرغم من الحب يتميز فيما بعد في كونه منفصلا عن  مصدره. في التطور نحو الحب فأن الدافع الجنسي الذي في مستهله يكون أنانيا بصفة سائدة, يصبح أيضا, وبوعي, دافعا أيثاريا. وتحت ظروف طبيعية اعتيادية, هناك عناصر ايثارية من بداية التطور الجنسي, وعند تطور الحب فأن عنصر الإيثار هذا يصبح محسوسا ومتطورا بدرجة عالية, وقد يقود حتى إلى إخضاع كامل للعنصر الأناني, وهذا ما تعكسه الروابط المشتركة في العلاقات الأسرية, حيث يمتزج الحب الجنسي لدى المرأة فيما بعد بالرقة والصبر اللذين يوقظهما الأطفال فيها, كما أن الحب الجنسي عند الرجل يمتزج مع عنصري الحراسة والحماية اللتين تتضمنهما الصلة الأبوية. وعلى خلفية ذلك تصبح هذه العلاقات جزء من بناء المجتمع وتطوره !!!.

وحينما يتطور الحب تطورا تاما فأنه يصبح عاطفة معقدة تعقيدا هائلا, ويصبح ” الشبق ” في أفضل معانيه ليست إلا سوى عنصر منسق بين العديد من العناصر الأخرى. وقد حلل ” هربرت سبنسر 1820 ـ 1903  ” الحب في كتابه ” مبادئ السيكولوجي ” إلى تسعة عناصر تتسم بوضوح بقدر ما, هي: الدافع البدني للجنس, والشعور بالجمال, والعاطفة, والإعجاب والاحترام, وحب الاستحسان, والغرور وحب الذات, والشعور بالتملك, وحرية واسعة في التصرف عند غياب الموانع الشخصية, وأخيرا الإفراط في التعاطف والمشاركات الوجدانية. لقد استنتج ” سبنسر ” أن هذا المزاج يندمج في تجمع هائل تنبثق منه معظم تهيجاتنا الأساسية. وحتى هذا التحليل الذي أريد له أن يكون شاملا فأنه لم ينجز تلك المهمة الصعبة, كما أهمل الحب المستند إلى الروابط الأسرية, مع انه عنصر هام !!!.

وعلى الرغم من تعقيد طبيعة ” الحب ” وصعوبة البحث به وضبطه كظاهرة نفسية ـ اجتماعية وبيولوجية وتربوية وثقافية, وبسبب من تنوع المتغيرات المتداخلة فيه وحجم تأثيرها على تشكيل مسحته العامة, إلا أن علم النفس الحديث خطى خطوات جدية لقياس الحب وتوصيفه وتحديد مكوناته الأساسية, واستخراج مكونات فرعية لشتى مظاهر الحب, مما أسهم بشكل كبير تقريب فكرة ظاهرة ” الحب ” ووصفها على طريق القياس العلمي, بل وحتى تقويمها ووضع محكات معرفية لمفهوم ونوع الحب. ونشير هنا إلى ” نظرية مثلث الحب ” التي وضعها في عام 1986 عالم النفس الأمريكي ” روبرت ستيرنبرغ “, المولود عام 1949, وهو عالم نفس قياسي ومعرفي, كرس أبحاثه في مجالات: الذكاء والإبداع, أنماط التفكير, صعوبات التعلم, الوظائف العقلية العليا, الحب والكراهية, القيادية, وله نظريات في الذكاء والإبداع والموهبة.

يفترض ” روبرت ستيرنبرغ ” ثلاث زوايا للحب على المثلث, كعادة المثلث الهندسي, وهي: الألفة, والعاطفة, والالتزام أو قرار العهد. وإذا توفرت هذه المحتويات الثلاثة بحضور كامل فنحن أمام حالة الحب التام. أما فحوى هذا الثلاثي فهي ما يأتي باختصار شديد:

1 ـ الألفة: وتعني الإحساس بالقرب, الترابط والاتصال مع الشخص الذي تشاركه أسرارك وتكلمه عن أشياء خاصة بك, وهو شخص تربطك معه علاقة حميمة, وتستطيع الاعتماد عليه وقت الحاجة وتثق بوجوده معك, ويكون بينك وبينه فهم ناضج.

2 ـ العاطفة أو الرغبة أو الشغف: والمقصود هنا هو الرغبة الجنسية أو التواصل بمعناه الجسدي لكي يكونا الشريكين معا, بما يؤدي إلى الممارسة الجنسية. وتلعب الثقافة الجنسية هنا دورا مميزا لطبيعة الإشباع وصوره , بما يبعث على النشوة والافتتان والعاطفة والجاذبية الطبيعية.

3 ـ القرار والتزام والوعد بين المحبين: ويعني ببساطة القدرة على تطوير العلاقة والالتزام بالحفاظ عليها, والبحث عن سبل ديمومتها. ويدخل هنا عنصر الوعي والإدراك الكامل والتضحيات المشتركة في إبقاء العلاقة قائمة, سواء على المدى القصير أو البعيد, أي يعني قرار الأشخاص بالالتزام بالحب والحفاظ عليه.

وعلى ضوء تفاعلات وحضور زوايا المثلث ودرجة تشبعها ببغضها البعض, أو حرمانها الجزئي والكامل من عناصر المثلث, فأن هناك نتاج مختلف ومتنوع لحالات الحب وأشكاله المميزة, ابتداء من  “حالة اللاحب “, وهي الحالة التي تغيب فيها المكونات الثلاثة للحب ( الألفة, العاطفة, والالتزام )!!!.

وكذلك علاقة الميل أو التشابه, وهو الحضور المميز للألفة, أو الصداقة العادية أو العرضية غير الدائمة, على سبيل المثال شخص يشبهك وتشاركه بعض الاهتمامات, وأحيانا بعض الأسرار, وليس هناك التزام من قبلك أو رغبة جنسية بالطرف الآخر , وهي مجرد إحساس بالقرب والألفة للمشاركة بعض اللحظات, وكذلك غياب عنصر الالتزام مما يجعل العلاقة ليست صداقة بالمعنى الصحيح بل مجرد تشابه. والأصدقاء هنا يأتون ويذهبون ويتغيرون بتغير الظروف !!!.

ثم علاقة الافتنان هو الرغبة والشغف الجنسي, أو الحب من أول نظرة, ويحدث عندما ترى الطرف الآخر لأول مرة, لا يجمعك معه تاريخ مشترك, ولا حتى التزام أو ألفة, وإنما فقط رغبة جنسية جسدية. في هذه اللحظة يكون الرغبة أو الانجذاب الجنسي أكثر حضورا وهو سيد الموقف, أي حضور مكثف للعنصر العاطفي, الذي تمثله الزاوية اليسرى في قاعدة المثلث الذي ارتآه ” روبرت ستيرنبرغ ” .

والحب الخالي, وهو عدم توفر الرغبة الجنسية, وعدم توفر عنصر الألفة, حيث لم يعودوا يشاركون أسرارهم كما كان سابقا. وهذا النمط من العلاقات يجسد نمط العلاقات الزوجية التي انتهت ولم يبقى سوى الأطفال هو المشترك بينهما, ويبقى الالتزام من اجل الأطفال أو للأسباب مادية هو سيد الموقف !!!!.

أما الحب الرومانسي, ورغم عدم الفهم له في الأدبيات العربية, فهو يجسد الرغبة الجنسية بدون التزام . هذا النوع من العلاقات شائع في المجتمعات الأوربية المتحررة من إشكالية العامل الجنسي, ولا يطلق عليها حب إلا بعد دخول عنصر الالتزام في العلاقة !!!!.

وكذلك علاقة الصداقة الدائمة أو الحب ألرفاقي, وهذا النوع من العلاقة تتوفر فيه الألفة وتشارك الأسرار مع الالتزام بالعلاقة دون دوافع ورغبة جنسية بسبب من التقدم في السن أو ضغوطات الحياة أو الملل والروتين في علاقة الحب !!!!!.

ثم الحب الساذج أو الفارغ, ويحتوي على عنصري الجنس والالتزام فقط , ولا شك انه نوع من الحب قد يكون نوع هوليودي من الحب, وتكون فكرته دارجة في الأفلام والمسلسلات. وهذا النوع يتم على أساس الاتفاقات السريعة بين الشريكين دون عنصر الاستقرار الدائم والعميق !!!!.

أما الحب الكامل فهو ذلك الحب الذي تتوفر فيه ثلاثية المثلث بزواياه الكاملة, وهي العاطفة والألفة والقرار بالالتزام, وهو نوع الحب الذي تطمح إليه الفطرة الإنسانية من اجل الاستقرار وإشاعة الحب بمكوناته الثلاث اللازمة للبقاء الفعلي والاستمرار !!!!.